المسجد العمري... انتهى الترميم

21 يونيو 2018
يستند سقفه الخشبي إلى 99 عموداً (سعيد عطية/ فيسبوك)
+ الخط -
أعلنت الحكومة المصرية الانتهاء من ترميم المسجد العمري في مدينة قوص بمحافظة قنا، بتكلفة تقترب من مليوني جنيه مصري، بعد أن عانى المسجد في السنوات الأخيرة من الإهمال الشديد الذي ضرب، بتصدعاته وشقوقه، سقْفَهُ وجدرانَه بصورة كبيرة. وهو الجامع العريق الذي لعب دوراً كبيراً في التاريخ العلمي في مصر العُليا لأكثر من تسعة قرون، إذ كانوا يطلقون عليه "أزهر الصعيد". 

أهم إشكاليات المسجد العمري أنه حائر بين وزارتي الأوقاف والآثار. وبالرغم من أن إنشاءه يعود، في أرجح الأقوال، إلى العصر الفاطمي؛ فإن تغييرات وإضافات وتعديلات كثيرة مرّت بالمسجد العتيق غيّرت ملامحه الأولى، وإن كانت بعض عناصره الباقية تنتمي إلى العصرين الفاطمي والمملوكي.
يقال إن تاريخ إنشائه يعود إلى سنة 550 هجري، في عهد محمد بن رزيك الوالي الفاطمي لقوص، وكان يقال إن الذي بناه هو بدر الجمالي سنة 473 هجري. ولا يعرف تحديداً سبب تسميته بالمسجد العمري. وهو من أقدم مساجد الصعيد الأثرية الباقية حتى الآن، وتبلغ مساحته 4000 متر مربع، ويتسع لأكثر من 3000 مصلٍّ. وللمسجد قبة عتيقة، شيّدت سنة 568 هجري، وهي منفصلة عنه، وتقع ملاصقة لركنه الشمالي الشرقي، وترتفع على أربعة عقود، يعلوها في الأركان صفّان من المقرنصات لتأخذ في النهاية شكلاً مُثمّناً.

يعد العمري من المساجد المعلقة النادرة؛ إذ ترتفع واجهته الأمامية ﻋﻦ اﻷرض ثلاثة أمتار، ﺑﯿﻨﻤﺎ يبلغ ارتفاع الخلفية أرﺑﻌﺔ أﻣﺘﺎر. أما سقفه الخشبي؛ فيستند إلى 99 عموداً. ويضم المسجد واحداً من أقدم المنابر الإسلامية في العالم، ويرجع تاريخه إلى تاريخ إنشاء الجامع ذاته، وهو مصنوع من خشب الساج الهندي المحفور حفراً بارزاً والمزخرف بالحشوات المعشقة، مع بعض الكتابات القرآنية. أما المحراب الذي يقع في منتصف البائكة الثالثة من إيوان القبلة فيعود إلى العصر المملوكي، وهو لوحة فنية مزخرفة بالجص، وفي أعلى المحراب الآية القرآنية: "قد نرى تقلب وجهك في السماء".
وللمسجد أيضاً مقصورة خشبية مميزة، توجد في النهاية البحرية للبائكة الرابعة والخامسة من إيوان القبلة. أما كرسي المصحف الخشبي، فهو تحفة فنية عتيقة، أمر بصناعتها الأمير عز الدين خليل المملوكي الناصري.




أبرز ما مرّ على المسجد العمري من ترميمات ما قام به محمد بك قهوجي سنة 1233 هجري، وتضمنت تجديد العقود الداخلية في إيوان القبلة، إضافة إلى حملة أخرى من الترميمات بدأت في 1970 وانتهت عام 1977، وفيها استبدلت العديد من الأعمدة الإسمنتية بتلك الأعمدة المبنية من اللبن التي أصلحها قهوجي، مع بقاء بعض الأعمدة القديمة الموجودة أﻣﺎم اﻟﻤﺤﺮاب المتوسط المملوكي. 
يُقال إن المساجد التاريخية في محافظة قنا يُطلق على مجملها اسم "المساجد العمرية"، نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب؛ لأنه كان قد أصدر أوامره بإنشاء المساجد الجامعة في البلاد. عموماً، تجمع أهل قوص بالمسجد علاقة عتيقة وراسخة؛ فأغلب أهالي البلدة تتلمذوا على يد مشايخ وعلماء الجامع العمري، ويعتبر مُلهماً لكثير من الشعراء والأدباء، وتخرج منه كثير من رجال وعلماء الدين أيضاً. 
عموماً، تشهد عدة محافظات مصرية، عمليات ترميم كبيرة لكثير من معالمها؛ إذ بدأ قطاع القصور والآثار في شركة "المقاولون العرب" التابعة للحكومة المصرية، تنفيذ أكبر خطة لترميم التماثيل النحاسية الأثرية في محافظة القاهرة، وتشمل الخطة أيضاً ترميم تماثيل أسود كوبري قصر النيل وتمثال الزعيم سعد زغلول وتمثال الفريق عبد المنعم رياض وتمثال طلعت حرب وتمثال الزعيم مصطفى كامل، إضافة لترميم كوبري الجلاء. وصرح طارق خضر، رئيس قطاع القصور والآثار في "المقاولون العرب" بأن مشروع الترميم سينتهي بعد 15 يوماً لتعود بعدها تماثيل القاهرة لرونقها الجمالي المنشود.
المساهمون