المعارضة الجزائرية ترفض مبادرة دعم بوتفليقة: هروب من الأزمات

06 أكتوبر 2015
تجاهلت المعارضة مبادرة سعداني (فاروق بطيشي/فرانس برس)
+ الخط -
تجاهلت أغلب أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر، المبادرة السياسية التي أطلقها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، يوم الأحد الماضي، والداعية إلى إنشاء جبهة سياسية وطنية لدعم سياسات الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، معتبرةً إياها "مبادرة سياسية فارغة المحتوى لا تستحق التعليق".

يقول المتحدث باسم حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، بن عجمية عبدالله، إنّ "ما أعلنه الأمين العام لجبهة التحرير لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد، على اعتبار أن ما سوّق له لا يرقى إلى مستوى المبادرات الجادة والحكيمة، إضافة إلى لغة التعالي والكبر السياسي ومنطق الحزب الواحد والرؤية الواحدة الذي عودتنا عليه السلطة السياسية الحاكمة وأحزابها".
ويصف عبدالله مبادرة سعداني بأنها "تنمّ عن استصغار الطبقة السياسية والنخب والشخصيات الوطنية وكافة الفعاليات بدعوتهم للالتحاق لا كشريك حقيقي، وإنما كأدوات لتزيين ديكور السلطة والتغطية على فشلها في تسيير الشأن العام".
ووفقاً للمتحدث باسم الحركة، فإنّ هذه "ميزة الأنظمة الشمولية وغير الديمقراطية". وبرأي عبدالله، فإن المبادرة تستهدف "تعويم الساحة السياسية بالمبادرات بهدف التغطية على الفشل في حلحلة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمرّ بها الجزائر، والتي تحتاج إلى مبادرات جادة وحقيقية، مثلما تطرحه المعارضة، وليس إلى مبادرات سطحية وفارغة"، مشيراً إلى أنّ "الكرة لا تزال في ملعب السلطة".
وأعلن أخوان الجزائر، الذين كانوا قد انسحبوا في يونيو/حزيران 2012 من ائتلاف رئاسي كان يدعم بوتفليقة، عن تمسكهم بخيار المعارضة على أرضية مؤتمر "مزافران" الذي عقدته المعارضة في يونيو 2014، والذي تضمنت رؤيتها للحل السياسي من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي عبر انتخابات شفافة ونزيهة ودستور توافقي حقيقي، فضلاً عن تمدين النظام السياسي.

اقرأ أيضاً 27 عاماً على الانتفاضة الجزائرية: أزمة مستمرة وأهداف سقطت 

بدوره، تجاهل حزب طلائع الحريات، الذي يقوده علي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق والمنافس الأبرز لبوتفليقة في رئاسيات 2004 و2014 المبادرة، طارحاً في المقابل تقييماً متشائماً للأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد. وفي بيان أصدره عقب اجتماع المكتب التنفيذي اعتبر أن "زيادة حدة أزمة النظام التي يتعرض لها بسبب ركون السلطة للركود والجمود وانغلاقها على الواقع المعيش، زاد من حدة الآثار والمظاهر المدمرة لشغور السلطة". من وجهة نظره، فإن "حالة الشغور في السلطة، بالإضافة إلى عدم شرعية المؤسسات وفقدانها للمصداقية وافتقادها للثقة هي في قلب العجز الظاهر والمؤكد للنظام السياسي القائم في مواجهة التحديات العديدة والمتراكمة يوما بعد يوم، والتي ستزداد لا محالة تعقيداً وتشعباً في المستقبل". وحذر حزب طلائع الحريات من أن "طرح مبادرات سياسية فاشلة قد يسهم في تضييع مزيد من الوقت والفرص، وقد يوصل البلاد إلى تكلفة أغلى".
من جهتها، لم تتردد حركة النهضة في تأكيد استغرابها من دعوة سعداني لتشكيل جبهة لدعم برنامج بوتفليقة. واعتبر المتحدث باسم الحركة، محمد حديبي، أنّ المبادرة لا تحتمل أي تعليق سياسي عليها، كونها مجرد محاولة للهروب من واقع أزمة سياسية يتخبط فيها النظام الجزائري.

كذلك انتقد حزب جيل جديد، الذي يقوده جيلالي سفيان، محاولة السلطة وإصرارها على الاستمرار في "نفس السياسات والمبادرات الفارغة من أي محتوى سياسي"، مطالباً في بيان أصدره "بتنظيم انتخابات شفافة تقود إلى حلحلة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد".
لكن لم تكن أحزاب المعارضة وحدها فقط من تجاهل مبادرة جبهة التحرير، إذ إنّ الأحزاب الشريكة في الحكومة والموالية لبوتفليقة نفسها تجاهلت المبادرة. حزب تجمع أمل الجزائر، الذي يقوده وزير السياحة عمار غول، كان نفسه قد دعا إلى مبادرة أخرى تحت تسمية "جدار وطني". كذلك، كان الحزب الرديف للسلطة، التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده رئيس ديوان الرئاسة أحمد أويحيى، قد أطلق مبادرة لتشكيل تحالف رئاسي، رفضها حزب جبهة التحرير حينها. وتعكس هذه المؤشرات عدم وجود أي انسجام سياسي بين جبهة الأحزاب الموالية لبوتفليقة.

اقرأ أيضاً: جنرالات الجزائر في مهبّ الملاحقة والاعتقال

المساهمون