بالرغم من الحروب التي اندلعت في المنطقة، خصوصاً تلك التي أطلقها قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، كانت المجتمعات العربية عموماً تتمتع بقسط من التنوع والاستقرار والثبات. خلال تلك الحروب فقدت الكثير من النساء العربيات عموماً، والفلسطينيات خصوصاً، الكرامة الوطنية مع فقدان الزوج والأب والابن، هذا عدا عن المئات من المناضلات اللواتي قدمن حياتهن في خضم الصراع.
لكنّ الأمور لم تقف عند هذا الحد، إذ سرعان ما أدى العجز العربي إلى اندلاع حروب أهلية داخلية. وكان على النساء العربيات أن يدفعن ثمناً مضاعفاً عما عرفنه في مراحل سابقة. التطورات اللاحقة لم تصبّ أبداً في صالح المرأة ونضالها من أجل التحرر والمساواة مع الرجل. العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية كانت هي الأقسى، وكان انهيار الأحلام بالوحدة والتحرير والتقدم والمساواة والتنمية هو العلامة الفارقة، حتى وصلنا إلى المرحلة التي نعبرها الآن وسط الدماء والدموع.
سابقاً، كان على النساء أن يناضلن في دول لها مؤسساتها من أجل تعديل الكثير من القوانين المجحفة التي تسنها برلمانات ومجالس نيابية عبر التظاهر ووسائل التعبير الديمقراطية، وفي الوقت نفسه زحزحة صخرة الأوضاع القاهرة عن صدورهن بالاحتجاج، وإثبات أنفسهن في مجالات التعليم والمعرفة والمهارات وسوق العمل.
لكنّ ما تشهده المنطقة اليوم، يختلف، فالدول والمجتمعات تتشظى وتلقي بحممها على النساء أكثر من باقي الفئات. الظروف الإقليمية تكاد تزعزع فكرة الدولة والقوانين الوطنية. كما يتقلص هامش الدعوة إلى المساواة. كما أنّ مبدأ المساواة نفسه يتعرض للتشكيك بسبب انتعاش الأفكار السياسية والدينية المتطرفة التي تعمل على إعادة المرأة إلى القمقم. وبذلك، باتت اليوم شبه معزولة عن لعب دورها كمساهمة في عملية التغيير، باعتبار مساهمتها مرفوضة ومرذولة ولا ضرورة لها.
مع انفجار المجتمعات العربية ونمو التيارات المتطرفة، باتت المرأة في ورطة مضاعفة. باتت تعيش ورطة الحروب وما تخلفه على أوضاعها تحديداً وسط فوضى الممارسات المجتمعية سواء أخذت طابع العنف الموصوف أو الفتاوى والاجتهاد المبتذل. إذ ماذا يعني ما تفرضه "داعش" وغيرها على النساء سواء أكن إيزيديات أو مسيحيات أو مسلمات من سبي ورق ونكاح!؟ ما يتوجب ذكره أنّ عرض النساء في سوق النخاسة لا يقتصر على "داعش" وما شابهها، بل إنّ شرائح من مجتمعات كثيرة تعرض نساءها بأشكال مقنّعة للبيع في سوق لا ترحم، مهما كانت التسميات التي تحملها وأشكال التحايل العتيقة والحديثة المعتمدة لتسويقها.
(أستاذ جامعي)
اقــرأ أيضاً
لكنّ الأمور لم تقف عند هذا الحد، إذ سرعان ما أدى العجز العربي إلى اندلاع حروب أهلية داخلية. وكان على النساء العربيات أن يدفعن ثمناً مضاعفاً عما عرفنه في مراحل سابقة. التطورات اللاحقة لم تصبّ أبداً في صالح المرأة ونضالها من أجل التحرر والمساواة مع الرجل. العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية كانت هي الأقسى، وكان انهيار الأحلام بالوحدة والتحرير والتقدم والمساواة والتنمية هو العلامة الفارقة، حتى وصلنا إلى المرحلة التي نعبرها الآن وسط الدماء والدموع.
سابقاً، كان على النساء أن يناضلن في دول لها مؤسساتها من أجل تعديل الكثير من القوانين المجحفة التي تسنها برلمانات ومجالس نيابية عبر التظاهر ووسائل التعبير الديمقراطية، وفي الوقت نفسه زحزحة صخرة الأوضاع القاهرة عن صدورهن بالاحتجاج، وإثبات أنفسهن في مجالات التعليم والمعرفة والمهارات وسوق العمل.
لكنّ ما تشهده المنطقة اليوم، يختلف، فالدول والمجتمعات تتشظى وتلقي بحممها على النساء أكثر من باقي الفئات. الظروف الإقليمية تكاد تزعزع فكرة الدولة والقوانين الوطنية. كما يتقلص هامش الدعوة إلى المساواة. كما أنّ مبدأ المساواة نفسه يتعرض للتشكيك بسبب انتعاش الأفكار السياسية والدينية المتطرفة التي تعمل على إعادة المرأة إلى القمقم. وبذلك، باتت اليوم شبه معزولة عن لعب دورها كمساهمة في عملية التغيير، باعتبار مساهمتها مرفوضة ومرذولة ولا ضرورة لها.
مع انفجار المجتمعات العربية ونمو التيارات المتطرفة، باتت المرأة في ورطة مضاعفة. باتت تعيش ورطة الحروب وما تخلفه على أوضاعها تحديداً وسط فوضى الممارسات المجتمعية سواء أخذت طابع العنف الموصوف أو الفتاوى والاجتهاد المبتذل. إذ ماذا يعني ما تفرضه "داعش" وغيرها على النساء سواء أكن إيزيديات أو مسيحيات أو مسلمات من سبي ورق ونكاح!؟ ما يتوجب ذكره أنّ عرض النساء في سوق النخاسة لا يقتصر على "داعش" وما شابهها، بل إنّ شرائح من مجتمعات كثيرة تعرض نساءها بأشكال مقنّعة للبيع في سوق لا ترحم، مهما كانت التسميات التي تحملها وأشكال التحايل العتيقة والحديثة المعتمدة لتسويقها.
(أستاذ جامعي)