لا يخفي الطرف الإسرائيلي، في المعادلة التركية ـ الإسرائيلية، سواء على مستوى الحكومة ووزرائها، بمن فيهم من يعارض نصوص الاتفاق، الأهمية الاستراتيجية للمصالحة مع تركيا، ولعلاقات طبيعية معها، وخصوصاً في ظلّ الأوضاع السائدة في الشرق الأوسط. ويحظى الاتفاق، أو على الأقلّ مبدأ المصالحة والتطبيع بين تركيا وإسرائيل، بإجماع تقريباً في مختلف المحافل السياسية والأمنية والأكاديمية، باستثناء مجموعة صغيرة من ضمنها وزير الأمن الحالي، أفيغدور ليبرمان، التي يعتبر أقطابها أن تركيا تحت قيادة رجب طيب أردوغان، ستظلّ دولة مناوئة لإسرائيل ومؤيدة لحركة "حماس"، وداعمة لكل طرف مناهض لإسرائيل.
مع ذلك، وعلى الرغم من الإشادة بأهمية الاتفاق واعتباره تطوراً إيجابياً وضرورياً لأمن إسرائيل، إلا أنه يثير تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، وما إذا كان البلدان سيستعيدان حجم التعاون الأمني والعسكري الذي كان سائداً بين الدولتين قبل قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2010، إثر اعتراض الكوماندو الإسرائيلي للسفينة التركية مافي مرمرة في عرض البحر في المياه الدولية، وقتل 9 متطوعين أتراك ممن كانوا على متنها، وهم في طريقهم لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
في هذا السياق، ترى ورقة تقدير موقف صدرت أخيراً، عن مركز "أبحاث الأمن القومي"، أن آفاق التعاون المستقبلي بين إسرائيل وتركيا قد تكون محصورة في مجال التعاون الاقتصادي. وترى كاتبة الورقة الباحثة غاليا ليندشتراوس، من مركز "أبحاث الأمن القومي"، أنه "في الوقت الذي ستواجه فيه كل من تركيا وإسرائيل مصاعب في العودة لنفس مستوى ونوع التعاون الأمني الوثيق بينهما، فإن الفرص الأخرى المتاحة أمام الدولتين تكمن أساساً في المجال الاقتصادي، إذ يبدي الطرفان تفاؤلاً كبيراً في إبرام اتفاقية لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، ومن هناك إلى باقي الدول الأوروبية".
اقــرأ أيضاً
مع ذلك، تشير الكاتبة إلى أن "هذا المجال أيضاً قد لا يكون مضموناً من دون التوصّل بداية إلى حلّ الإشكالية القائمة مع قبرص، إذ إنه بدون موافقة قبرصية، لمد أنبوب الغاز الإسرائيلي، لن يكون بمقدور تركيا وإسرائيل تطبيق اتفاقية الغاز. عدا عن أنه على الرغم من الاتفاق بين الدولتين بشأن تطبيع العلاقات، إلا أنه سيكون على الطرفين أن يتجاوزا الآن أيضاً أزمة الثقة بين قادة الدولتين، وربما أيضاً بين قطاعات واسعة لدى الجمهور الإسرائيلي والجمهور التركي على حد سواء".
وترى الكاتبة أنه "سيكون على الطرفين الآن التوصّل أيضاً إلى اتفاق بشأن حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا وما يتعلق بوجود قيود في تركيا تمنع نشاط الشركات الإسرائيلية، وتحول دون مشاركتها في المناقصات والعطاءات الرسمية التركية، على الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يتراجع خلال السنوات الأخيرة، بل تضاعف إلى 6 مليارات دولار سنوياً (بفعل تحول ميناء حيفا إلى الطريق الأساسي لنقل الصادرات التركية إلى كل من الأردن وعدد من الدول الخليجية، بسبب تعطيل حركة الملاحة الجوية التركية فوق الأراضي السورية، وتضرر حركة النقل البري)". ولا يفوت ليندشتراوس الإشارة، إلى "إعلان نتنياهو بأنه أطلع عدداً من الدول الإقليمية بشأن الاتفاق، تحديداً قبرص واليونان ومصر، مع القول بأنه يمكن الافتراض أن السعودية نشطت من وراء الكواليس لتخفيف حدة المعارضة المصرية لاتفاق المصالح التركي ـ الإسرائيلي، خوفاً من ازدياد قوة حماس".
في هذا السياق، تشير الكاتبة إلى "ازدواجية الموقف العام في إسرائيل، المتمثل في رفض العلاقة الوثيقة بين تركيا وحركة حماس من جهة، وبين الرغبة الإسرائيلية في استغلال هذه العلاقة لصالح الضغط على الحركة لاستعادة جثامين جنديين إسرائيليين تحتجزهما الحركة، والاستفادة من هذه العلاقة مستقبلاً في حال وقعت مواجهة عسكرية مع حماس. مع العلم أن إسرائيل عارضت بشدة خلال العدوان على غزة، المحور التركي القطري الداعم للقطاع".
ومع إشارة الورقة إلى التعاون الأمني والعسكري الوثيق الذي ميّز علاقات تركيا وإسرائيل حتى أوائل التسعينيات، وكون هذا التعاون يُشكّل المركب الجوهري لهذه العلاقة، فإنها ترى أنه لا يمكن توقع عودة هذا الدفء للعلاقات التركية الإسرائيلية في المجال الأمني والعسكري، وإن كان محللون إسرائيليون آخرون اعتبروا أن المصالحة الإسرائيلية التركية تحمل في طياتها فائدة استراتيجية عليا لإسرائيل، أهمّها عملياً تحوّل إسرائيل إلى "جزء من المحور السني المعتدل" وفق إشارة رون بن يشاي يوم الاثنين، في "يديعوت أحرونوت".
وترى ليندشتراوس أنه "بعد الاتفاق سيكون علينا التفريق والتمييز بين استئناف التصدير الأمني لتركيا، وبين التعاون بين جيوش وأجهزة الاستخبارات التابعة لتركيا وإسرائيل". وتقرّ في السياق نفسه، أنه "فيما يتعلق بالتعاون الأمني الميداني بين الطرفين، فإن درجة الشك بينهما لا تزال عالية، ومن شأنها أن تضع عراقيل وصعوبات أمام تعاون وثيق وعملياتي كالذي ساد قبل قطع العلاقات بينهما قبل ستة أعوام".
المصالحة مع تركيا، ستوفّر لإسرائيل فرصة للمشاركة في التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من خلال بيع عتاد عسكري لتركيا، تحديداً طائرات من دون طيار، التي يُمكن استخدامها في عمليات استكشاف جوية للتصوير وجمع المعلومات والمراقبة.
وتشير ورقة مركز "أبحاث الأمن القومي" إلى أنه "على الرغم من الأهمية التي أبرزها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره التركي بن علي يلدريم، في الحديث عن أهمية المصالحة التركية الإسرائيلية، للبلدين، إلا أن ذلك لن ينعكس على ما يبدو على مستوى الشعوب، بفعل أزمة الثقة السائدة بين الطرفين. ولن يكون بمقدور الاتفاق رغم هذه المصالح أن يمحو لدى الطرفين ترسبات السنوات الست الماضية، وكأن شيئاً لم يكن، بل سيبقى التعاون محصوراً في المجالات والقضايا التي تحتّمها الظروف والمصالح والأحداث المتسارعة، خصوصاً في السنوات المقبلة في ظل حالة الغليان في الشرق الأوسط. وذلك على الرغم من الفوائد الاستراتيجية للطرفين، تحديداً تلك التي تكسبها إسرائيل، مثل وقف ملاحقة ومحاكمة جنود جيش الاحتلال في المحاكم التركية، وتعهّد تركيا بعدم معارضة انضمام إسرائيل لمنظمات وهيئات دولية، ودعم الاقتصاد الإسرائيلي، عبر بيع الغاز لتركيا".
في هذا السياق، ترى ورقة تقدير موقف صدرت أخيراً، عن مركز "أبحاث الأمن القومي"، أن آفاق التعاون المستقبلي بين إسرائيل وتركيا قد تكون محصورة في مجال التعاون الاقتصادي. وترى كاتبة الورقة الباحثة غاليا ليندشتراوس، من مركز "أبحاث الأمن القومي"، أنه "في الوقت الذي ستواجه فيه كل من تركيا وإسرائيل مصاعب في العودة لنفس مستوى ونوع التعاون الأمني الوثيق بينهما، فإن الفرص الأخرى المتاحة أمام الدولتين تكمن أساساً في المجال الاقتصادي، إذ يبدي الطرفان تفاؤلاً كبيراً في إبرام اتفاقية لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، ومن هناك إلى باقي الدول الأوروبية".
مع ذلك، تشير الكاتبة إلى أن "هذا المجال أيضاً قد لا يكون مضموناً من دون التوصّل بداية إلى حلّ الإشكالية القائمة مع قبرص، إذ إنه بدون موافقة قبرصية، لمد أنبوب الغاز الإسرائيلي، لن يكون بمقدور تركيا وإسرائيل تطبيق اتفاقية الغاز. عدا عن أنه على الرغم من الاتفاق بين الدولتين بشأن تطبيع العلاقات، إلا أنه سيكون على الطرفين أن يتجاوزا الآن أيضاً أزمة الثقة بين قادة الدولتين، وربما أيضاً بين قطاعات واسعة لدى الجمهور الإسرائيلي والجمهور التركي على حد سواء".
وترى الكاتبة أنه "سيكون على الطرفين الآن التوصّل أيضاً إلى اتفاق بشأن حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا وما يتعلق بوجود قيود في تركيا تمنع نشاط الشركات الإسرائيلية، وتحول دون مشاركتها في المناقصات والعطاءات الرسمية التركية، على الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يتراجع خلال السنوات الأخيرة، بل تضاعف إلى 6 مليارات دولار سنوياً (بفعل تحول ميناء حيفا إلى الطريق الأساسي لنقل الصادرات التركية إلى كل من الأردن وعدد من الدول الخليجية، بسبب تعطيل حركة الملاحة الجوية التركية فوق الأراضي السورية، وتضرر حركة النقل البري)". ولا يفوت ليندشتراوس الإشارة، إلى "إعلان نتنياهو بأنه أطلع عدداً من الدول الإقليمية بشأن الاتفاق، تحديداً قبرص واليونان ومصر، مع القول بأنه يمكن الافتراض أن السعودية نشطت من وراء الكواليس لتخفيف حدة المعارضة المصرية لاتفاق المصالح التركي ـ الإسرائيلي، خوفاً من ازدياد قوة حماس".
في هذا السياق، تشير الكاتبة إلى "ازدواجية الموقف العام في إسرائيل، المتمثل في رفض العلاقة الوثيقة بين تركيا وحركة حماس من جهة، وبين الرغبة الإسرائيلية في استغلال هذه العلاقة لصالح الضغط على الحركة لاستعادة جثامين جنديين إسرائيليين تحتجزهما الحركة، والاستفادة من هذه العلاقة مستقبلاً في حال وقعت مواجهة عسكرية مع حماس. مع العلم أن إسرائيل عارضت بشدة خلال العدوان على غزة، المحور التركي القطري الداعم للقطاع".
ومع إشارة الورقة إلى التعاون الأمني والعسكري الوثيق الذي ميّز علاقات تركيا وإسرائيل حتى أوائل التسعينيات، وكون هذا التعاون يُشكّل المركب الجوهري لهذه العلاقة، فإنها ترى أنه لا يمكن توقع عودة هذا الدفء للعلاقات التركية الإسرائيلية في المجال الأمني والعسكري، وإن كان محللون إسرائيليون آخرون اعتبروا أن المصالحة الإسرائيلية التركية تحمل في طياتها فائدة استراتيجية عليا لإسرائيل، أهمّها عملياً تحوّل إسرائيل إلى "جزء من المحور السني المعتدل" وفق إشارة رون بن يشاي يوم الاثنين، في "يديعوت أحرونوت".
المصالحة مع تركيا، ستوفّر لإسرائيل فرصة للمشاركة في التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من خلال بيع عتاد عسكري لتركيا، تحديداً طائرات من دون طيار، التي يُمكن استخدامها في عمليات استكشاف جوية للتصوير وجمع المعلومات والمراقبة.
وتشير ورقة مركز "أبحاث الأمن القومي" إلى أنه "على الرغم من الأهمية التي أبرزها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره التركي بن علي يلدريم، في الحديث عن أهمية المصالحة التركية الإسرائيلية، للبلدين، إلا أن ذلك لن ينعكس على ما يبدو على مستوى الشعوب، بفعل أزمة الثقة السائدة بين الطرفين. ولن يكون بمقدور الاتفاق رغم هذه المصالح أن يمحو لدى الطرفين ترسبات السنوات الست الماضية، وكأن شيئاً لم يكن، بل سيبقى التعاون محصوراً في المجالات والقضايا التي تحتّمها الظروف والمصالح والأحداث المتسارعة، خصوصاً في السنوات المقبلة في ظل حالة الغليان في الشرق الأوسط. وذلك على الرغم من الفوائد الاستراتيجية للطرفين، تحديداً تلك التي تكسبها إسرائيل، مثل وقف ملاحقة ومحاكمة جنود جيش الاحتلال في المحاكم التركية، وتعهّد تركيا بعدم معارضة انضمام إسرائيل لمنظمات وهيئات دولية، ودعم الاقتصاد الإسرائيلي، عبر بيع الغاز لتركيا".