المشهد العراقي: خياران للخروج من المراوحة

13 يوليو 2014
قرّر الأكراد حفر نفق طوله 500 كيلومتر (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
أصرّت قوات الجيش العراقي على تحقيق نصر رمزي على المسلحين، طوال الأسبوع الماضي، لكن الحظ لم يحالفها في تحقيق ولو موطئ قدم رمزي في المدينة الرمز، تكريت.  فعلى الرغم من وجود نقاط ارتكاز في الجامعة، وفي قاعدة "سبايكر"، إلا أن الهجمات المتعددة لهذه القوات، طوال الأسبوع الماضي، لم تنجح سوى بجعل المسلحين يقتربون من نقاط الارتكاز هذه ويهددونها، وإن لم ينجحوا في الحصول على مواطئ أقدام فيها أيضاً، لكنهم باتوا يشاركون القوات الحكومية السيطرة على هذه المواقع. والسمة المميّزة في هذا القتال، هو دخول العامل الجوي في المعركة، وقد عوّلت القوات الحكومية عليه كثيراً لقلب نمط المواجهة، وتحوّل القوات الحكومية من الدفاع إلى الهجوم. لكن أثر الطيران الحربي على الأرض كان ضعيفاً، بل وذهبت قوات الهجوم ضحية تكتيكات المباغتة والمخادعة التي نفذها المسلحون، ما يدل على استيعاب واضح لمهارات القتال.

السمة الأخرى أن القتال استمر من قبل المسلحين بنمط التصعيد نفسه في جبهة تكريت، ذات القيمة المتباينة بين المسلحين والحكومة، التي يعود إصرارها إلى رمزية تكريت، كما يعود إصرار المسلحين على الاحتفاظ بها إلى جعلها قاعدة انطلاق للسيطرة على سامراء، نقطة الارتكاز القوية التي احتشدت فيها قوات نوري المالكي والميليشيات المتحالفة معها، والقوات الإيرانية التي باتت تعترف باشتراكها في القتال فعلياً، بدليل إعلان مقتل ضباط الحرس الثوري الإيراني الثلاثة، من ذوي الرتب العالية. ويعني إعلان ايران عن مقتلهم، رسالة واضحة للعالم أنها دخلت على خط القتال علناً، إن لم تكن قد تولت قيادته فعلياً في ضوء تهافت قيادة قوات الحكومة وتفككها.

أمام المسلحين أحد خيارين الآن ليخرجوا من دوامة الهجوم والهجوم المقابل: أولهما تثبيت بؤر القوات الحكومية وتخطيها في تكريت، والتقدم لكسر دفاعات سامراء، عندها سيفتح الطريق إلى بغداد. وثانيهما تثبيت بؤرة الحكومة في سامراء وتخطيها، والمباشرة بالدخول إلى بغداد من الاتجاهات الأقرب. ومشروع الدخول إلى بغداد عراقي بامتياز، ستنفذه، بالتأكيد، قوى المجالس العسكرية، من دون أن  تنتظر الآخرين.

الوضع على الصعيد السياسي مرتبك هو الآخر، فقد قرر الكرد سحب وزرائهم من الحكومة المركزية، ما حوّلها إلى حكومة لون واحد، ورافق هذا القرار أمر صدر بحفر خندق على طول خط المواجهة بين الطرفين، مسافته تزيد عن ٥٠٠ كيلومتر، يمر بأراضٍ ذات طبيعة مختلفة، ولا تتوفر لدى حكومة الإقليم القدرة المادية على تنفيذه، إلا بإنفاق هائل يؤثر جدياً على نوعية الحياة للمواطنين.

استمر النظام السوري بقصف المدن العراقية التي خرجت من سلطة الحكومة في الأنبار بالطيران، وعلّم الجيش العراقي استخدام البراميل المتفجرة.

إلى ذلك، مُنيت القوات الجوية العراقية بجناحيها: طيران الجيش الذي فقد عدداً من طائراته، والطيران ثابت الجناح، بخسائر واضحة، إذ تم إسقاط طائرات سوخوي مستخدمة حديثاً، على الرغم من أن تكهناتٍ تشير إلى أن هذه الطائرات إيرانية، يقودها طيارون إيرانيون، وربما روس مرتزقة.

ويبدو أن تأثير المرجعيات الدينية الشيعية بدأ ينحسر لصالح المشروع السياسي الاستراتيجي الإيراني، بتبني ولاية ثالثة للمالكي، ما يعني الخروج على توصية المرجع الأعلى علي السيستاني القائلة بالتغيير، وهو أمر تدعو إليه فصائل شيعية، فضلاً عن السنّة والكرد، في إجماع وطني، يتخلّف عنه المالكي وقائمته فقط.