وتأتي هذه الإحاطة ضمن ترقب دولي لما يخصّ صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن يجدّد لعمل الآلية العابرة للحدود لتقديم المساعدات الإنسانية في سورية، وخصوصاً في الشمال الشرقي والغربي. وكان مجلس الأمن قد جدّد في شهر يناير/ كانون الثاني الأخير عمل الآلية لستة أشهر بموجب القرار 2504 الذي تنتهي مدته في العاشر من الشهر المقبل.
وتعمل كلّ من بلجيكا وألمانيا على صياغة مشروع جديد، حيث يقود البلدان الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن.
وأكدت مصادر مطلعة في مجلس الأمن لـ"العربي الجديد" في نيويورك، أن مسوَّدة المشروع الأولية التي تتفاوض الدول حولها حالياً، تنصّ على التجديد للآلية العابرة للحدود لسنة عبر المعبرين التركيين، باب الهوى وباب السلام، التي يُعمَل بها حالياً. وينصّ المشروع كذلك على العودة إلى فتح المعبر العراقي، اليعربية، لستة أشهر مع إمكانية التجديد عند الحاجة. ويبدو أن الطرفين، الروسي والصيني، يرفضان هذه الاقتراحات، ويصرّان على التجديد فقط للمعبرين التركيين، على أن تقدَّم بقية المساعدات بالتعاون مع النظام السوري وعبر الأراضي التي يسيطر عليها، وهي الإجراءات المتبعة في الأشهر الستة الأخيرة.
ومن المفترض أن تقدّم الأمم المتحدة في تقريرها أمام المجلس كذلك، توضيحاً لمدى تعاون النظام معها، وما إذا كان مستمراً في وضع العراقيل البيروقراطية أمام عملها، ومدى تأثير ذلك بمقدرتها على تقديم الكميات الكافية من المساعدات الإنسانية.
ويبدو أن مهمة الأمم المتحدة في تقديم المساعدات الإنسانية ستصبح أكثر تعقيداً، حيث أعلن الجانب الروسي قبل أيام انسحابه من ترتيبات طوعية لحماية المستشفيات وشحنات المساعدات الإنسانية، كانت تعمل بها الأمم المتحدة بالاتفاق مع الأطراف على الأرض في سورية.
وجاءت الخطوة الروسية بعد الإعلان في إبريل/ نيسان نتائج تحقيق أجرته الأمم المتحدة حول استهداف منشآت للرعاية الصحية ومدارس وملجأ للأطفال. وخلص التقرير إلى أنّ "من المحتمل للغاية أن تكون الحكومة السورية أو حلفاؤها قد نفذوا هجمات على ثلاثة مراكز للرعاية الصحية ومدرسة وملجأ للأطفال في شمال غرب سورية خلال العام الماضي".
ويشكك الجانب الروسي في تقرير الأمم المتحدة والمصادر المستخدمة، وينفي استهدافه لمواقع مدنية. يذكر أنّ انسحاب روسيا من تلك الترتيبات الطوعية لخفض التصعيد لا يعفيها من التزام القانون الدولي الإنساني، وعدم استهداف البنية التحتية المدنية. ومن المتوقّع أن تهاجم السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، كيلي كرافت، الجانب الروسي وانسحابه من تلك الترتيبات.
وعلى الرغم من تمكّن منظمة الصحة العالمية من تقديم جزء من المساعدات الطبية الضرورية للشمال الشرقي عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام، إلا أنها لم تصل إلا إلى نحو ثلاثين بالمئة من المراكز الطبية في تلك المنطقة، التي تحتاج الأمم المتحدة الوصول إليها. وتحاول تجهيز تلك المناطق المكتظة بالنازحين بالمعدات اللازمة، وخصوصاً في ظل تصاعد مخاطر انتشار فيروس كورونا الجديد حول العالم.
وحتى اللحظة، سُجّلت إصابة نحو 180 شخصاً بالفيروس في جميع أنحاء سورية، لكن خطر الانتشار السريع يحوم في الأفق، وخصوصاً في المخيمات ومناطق النزوح المكتظة بالسوريين. ويعيش أكثر من ستة ملايين سوري في الشمال الشرقي والشمال الغربي، في مناطق أغلبها خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام.
ويحتاج نحو أربعة ملايين منهم لنوع ما من المساعدات الإنسانية، ومن بين هؤلاء يوجد نحو 2.7 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية ماسة. وما زالت الأطراف عموماً ملتزمة وقف إطلاق النار الذي أُعلن منذ أشهر، على الرغم من تسجيل بعض الخروقات في تلك المناطق.
ومن المتوقع أن يتطرق لوكوك في إحاطته كذلك إلى عدد من القضايا المتعلقة بالوضع الإنساني والاقتصادي في سورية، وتأثيرها بتقديم الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية. ومن بين تلك القضايا، تدهور قيمة الليرة السورية وانخفاضها مقابل الدولار بنسبة 105 بالمئة منذ بداية شهر مايو/ أيار، ونحو 360 بالمئة خلال السنة الأخيرة.
وأدّى انخفاض قيمة الليرة السورية إلى ارتفاع حادّ في أسعار المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات الأساسية للسوريين في جميع أنحاء البلاد. ونتج من ذلك زيادة في عدد المحتاجين لمساعدات إنسانية، وهو ما أكدته تقارير لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، مفادها أن هناك قرابة 9.3 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وترجّح الأمم المتحدة أن يزداد عدد السوريين المحتاجين لمساعدات إنسانية في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويُرجَّح أن يذكر لوكوك قضية العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على النظام السوري، من دون أن يعطي ردّاً حاسماً على مدى تأثير تلك العقوبات بتقديم المساعدات الإنسانية وعمل الأمم المتحدة. ويقول الطرف الأميركي والاتحاد الأوروبي إن العقوبات المفروضة على النظام تستثني تقديم المساعدات الإنسانية ولا تؤثر فيها. وحتى الآن، لم يقدم لوكوك في أي من إحاطاته السابقة، أي تعليق أو تقدير لمدى تأثير تلك العقوبات فعلياً في تقديم الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية.
واكتفى المسؤول الأممي عند الحديث عن الموضوع، بالإشارة إلى التصريحات الأوروبية والأميركية حول ذلك. لكن الجانبين الصيني والروسي، على وجه التحديد، يرغبان في الحصول على إجابات أكثر وضوحاً من قبل لوكوك في هذا الشأن، وهو ما طالب به السفير الروسي لمجلس الأمن فاسيلي نيبينزا، في اجتماعات سابقة للمجلس حول الوضع الإنساني في سورية.