المشاورات اليمنية في الكويت تتجاهل معاناة المواطن

17 مايو 2016
نظرات هذا الطفل تلخّص مأساة الشعب اليمني وضياعه(Getty)
+ الخط -


رغم معاناة المواطنين المعيشية وضع الملف الاقتصادي على الهامش في المشاورات اليمنية في الكويت الجارية بين الحكومة والحوثيين منذ 21 أبريل/ نيسان وفرضت الملفات السياسية والأمنية نفسها على الحدث.
وتركز الرؤية التي قدمها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد على وضع إجراءات أمنية انتقالية، وانسحاب المجموعات الحوثية المسلحة من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، وإعادة مؤسسات الدولة.

وكان المتوقع أن تشمل مفاوضات الكويت بين الحكومة الشرعية والحوثيين، تسوية اقتصادية شاملة تتضمن بحث استقلالية البنك المركزي والمؤسسات المالية والاقتصادية من خلال تشكيل لجنة اقتصادية للمرحلة الانتقالية. لكن رؤية الطرفين لم تضع الاقتصاد على رأس أيا من محاورها وتم ادراج الملف الاقتصادي ضمن محور إعادة مؤسسات الدولة.
ولم يتلق خبراء الاقتصاد أو رجال الأعمال اليمنيون دعوة لحضور مشاورات الكويت بين الحكومة اليمنية والحوثيين، واقتصر الحضور على رجال السياسة وناشطين من منظمات المجتمع المدني.

وحضر الاقتصاد بقوة في افتتاح المشاورات ومن خلال كلمات الأطراف الراعية، لكنه غاب لاحقاً في جلسات الأطراف المشاركة.
وأكدت كلمات المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ ووزير الخارجية الكويتي، على أهمية الاهتمام بالاقتصاد وبحث وسائل إنقاذه بالإضافة إلى مناقشة المشاورات لمرحلة إعادة الإعمار في ظل التزام خليجي ودولي بالمشاركة وتقديم الدعم.
ويعكف البنك الدولي على إنجاز "تسوية اقتصادية" في اليمن على هامش مشاورات الكويت بين الحكومة اليمنية والحوثيين .




واكد مصدر في مكتب البنك الدولي باليمن لـ "العربي الجديد" أن مديرة البنك الدولي في اليمن السيدة ساندرا بلو مينكامب ناقشت، مع الجانب الحكومي والحوثيين، الوضع الاقتصادي.
وقال المصدر: "البنك الدولي تقدم بمقترح لتكوين مجموعة خبراء يتولون عملية وضع الاولويات لمعالجة الاوضاع الاقتصادية ووضع التوصيات الفنية لها".

وأوضح أن البنك يسعى الى حشد بعض الخبرات اليمنية الاقتصادية للعمل في إطار مجموعة عمل لوضع خطة طارئة تعرض على مجتمع المانحين لتمويلها بما يسهم في إيقاف تدهور الاقتصاد اليمني .
وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء علي سيف كليب، أن الاقتصاد دائماً مغيب، مؤكداً على انه سيكون لغياب الاقتصاد في مشاورات الكويت أو لضعف حضوره تأثير على الواقع الاقتصادي وعلى آفاقه مستقبلاً.
وقال كليب لـ" العربي الجديد": "رغم أن كل مشاكلنا في الأساس اقتصادية والأحداث التي شهدها اليمن سواء عام 2011 أو 2014 كانت أسبابها اقتصادية واستغلوا الوضع الاقتصادي للخروج. وبعد أن تحقق لهم كل ما أرادوا نحوا الاقتصاد جانباً وانشغلوا بالصراع على الحكم".

وأضاف: "إذا كانت هناك نوايا صادقة واهتمام حقيقي بالشعب ومعاناته لنظروا للوضع المعيشي الذي وصل إليه غالبية الشعب وشكلوا أو طالبوا بتشكيل لجنة اقتصادية مستقلة ولا تتبع أي مكون للنظر في الحلول العاجلة وعلى المديين المتوسط والطويل لإنعاش الاقتصاد والخروج من حالة الفقر والبؤس التي يعاني منها السواد الأعظم من الشعب المغلوب على أمره، دون أن تكون له ناقة أو جمل فيما يجري".

وأدت الحرب وقبلها سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة الى تراجع الاقتصاد النظامي الرسمي وتعرضه للتدمير مقابل ازدهار الاسواق السوداء أو الاقتصاد الخفي.

وأعلنت شركات النفط والغاز الأجنبية الحالة القاهرة وغادرت اليمن، وتوقف إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال. وحدثت أزمة خانقة في الوقود، مما ساهم في انكماش النشاط الاقتصادي واشتعال الأسعار وتفاقم عجز الموازنة وتدهور قيمة العملة الوطنية، وصعوبة الوصول للخدمات الأساسية، وتدهورت الحياة المعيشية لملايين اليمنيين.




وحدث انهيار متسارع لقيمة العملة اليمنية، مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وبالتالي الـتأثير على أسعار كل السلع المنتجة محليا والمستوردة، وأيضا التأثير على فقدان قيمة رساميل القطاع الخاص وسيولتهم المحلية ومدخراتهم بالعملتين المحلية والأجنبية.
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي أحمد غالب، أن الحضور الخجول للملف الاقتصادي في مشاورات الكويت يعكس عدم جدية الأطراف بتحقيق السلام .
وقال غالب لـ "العربي الجديد" :"إذا كانت الأطراف اليمنية جادة في تحقيق السلام والمصالحة فالموضوع الاقتصادي ينبغي أن بتصدر الأولويات بعد وقف القتال حتى تستعيد الناس انفاسها وتبدأ عجلة الحياة بالدوران".

وأضاف :" الان الوضع يتدهور كل يوم الإيرادات تنتهي والدولار يقترب من 300 ريال وسيواصل الارتفاع أكثر والاحتياطي يتأكل ويكاد ينتهي والتضخم يتصاعد كل يوم والمواطن فقد القدرة على المقاومة".
وتابع: "كان الأحرى ان يكون للاقتصاد اعتبار واعتبار مهم خاصة مناقشة وسائل استقلال المؤسسات المالية وانسياب حركة البضائع وفك الحصار وتحصيل إيرادات الدولة وإعادة إنتاج وتصدير النفط والسماح بالسحب من الفروض والمساعدات واستئناف العمل بالمشاريع المتوقفة متى ما سمحت الظروف الأمنية بذلك .

بالإضافة إلى اعادة إعمار المنشأت الاقتصادية المدمرة واعادة تشغيل المطارات والموانئ وتسهيل حركة الطيران والسفن وما الى ذلك من الإجراءات. وأهمها استقلال المؤسسات المالية وعدم السماح بالتدخل في أعمالها.
وأشار غالب الى أهمية السماح بترحيل الأموال الى البنوك المراسلة. الشحنة الأولى لها شهران لجمارك البحرين ولم يسمح لها بالدخول بعد أخذ كل التصاريح من كافة السلطات .

من جانبه طالب رجل الأعمال اليمني خالد نعمان، الأطراف المتصارعة بتجنيب الاقتصاد الوطني الصراعات قدر الإمكان وتوفير كل متطلبات استعادة النشاط الاقتصادي بعيداً عن اية تأثيرات او تدخلات عسكرية أو سياسية بما في ذلك تحييد أنشطة البنك المركزي اليمني وكافة المصارف المحلية وتسيير كافة إجراءات الاستيراد والتصدير وأنشطة التجارة الخارجية.

وأكد نعمان، أنه يجب الترتيب لإجراء محادثات او مشاورات أو فعاليات تحت أي مسميات أخرى بحيث تجري بشكل موازٍ للمشاورات السياسية، وبحيث تختص باستعادة النشاط الاقتصادي والتجاري والمصرفي بعيداً عن الصراع السياسي.
وقال البنك الدولي في أبريل/نيسان الماضي: "أصيب النسيج الاقتصادي والاجتماعي في البلاد بالشلل بعد عام من الصراع. فقد انكمش الاقتصاد انكماشاً حاداً". وتشير التقارير الرسمية إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي في عام 2015 بنسبة 28 % تقريباً.
وأضاف: "أدى الصراع المتصاعد منذ مارس/آذار 2015 إلى تعطُّل الأنشطة الاقتصادية وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع.

ومنذ الربع الثاني من عام 2015، توقفت صادرات النفط والغاز. كما انكمشت الواردات، باستثناء المنتجات الغذائية ومنتجات الطاقة الحيوية، وبلغ معدل التضخم السنوي حوالي 30% عام 2015 ويُتوقع زيادته بصورة أكبر مع استمرار ضعف أداء المالية العامة.


المساهمون