واصل سعر الدولار في مصر ارتفاعه مقابل الجنيه رغم مساعي المصرف المركزي المكثّفة للحد من السوق السوداء.
وقال متعاملون بسوق الصرف، لـ"العربي الجديد"، إن اجتماع المركزي مع شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية لم يسفر عن شيء، موضحين أن سعر الدولار ما زال يواصل ارتفاعه، حيث تراوح سعر البيع في السوق السوداء بين 8.7 و8.8 جنيهات، في حين يبلغ سعره رسمياً 7.83 جنيهات.
وكان المصرف المركزي المصري اجتمع، الأسبوع الماضي، مع شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية لتحجيم المضاربات بالسوق السوداء، إلا أن محللين أكدوا أن المركزي لم يتخذ إجراءات عملية لوقف نزيف الجنيه المصري مكتفياً بتوجيه تحذيرات لشركات الصرافة.
وفي هذا السياق، قال مصدر بشعبة الصرافة من الذين حضروا الاجتماع، لـ"العربي الجديد"، إن المركزي وجه إنذارات لأصحاب شركات الصرافة بعدم التلاعب في السوق، وهدّدهم باتخاذ إجراءات مشدّدة، وتكثيف الحملات الرقابية في حالة تجاوز الدولار نحو 8.5 جنيهات بالسوق السوداء، وأضاف المصدر "أن قيادات المصرف المركزي قالوا لنا إن نصف جنيه مكسب جيد في الدولار الواحد ولو تحرك السعر أكثر من 8.5 سنتحرك ضدكم".
وأوضح أن الاجتماع لم يتطرق إلى شركات الصرافة التي تم التحفظ عليها من قبل الأموال العامة بتهمة تمويل الجماعات الإرهابية، ما ساهم في تفاقم أزمة الدولار.
وكانت مباحث الأموال العامة تحفظت خلال الفترة الماضية، على 16 شركة صرافة شملت نحو 64 فرعا في مختلف المحافظات لاتهامها بتمويل الجماعات الإرهابية.
ولفت المصدر إلى أن عدد من حضر الاجتماع بلغ 12 من أعضاء شعبة الصرافة، الذين برروا ارتفاع سعر الدولار بدخول منافسين آخرين لهم في السوق مثل محلات الذهب وأصحاب شركات عقارية وتجار عملة دون ترخيص، بالإضافة إلى نقص المعروض، مطالبين المصرف المركزي بضبط السوق.
وثبت المركزي سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، في أخر عطاء دوري للمصارف، الخميس الماضي، حيث استقر سعر البيع عند 7.73 جنيهات للدولار، وفقا للموقع الإلكتروني للمصرف، وبالتالي يباع رسمياً بنحو 7.83 جنيهات. وبلغت قيمة العطاء الأخير، 40 مليون دولار، باع المركزي منها 39.4 مليوناً.
وقال رئيس شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، محمد الأبيض، لـ"العربي الجديد"، إن شركات الصرافة طالبت بإمكانية شراء الدولار بالعملات العربية، لتوفير سيولة بسوق الصرف، مشيرا إلي أن معظم شركات الصرافة تعمل وفقا للقانون وتحصل على هامش الربح المحدد لها.
وأوضح أن المصرف المركزي يسمح رسمياً لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا عن سعر البيع الرسمي، وهذا ما تقوم به الشركات، حسب تعبيره. وأضاف الأبيض أن السبب في ارتفاع الدولار بالسوق السوداء هو دخول بعض الدخلاء مثل محلات الذهب التي تضارب علي سعر الدولار.
وقال مدير إحدى شركات الصرافة بمنطقة وسط البلد، لـ"العربي الجديد"، إن اجتماعات المصرف المركزي مع شركات الصرافة ليس لها أي جدوى ولن تخفض الأسعار بالسوق السوداء، موضحاً أن السوق يشهد نقصا في الدولار يقابله زيادة كبيرة في الطلب.
وأشار مدير الشركة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن كل التوقعات والمؤشرات ترجح مواصلة سعر الدولار للارتفاع خلال الأيام المقبلة، خاصة مع عدم تعافي موارد النقد الأجنبي للدولة (الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج والسياحة وقناة السويس).
اقرأ أيضاً: مصر تواجه أزمة الدولار بالقبضة الأمنية
وأشار إلى وجود سوق سوداء كبيرة أيضا للعملات العربية، فعلي سبيل المثال يباع الريال السعودي بسعر 2.25 جنيه رغم أن سعره رسمياً 2.08 جنيه، ويباع الدرهم بسعر 2.30 جنيه وسعره الرسمي 2.12 جنيه.
وقال عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية، خالد الفار، لـ"العربي الجديد"، نشتري الدولار من شركات الصرافة بأسعار مرتفعة جدا تتراوح بين 8.8 و8.9 جنيهات، مع إضافة نسبة التحويل للخارج.
وأوضح أن المستورد يحمّل هذا السعر على البضائع المستوردة، مشيراً إلى أن المصانع رغم حصولها على الدولار من خلال المصارف إلا أنها تسعر البضائع للمستهلك حسب السوق السوداء للدولار.
ولف النظر إلى أن المستورد يضيف من 5 إلى 10% زيادة مرتقبة على سعر الدولار، وذلك نظرا لأن الرسائل تستغرق بين 35 إلى 90 يوما حتى تدخل السوق المصري.
وتوقعت شركة بلتون القابضة للاستثمارات المالية انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار ليسجل الأخير نحو 12 جنيهًا في غضون 5 سنوات، أي خلال 2020.
ورجحت "بلتون"، في ورقة بحثية، وصول العملة الأميركية رسمياً خلال العام الجاري إلى ما يتراوح بين 8.75 و9 جنيهات، وهو ما يتوافق بنسبة كبيرة مع السعر الحالي بالسوق السوداء حالياً، والذي يفوق القيمة الرسمية بنحو 13%.
وسمح المصرف المركزي الأسبوع الماضي للشركات العاملة في عدد من القطاعات، بزيادة المبالغ المسموح لها بإيداعها في المصارف إلى 250 ألف دولار شهريا، كما ألغى القيود على الإيداع اليومي بالدولار بالنسبة لتلك الشركات، في خطوة تستهدف زيادة السيولة المتاحة للبنوك من العملة الصعبة للوفاء بحاجات الاستيراد الأساسية.
وكان المركزي قد فرض في فبراير/شباط من العام الماضي حداً أقصى للإيداع النقدي بالدولار في المصارف عند عشرة آلاف دولار يوميا للأفراد والشركات، وبإجمالي 50 ألف دولار شهريا، في خطوة استهدفت محاربة السوق السوداء.
وتواجه مصر نقصاً في العملة الصعبة نتيجة تراجع موارد النقد الأجنبي الأساسية، ووصل احتياطي النقد إلى 16.4 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول، بما يكف لسداد وارداتها لنحو 3 أشهر فقط.
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الإثنين الماضي، إن قرار المصرف المركزي الأخير بتخفيف القيود على الإيداعات المصرفية بالدولار لن يحل مشكلات السيولة بالعملة الأجنبية لأن "الودائع الدولارية ستبقى أقل من الكميات المطلوبة لتمويل الواردات".
وأكدت موديز في تقريرها أن "الطلب على الدولار يظل أعلى بشكل ملحوظ من الكميات التي توفرها المصارف"، ما يجعل عدد من الشركات غير قادرة على الاستيراد.
واتخذت الحكومة مؤخرا مجموعة من الإجراءات لتحجيم الاستيراد، منها تشديد الشروط المصرفية وزيادة الجمارك على مجموعة من السلع غير الأساسية، وتبلغ قيمة واردات مصر 60 مليار دولار سنوياً حسب الإحصائيات الرسمية.
وكان طارق عامر، محافظ المصرف المركزي، قد توقع، مؤخراً، إن توفر القواعد التي تم فرضها للحد من الواردات "غير الضرورية"، ستوفر لمصر ما يقرب من 20 مليار دولار خلال العام الجاري.
اقرأ أيضاً:
الدولار يتراجع 50 قرشاً بالسوق السوداء في مصر
تحديات كبيرة تواجه مصر لكبح الدولار ووقف نزيف الجنيه