بدأ المصريون المقيمون في الخارج التصويت على تعديلات الدستور التي أقرها مجلس النواب الثلاثاء الماضي، اعتباراً من اليوم الجمعة ولمدة ثلاثة أيام، من الساعة التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساءً (بالتوقيت المحلي لدولة الاعتماد)، في 140 مقراً انتخابياً في 124 دولة توجد بها البعثات المصرية، وذلك طبقاً للضوابط المنظمة لعملية التصويت المعتمدة من الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر.
وصرح رئيس هيئة الانتخابات المصرية لاشين إبراهيم أن "الهيئة تتابع أولاً بأول عملية تصويت المصريين بالخارج في الاستفتاء، وانتظام عملية التصويت في مقار السفارات والقنصليات التي حددتها الهيئة عبر موقعها الإلكتروني"، مشيراً إلى أن هناك تنسيقاً مستمراً بين الهيئة ووزارتي الخارجية والهجرة لرصد أي مشكلات قد تواجه عملية التصويت، والرد على كافة الاستفسارات المتعلقة بعملية الاستفتاء.
ودعا إبراهيم المصريين في الخارج إلى "الإدلاء بأصواتهم من أجل الوطن، حتى تكون رسالة واضحة للعالم عن إيجابية الشعب المصري، خصوصاً أن الهيئة اتخذت التدابير اللازمة لضمان الشفافية في عملها"، على حد زعمه، مشيراً إلى أن الهيئة استثنت دول ليبيا، وسورية، واليمن، والصومال، من عملية الاستفتاء، نظراً للظروف الأمنية بالغة التعقيد بتلك الدول، والتي تحول دون إمكانية تأمين إجراء الاستفتاء بها.
ونصت الضوابط التي أقرتها الهيئة على أنه يحق لكل مواطن مصري موجود في الخارج التصويت في الاستفتاء، على أن يحمل معه أصل جواز السفر المميكن الساري، أو أصل بطاقة الرقم القومي (سواء سارية أو لا). في حين تبدأ عملية التصويت في الداخل غداً السبت ولمدة ثلاثة أيام، في غياب أي ضمانات لنزاهة عملية التصويت، بعد أن قصرت الهيئة مهمة الإشراف على منظمة مجتمع مدني محلية واحدة هي "ماعت للسلام والتنمية".
وكشفت الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي الضعف الشديد في الإقبال بدول أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، رغم توفير الجاليات المصرية في هذه الدول (بالتنسيق مع السفارات) أتوبيسات لنقل الناخبين إلى مقار الاقتراع، فضلاً عن توفير وجبات للراغبين في التصويت، وتوزيع أعلام مصر على الناخبين، بالإضافة إلى صور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولافتات تأييد تعديلات الدستور.
وفي دولتي الكويت والسعودية، تدخلت السفارات المصرية في عملية التصويت، من خلال توفير أتوبيسات لنقل المواطنين إلى مقار الانتخاب، في محاولة للحشد اعتماداً على الأعداد الكبيرة للمصريين في الدولتين. وفي المقابل، نشر العديد من المصريين العاملين في دول الخليج صور بطاقة الاستفتاء، بعد أن أدلوا بأصواتهم برفض التعديلات الرامية إلى تمديد حكم السيسي، وسيطرته على المؤسسة القضائية.
وتقضي التعديلات الدستورية بمد الفترة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات، وتطبيق المد بأثر رجعي على الولاية الحالية للسيسي، بحيث تنتهي في عام 2024 بدلاً من عام 2022، وترشحه مجدداً لولاية ثالثة تنتهي في عام 2030، فضلاً عن إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسته، والتوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإضافة "حماية مدنية الدولة" و"صون الدستور والديمقراطية" إلى اختصاصات القوات المسلحة.
وسبق أن دعت "الحركة المدنية الديمقراطية" في مصر، التي تضم مجموعة من الأحزاب الليبرالية واليسارية المعارضة، جموع الشعب إلى حماية الدستور بكافة الطرق والأساليب، سواء بالتصويت بـ"لا" في الاستفتاء، أو بأي طريقة أخرى سلمية وحضارية، والتعبير عن موقفهم بحرية وشجاعة بكافة الطرق والسبل المتاحة، باعتبار أن تلك التعديلات تنسف أسس الدولة الدستورية الحديثة.