المستوطنون يستبيحون الأقصى: فصل من الحرب بضوء أخضر من حكومة الاحتلال

23 يوليو 2018
نحو 1400 مستوطن اقتحموا باحات المسجد الأقصى (العربي الجديد)
+ الخط -
على نحو غير مسبوق، من حيث أعداد المقتحمين وطبيعة المشاركين، استباح نحو 1400 مستوطن، أمس الأحد، باحات المسجد الأقصى المبارك، بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة، في اقتحامات وصفها مسؤولون مقدسيون بأنها "تأتي ضمن تشجيع وضوء أخضر من قبل حكومة الاحتلال".

واعتقلت قوات الاحتلال أمس، خلال اقتحامات المستوطنين التي تمّت على جولتين، فتى وشاباً، في حين اعتدى مستوطنون على مصلين مقدسيين لدى اجتيازهم بوابات الأقصى، حيث تجمّع  المتطرفون على تلك البوابات واعترضوا المصلين بالتزامن مع القيود التي فرضتها شرطة الاحتلال على دخول المصلين المسلمين.

كذلك، تعرّض حراس الأقصى للدفع والاعتداء من قبل قوات الاحتلال الخاصة التي حاولت منعهم من متابعة مجموعات المقتحمين، الذين نقلتهم حافلات إلى باب المغاربة من مختلف مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس، ومن هناك إلى الأقصى بترتيبات مع شرطة الاحتلال وجيشه.

وقدّر مسؤولون في الأوقاف الإسلامية أعداد المقتحمين في جولتي الاقتحام الصباحية وعند الظهيرة، بما مجموعه 1400 مستوطن، من بينهم 1023 مستوطناً في الجولة الأولى. وخلال ذلك، حاول متطرفون الاعتداء على الشيخ محمد حسين، وعدد من مرافقيه في منطقة باب الأسباط، لكن جرى التصدي لهم وردّهم، فيما وصف الشيخ حسين، في حديث مع "العربي الجديد"، ما جرى من اقتحامات واعتداءات بأنه "تدنيس خطير للمسجد الأقصى ولحرمة المكان المقدسة". وأوضح أنّ هذه الأعداد الكبيرة من المستوطنين المقتحمين تشير إلى "الدعم الواسع من قبل حكومة الاحتلال التي أعطتهم الضوء الأخضر للقيام بممارساتهم الخطيرة ضد الأقصى، لا سيما مع مشاركة أعضاء من الكنيست فيها، وإقامتهم طقوساً تلمودية على أبواب الأقصى". ولفت الشيخ حسين إلى منع قوات الاحتلال المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى، لكنه أشاد "بصمود المرابطين فيه الذين تحدوا كل إجراءات الاحتلال".


وبالقرب من باب القطانين، أحد أبواب الأقصى، اعتدى مستوطنون على فتيات ومسنين مقدسيين، وحدث الأمر نفسه عند باب الحديد، قبل أن يتصدى الشبان لهم ويشتبكوا معهم ومع قوات الاحتلال.

وفي هذا الإطار، قال فراس الدبس، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس، إنّ "ما جرى اليوم في ساحات الأقصى أمر غير مسبوق، وبغطاء واسع من قبل قوات الاحتلال التي وفّرت الحماية للمستوطنين وشاركتهم اعتداءاتهم على المواطنين". ووصف الدبس ما جرى بأنه "يوم أسود في تاريخ المسجد الأقصى، وهو يوم هوان وذل، حيث مارس المقتحمون اعتداءاتهم بغطرسة وعنجهية ولم يردعهم رادع".

وعلى الرغم من ذلك، قال عدد من المرابطين إنهم "سيواصلون رباطهم ودفاعهم عن الأقصى مهما بلغ ثمن ذلك". وقال أحد المصلين، ويدعى محمد البشيتي، الذي اعتدي عليه أمس: "نحن فداء الأقصى ولن نسمح لهم بتدنيسه"، في حين قالت إحدى المرابطات من فلسطينيي عام 1948، وتدعى ناديا مصاروة: "منعونا من الوجود عند باب الأسباط، وأخذوا من أولادنا بطاقات هوياتهم، لكن بحمد الله دخلنا وسنبقى ندافع عن مسجدنا".

وتأتي هذه الاقتحامات أمس، في ذكرى ما يسمّونه بـ"خراب الهيكل" المزعوم، إذ أعطتهم حكومة الاحتلال الضوء الأخضر للقيام بهذه الاقتحامات التي شارك فيها الحاخام المتطرف يهودا غليك، وعضو "التنظيم الإرهابي اليهودي" يهودا عتصيوني، الذي حاول في مطلع الثمانينيات تفجير مسجد الصخرة، وكذلك اغتيال ثلاثة من رؤساء بلديات الضفة الغربية.

وفيما انشغل الفلسطينيون وما زالوا بمعركة الخان الأحمر دفاعاً عن تجمعاتهم البدوية شرق القدس، كان المستوطنون يكثّفون اقتحاماتهم للأقصى ويصعّدون اعتداءاتهم عليه، خصوصاً في ساعات الليل وحتى ساعات الظهيرة من يوم أمس. ويستذكر المقدسيون مع هذه الاقتحامات، الذكرى الأولى لمعركة البوابات، حيث صدوا الاحتلال ومنعوه من نصب بوابات إلكترونية على أبواب المسجد الأقصى بعد صمود استمر نحو عشرة أيام، عاد بموجبه المقدسيون إلى المسجد فاتحين أبوابه في 27 يوليو/ تموز من العام المنصرم.

في غضون ذلك، دانت حركة "حماس"، أمس، الاقتحامات، قائلةً إنها تأتي "في إطار الحرب الدينية المنظمة والممنهجة التي تديرها حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة ومن خلفها الإدارة الأميركية على شعبنا الفلسطيني ومقدساته والتي تستهدف الوجود والهوية الفلسطينية والإسلامية". وذكر المتحدث باسم "حماس"، فوزي برهوم، في تصريح أرسلت نسخة منه لـ"العربي الجديد"، أنّ حركته تدين بشدة هذه السياسات والممارسات لتوجه نداءها العاجل إلى الأمة جمعاء بضرورة التحرك الواسع والسريع، وبكل المستويات لنصرة المسجد الأقصى وحمايته من التدنيس والتهويد والأخطار المحدقة به، مشيراً إلى أنه لم تعد هناك أي مبررات للصمت. ودعا كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة والقدس والداخل المحتل إلى النفير العام وشد الرحال إلى المسجد الأقصى والتصدي بكل قوة لهذه الهجمات العنصرية المتطرفة والمستوطنين، والعمل على حماية القدس والمسجد الأقصى مهما بلغت التضحيات.​
بدورها، رأت حركة الجهاد الإسلامي أن ما ترتكبه "عصابات الشر الاستيطاني" من اقتحام لساحات المسجد الأقصى عدوان خطير. واعتبرت أن "الذين يهرعون لإنقاذ الكيان الصهيوني من مأزق مسيرات العودة، عليهم أن يدركوا أن ما ترتكبه حكومة الإرهاب الصهيوني بحق القدس والأقصى لا يمكن أبداً السكوت عنه، وأن استمرار العدوان على الأقصى سيؤدي إلى تصعيد كبير سيصل إلى كل مكان". وشددت الحركة على أن ما يجري من اقتحامات يهودية للأقصى يستدعي تحركاً عاجلاً، وأن هدف مواجهة هذه الاقتحامات والتصدي لها هو هدف يقع في صلب عمل حركة النضال الفلسطيني بكل أشكالها.