المعارضة التركية "المهزومة" تصب غضبها على مناصريها

14 اغسطس 2014
طلاب أتراك معارضون لأردوغان (أدم إلتان/فرانس برس/getty)
+ الخط -

لم يعلن حتى الآن أي استقالات في صفوف قيادات المعارضة التي توحّدت ضدّ الرئيس التركي المنتخب رجب طيب أردوغان، على الرغم من الانتصار الذي حققه الأخير بحصوله على 51.8 في المائة من الأصوات، حاسماً مقعد الرئاسة من الجولة الأولى. وبدلاً من الاعتراف بالهزيمة، خرجت قيادات المعارضة لتعلل انتصار أردوغان بضعف التصويت وضعف الإقبال عند مناصريها.

وقال زعيم حزب "الحركة القومية"، دولت بهجلي، بنبرة غاضبة بعد إعلان النتائج "لو أنّ الناخبين أزعجوا أنفسهم وذهبوا للتصويت لكانت النتيجة مختلفة"؛ الأمر نفسه أكّده زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، قائلاً "لو لم يكن الوقت عطلاً صيفية، ولو ذهب أولئك الذين قاطعوا الانتخابات، والذين لم يذهبوا إلى الانتخابات لأسبابهم الخاصة لما نجح (أردوغان) بـ 51 في المائة، ولكنا ذهبنا إلى الجولة الثانية".

لم يتوقف الأمر عند السياسيين المهزومين، بل انتقل إلى مناصريهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين شنّوا حملة واسعة ضدّ من قاطع الانتخابات من المعارضين لأردوغان، وقالوا إن هؤلاء المقاطعين فضلوا الذهاب إلى البحر على منع أردوغان من الوصول إلى مقعد الرئاسة، ولهذا "لم يعد لهم الحق في الحديث عن حاضر ومستقبل البلاد".

غير أنّ تبرير المعارضة لهزيمتها، وتحميلها المسؤولية للمناصرين الذين لم يصوتوا أمر منافي للحقيقة؛ ففي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مثل ساحل بحر إيجة، تجاوزت نسبة المشاركة 81 في المائة، وهي أعلى من نسبة المشاركة في باقي مناطق البلاد، التي حقق فيها أردوغان الصدارة. فيما تساوت نسبة التصويت في بعض بلديات إسطنبول، كبلدية "قاضي كوي" التي تعتبر معقلاً للمعارضة، مع نسبة التصويت في بلدية "عمرانية"، التي تعتبر معقلاً لحزب "العدالة والتنمية"، الحاكم.

ولذلك، فانّ تبريرات المعارضة غير واقعية، وهي  تحاول أن تهرب من أخطائها إليها، وكان خطأها الأول اختيار الشخصية التي ترشحها للانتخابات الرئاسية، ثم إدارة الحملة الدعائية، بدءاً من البرنامج الانتخابي وحتى وضع الإعلانات.

وبدا واضحاً قبل الانتخابات مدى الصدمة التي عاشها مناصرو "الشعب الجمهوري"، سواء القوميين أو العلمانيين، لجهة اختيار شخصية محافظة متدينة لتمثيلها. كما ظهرت بوادر خلافات كبيرة بين نواب الحزب "الشعب الجمهوري"، بقيادة دينيز بايكال، رئيس الحزب السابق.

وعلى مستوى القاعدة الشعبية، كانت هناك حملة إقناع غير كافية ظهرت في خطاب كمال كلجدار أوغلو، الذي أعلن في اجتماع لكتلته النيابية في مبنى البرلمان "على الجميع أن يذهب للتصويت لأكمل الدين إحسان أوغلو شاؤوا أم رفضوا"، الأمر الذي أثار استهجانا كبيرا من الطريقة التي تقوم بها قيادة المعارضة بمخاطبة الجماهير، بما فيهم الرئيس السابق أحمد نجدت سيزار، الذي لم يذهب للتصويت بسبب انزعاجه من تصريحات كلجدار أوغلو، بحسب الصحافي في جريدة "ملييت" التركية، الكاتب مليح أسيك".

إضافة إلى ذلك، فانّ اختيار رجل بيروقراطي لا خبرة سياسية له، لمواجهة أردوغان الذي يعمل في السياسة منذ أكثر من أربعين عاماً، بقدرته العالية على الخطابة والإقناع وسجله العالي في الإنجازات، بدا أمراً في غاية الغرابة.

أما البرنامج الانتخابي لأكمل الدين إحسان أوغلو، فكانت قلة الخبرة وعدم الحرفية واضحة فيه، إذ إن حزبي المعارضة المتحالفين لم يتفقا، ويدرسا البرنامج بشكل جيد، بحسب محللين، إذ بذل جهد كبير في بداية الانتخابات لإقناع الناخب "الكمالي" بعلمانية الرجل المحافظ إحسان أوغلو وعدم كرهه لمصطفى كمال أتاتورك عبر زيارة قبر الأخير في أنقرة، الأمر الذي لم يكن مقنعاً.

كما أنّ الانقسامات بدت واضحة بين قاعدة الحزبين بعد تصريحات إحسان أوغلو بمساندته الكاملة لعملية التسوية مع حزب "العمال الكردستاني"، الأمر الذي يعارضه أنصار الحركة القومية جملة وتفصيلاً.

إضافة إلى ذلك، عانت الحملة الدعائية لإحسان أوغلو ضعفاً شديداً. وظهر ذلك خصوصاً عند مقارنتها  بحملة أردوغان وعلى جميع المستويات، سواء اختيار رمز الحملة أو شعاراتها، بحيث أثارت صور إحسان أوغلو، حملات كبيرة من السخرية بين المواطنين.

يبدو بأنّ المعارضة وبعد ثماني هزائم متواصلة، لا تريد أن تعترف بأنّ هناك خطأ في طرحها كله. وبحسب مراقبين، هناك عقم في الفكر السياسي المعارض، الذي بدل أن يطرح مشروعاً جدياً، لا يزال عالقاً فيما بات يطلق عليه مشروع "الأنتي أردوغانية"، التي أكّدت فشله خلال أكثر من 12 عاماً.

المساهمون