"المدينة العربية الحديثة في الأدب والعمارة" عنوان الندوة التي ينظّمها "معهد الثقافات الإسلامية" ضمن موسمه حول بغداد، بالتعاون مع "معهد البحوث والدراسات المتوسطية والشرق الأوسط" (إيرمو) عند السابعة من مساء غدٍ الخميس في باريس.
يشارك في الندوة كل من سيسيليا بيري ولوك ويلي دوفيلز، واللذين يقدّمان مقاربتهما حول بناء المدن العربية في العصر الحديث وتمثلها بين الحقيقة والتخييل، عبر اختيار العاصمة العراقية نموذجاً لتطورها، وكيف يلتقي الشرق والغرب فيها، في سياق ما عاشته من اضطرابات اجتماعية وسياسية في فترة حافلة بالأحداث.
تتناول الباحثة في "المرصد الحضاري" الباريسي زيارتها لأول مرة إلى بغداد بعد الاحتلال الأميركي، لتكتشف هناك مدينة غير مرئية للعالم بسبب الدمار التي خلّفته الحروب، حيث لا تزال بعض مبانيها تروي حقبة بدأت مع الاستعمار البريطاني الذي تولّى مهمة التخطيط للمدينة منذ عام 1920، ضمن رؤية تحديثية تعتمد تقاليد البناء العراقي القديمة، وكيف اعتمدت السلطات لاحقاً نمطاً من العمارة يعكس ما يمكن تسميته بالليبرالية "المنضبطة" التي تتكيف مع التغيرات دون التخلي عن صرامة في الشكل.
ألّفت بيري عام 2015 كتاباً بعنوان "بغداد. بناء عاصمة حديثة، 1914-1960" توضّح فيه التجانس في تصميم المدينة وفق طبقاته وتراكمه التاريخي الذي سبق التأثيرات البريطانية والغربية، الذي بدأ مع تولّي المهندس البريطاني جي إم. ويلسون مسؤولية الأشغال عام 1920، ووضع مخططاته لنهضة معمارية لا تزال بعض آثارها موجودة لليوم.
تشير الباحثة إلى أن بغداد العشرينيات أعادت تعريف السكن وحضوره التقليدي والثقافي المتمثل في الساحات الداخلية والمساحات الخاصة والشرفات والأسطح بطرازها التقليدي وفق رؤية تتيح إدخال مواد وتصميمات وإكسسوارات جديدة، لتنتج خصوصيتها بعيداً عن الخلط والتهجين.
من جهته، يذهب الباحث والأكاديمي في "معهد اللغات والحضارات الشرقية معهد اللغات والحضارات الشرقية" إلى تاريخ المدن العربية وإشكالية علاقتها بالتراث، وهو الذي اهتمّ في الحالة الجزائرية في بحثين له هما "الإسلام والفكر المعاصر في الجزائر" و"التاريخ والملحمة الأدبية لدى التيارات الأصولية خلال السبعينيات".
كما يناقش دوفيلز تمثّلات المدينة العربية من خلال الأدب من خلال تحليله لرواية "السد" للكاتب التونسي الراحل محمود المسعدي، إلى جانب ترجمته لرواية "الغرف الأخرى" للكاتب الفلسطيني الراحل جبرا إبراهيم جبرا.