المساواة... ليست مطلباً نسائياً بل ضرورة إنسانية

04 يونيو 2015
امرأة موريتانية تساهم في مدخول أسرتها (أوكسفام)
+ الخط -
عندما تناقش الحكومات قوانينها، وتدخل التعديلات التي تردم الفجوات التي تميز بين الناس، وتجتهد لتحقيق المساواة بين المواطنين، فإنها تكون بذلك تخدم المجتمع عموماً وليس النساء وحدهن.

فعنوان المساواة بات يوحي بأنه مطلب نسائي حصراً، وبأن أي تقدم تحرزه المرأة بالقانون، يخص عملها أو توظيفها أو ترقيتها أو ترشحها أو اقتراعها أو إجازات أمومتها أو تعليمها أو حتى سن زواجها، سيعود بالفائدة عليها وحدها. منظور ضيق للأمور يختبئ خلفه الكثيرون، ليس فقط من الناس العاديين، وإنما من المشرعين وأصحاب السلطة والقرار الذين يعتبرون أن المساواة تجعل المرأة عنصراً أقوى وأكثر فائدة، ويجدون في ذلك إضعافاً لسلطات الرجل وليس العكس.

ما معنى أن تمنح المرأة حقوقها، وأن تعامل على أنها فرد قائم بذاته في مجتمعه، وليست عالة أو عبئاً اقتصاديا واجتماعياً و...إلخ.

-المساواة تعني أن نصف شريحة الشباب في العالم تحصل على فرص أكبر مما هو متاح لها حالياً. وعندما نقول النصف، فذلك يعني أن العدد كبير جداً. ولا يتطلب الأمر سوى قسمة العدد 1.8 مليار، وهو عدد الأشخاص من فئة الشباب حول العالم، وأغلبهم في الدول النامية، فنحصل على عدد الفتيات المراهقات والشابات والبالغ 900 مليون شخص.

-المساواة تعني الالتفات إلى النساء والفتيات اللواتي يعشن في المناطق الريفية حول العالم. وحسب الأمم المتحدة، فإن برامج التنمية لا تعطي الأولوية لتطوير واقع النساء على الدوام. فأغلبية البرامج تصب في صالح كبار السن والفتيان والشباب المقيمين في المدن. مع العلم أن دعم النساء الريفيات يعني دعم الزراعة والاقتصاد الأسري، وبالتالي تحسين فرص تعليم الفتيات، وتوفير الطبابة اللازمة لهن، ليكن أمهات قويات في المستقبل.

-المساواة تعني التخفيف من الفقر والجوع، لأن إتاحة الفرصة للمرأة للمشاركة في الدورة الإنتاجية، بأجور مساوية للرجل، في الأرياف كما في المدن، يخفف من فقر الأسر ومن جوعها. وتقدر الدراسات أن 60 في المائة من الناس الذين يعانون من الجوع في العالم هن من النساء والفتيات.

-المساواة تعني حق المرأة في توفير فرص التعليم بالتساوي بين الجنسين. وحسب منظمة اليونسكو، فإن ثلثي الأميين في العالم هن من الفتيات والنساء. فإذا كان العدد التقديري للأميين عموماً 774 مليون شخص في العالم، فعدد الأميات سيكون 516 مليوناً. ولا ندري كيف أن بعض الدول والحكومات لا تطبق المساواة في التعليم وإلزاميته؟

-المساواة تعني أن تعليم الفتيات يؤدي إلى زيادة مداخيلهن. فكل سنة إضافية من التعليم الابتدائي، ترفع أجور الفتيات، حتى الصغيرات منهن، بنسبة 10-20 في المائة. كما أن التعليم يشجع الفتيات على تأخير سن الزواج والتقليل من عدد الأطفال. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن الفتيات خارج التعليم في الريف يشكلن ضعف الفتيات غير المتعلمات والمقيمات في المدن، وذلك في 42 دولة.

-المساواة تعني وصول المرأة إلى مواقع قيادية تمكنها من اتخاذ القرارات. فتمثيل النساء في البرلمانات يقدر بنحو 22 في المائة فقط من جميع البرلمانيين، حتى مطلع يناير/كانون الثاني 2015، وهي زيادة بطيئة لا تتعدى 11.3 في المائة منذ عام 1995. ووفقا لبيانات الأمم المتحدة من 25 بلداً متقدماً ونامياً، تبين أن البلدان ذات التمثيل البرلماني الأعلى للإناث تزيد فيها القرارات المتعلقة بحماية البيئة واستصلاح الأراضي.

-المساواة تعني تحسين صحة النساء والفتيات. فبين عامي 1990 و2008، ارتفعت نسبة النساء الريفيات اللواتي يتلقين الرعاية قبل الولادة مرة واحدة على الأقل خلال فترة الحمل، بنسبة 55 إلى 66 في المائة. فتحسين الصحة الإنجابية للنساء يقلل من وفيات الأطفال والحوامل. كما أن توعيتها الصحية وحمايتها يجعلها قادرة على مواجهة الأمراض والأوبئة؛ كونها المعالج الأساسي داخل البيت أو خارجه في قطاع التمريض. على سبيل المثال، فإن مقدمي الرعاية لمرضى الإيدز في العالم، تشكل الفتيات والنساء منهم نحو 66 إلى 90 في المائة.

دائرة المطالب واسعة جداً، ولا تقف عند النقاط المذكورة أعلاه. ففي الدائرة تترابط العوامل ويتشابك بعضها ببعض، وتؤدي في جملتها إلى تحسين واقع المرأة وأسرتها بالتأكيد. وطلب المساواة ليس مطلباً نسائياً، بل مطلب إنساني، يخص كل الناس على هذا الكوكب.

اقرأ أيضاً:الأمم المتحدة: لم تتحقق المساواة للمرأة في أي بلد

المساهمون