المرأة في قانون العمل الأردني

24 فبراير 2020
هل هي معنية بالتعديلات الجديدة؟ (صلاح ملكاوي/ Getty)
+ الخط -
في التعديلات الخاصة بقانون العمل الأردني المقترح من قبل الحكومة والمعروض على مجلس النواب، ثمّة ما يمسّ المرأة وحقوقها العمالية بطريقة مباشرة. فهي تتضمّن شطب مادة تحظر على المرأة العمل ليلاً وفي أوقات محدّدة، فيما أُدرج مصطلح "التحرّش الجنسي" في القانون للمرّة الأولى. والتعديلات المرتبطة بالمرأة العاملة، وهي اليوم بين يدَي لجنة العمل في مجلس النواب الأردني، تلقى قبولاً من قبل بعض الأطراف ومعارضة من قبل أخرى. فثمّة من يراها منصفة للمرأة إنّما مع تسجيل اعتراضات تصفها بالمجتزأة، فيما تعارضها جهات محافظة.

وطالبت 13 منظمة مجتمع مدني أردنية بردّ ومراجعة مشروع القانون المعدّل لقانون العمل المعروض حالياً على النواب، بهدف إجراء عملية إصلاح شاملة لأحكامه وليس فقط التركيز على هاتَين المادتَين (عمل المرأة ليلاً والتحرّش الجنسي)، بالإضافة إلى فتح حوار وطني فعّال على قاعدة المعايير الدولية ذات الصلة التي التزم بها الأردن والمبادئ والمنهجيات الواجب اتباعها في عملية الإصلاح.

تقول رئيسة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا كلش، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا بدّ من إعادة النظر بقانون العمل بشكل كامل، وليس بمادة هنا ومادة هناك، بحسب رأينا".

وحول المادة 69 المتعلقة بعمل المرأة ليلاً، ترى أنّ "الوصاية على المرأة مرفوضة، لكن لا يمكن القبول بإلغاء المادة المتعلقة بالعمل الليلي للمرأة من دون وجود حماية. فالأساس هو الحماية، من خلال وضع نظام يحمي العاملات بمواد تلزم صاحب العمل والحكومة بتأمين حماية للمرأة العاملة". وتشير إلى أنّ مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني أرسلت مذكّرة إلى المعنيّين بهذا الخصوص، مؤكدة أنّ "أيّ تعديل أو إلغاء للمادة من دون وضع قواعد للحماية قد يساهم في انسحاب نساء من سوق العمل". تضيف أنّ "الاهتمام والحماية ليسا مرتبطَين فقط بالعمل الليلي، بل يجب أن يشملا المرأة الحامل والمرضعة في أماكن العمل التي تشهد انبعاثاً للغازات على سبيل المثال".



وعن المادة 29 المتعلقة بالتحرّش الجنسي في مكان العمل، تقول كلش إنّ "التركيز تمّ على موضوع معيّن وهو التحرّش الجنسي، فيما أنواع التحرّش عديدة. ولا بدّ من أن يشمل الأمر العنف والتحرّش بمختلف أشكاله في أماكن العمل". وتلفت إلى أنّ "الحديث عن الحقّ في الانسحاب من مكان العمل في حال التحرّش والحصول على كلّ الحقوق ليس الحلّ، بل يجب إجراء تحقيق حول التحرّش"، مشدّدة على "ضرورة أن يُعرَّف التحرّش وفق ما جاء في اتفاقية 190 لمنظمة العمل الدولية، علماً أنّ العنف والتحرّش ليسا ضدّ المرأة فقط إنّما يقعان أحياناً على الرجل". وتتابع كلش أنّ "قانون العمل ليس وحده ما يؤثّر على عمل المرأة، بل العادات والتقاليد كذلك، بالإضافة إلى المواصلات وموضوع ساعات العمل والتمييز ما بين الرجل والمرأة في أمور كثيرة، منها الأجور". وترى كلش أنّ "الأرقام التي تقدّم حول مشاركة المرأة الاقتصادية في الأردن غير دقيقة، إذ إنّ ثمّة أعمالاً تمارسها المرأة في خارج إطار العمل المنظم، كالإنتاج في البيوت على سبيل المثال، وغير ذلك".

من جهته، لا يستبعد أمين عام وزارة العمل السابق ومدير مركز بيت العمال للدراسات، حمادة أبو نجمة، أن تكون "قوى شدّ عكسي تؤثّر على تعديل القوانين. لكنّ للحكومة توجّهات تتعلق ببرامج محلية، وهي ملتزمة كذلك باتفاقيات دولية تحدّد نهجها في التشريعات المتعلقة بالعمل".

ويشرح أبو نجمة لـ"العربي الجديد"، أنّ "فكرة التعديلات التي تتّجه إليها الحكومة خاطئة، فقوانين العمل مختلفة عن التشريعات الأخرى، وهي ترتبط بمواثيق واتفاقيات دولية أعلن الأردن التزامه بها، ولا بدّ من إشراك كلّ الأطراف المعنية عند التعديل، أي العمّال وأصحاب العمل والحكومة بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني، من خلال حوار على مستوى وطني".



ويشدّد أبو نجمة على أنّ "تعديل قانون العمل لا يتمّ بالتجزئة، بل يجب أن تكون ثمّة عملية إصلاح شاملة. فالمرأة تتأثر بكلّ بنود قانون العمل وليس فقط بالمواد التي ذُكرت فيها بشكل مباشر"، لافتاً إلى أنّ "تشريعات دولية كثيرة لا تولي خصوصية للمرأة إلا في حالات محدودة ترتبط بالحمل وقضايا أخرى". ويقول إنّ "المادتَين المرتبطتَين بالمرأة، تلك الخاصة بالعمل الليلي (69)، والخاصة بالتحرّش الجنسي (29)، هما جزء بسيط من قانون العمل. والأهمّ بالنسبة إلى المرأة هو المساواة في العمل، ليس فقط في ما يتعلّق بالأجور إنّما كذلك بالتعيين والمراكز الوظيفية وإنهاء الخدمة". ويشير أبو نجمة في هذا الإطار إلى "قيام مؤسسات بفحص المرأة للتأكد مما إذا كانت حاملاً أم لا قبل تعيينها، في وقت سابق. ولو كان ثمّة نصّ حول المساواة وعدم التمييز لاتُّخذت إجراءات في حقّ تلك المؤسسات"، مؤكداً أنّ "ثمّة مظاهر لعدم المساواة تظهر أمام الرأي العام، فيما بعضها يبقى خلف الأبواب المغلقة". ويتابع أبو نجمة أنّ "تعديل المادتَين 69 و29 أتى لاسترضاء بعض الجهات، لكنّه لا يقدّم الإضافة المطلوبة، بالتالي هو غير كاف. والمطلوب في المادة 29 هو تعريف عمليّة التحرّش والنصّ على عقوبات وقواعد وإجراءات تحدّ من التحرّش وتمنعه، وهذا غير متوفّر في التعديلات الأخيرة".

تفيد بيانات دائرة الإحصاءات العامة في الأردن بأنّ المشاركة الاقتصادية للإناث في البلاد تبلغ نحو 15 في المائة، وأنّ 96 في المائة من الأردنيات العاملات مستخدمات لقاء أجر، في حين أنّ صاحبات الأعمال اللواتي يشتغلنَ لحسابهنّ الخاص لا يمثّلنَ إلا أربعة في المائة من إجمالي النساء العاملات في البلد.
المساهمون