لم يكن المدنيون الذين قارب عددهم الستين، وقُتلوا في بلدة الجينة بريف حلب الشرقي شمال سورية، جراء غارة جوية أميركية، أولى الضحايا المدنيين للقصف الجوي في سورية، فقد سبقها ارتكاب الكثير من المجازر من قبل مختلف الجهات المشاركة بالعمليات العسكرية في سورية، وعلى رأسها الطيران الحربي الروسي وطيران النظام وحتى طيران التحالف الدولي، إذ يتم الحديث عن استهداف مجموعات إرهابية من أمثال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتنظيم "جبهة النصرة"، في حين من يكون ضحية تلك الغارات في الغالب من المدنيين.
فقد شنّت طائرات حربية غارات تحمل قذائف صاروخية شديدة الانفجار على بلدة الجينة في ريف حلب الشرقي ليل أول من أمس الخميس، تبيّن أنها استهدفت المسجد في البلدة، ما أدى إلى سقوط 57 قتيلاً كما أفادت مصادر طبّية "العربي الجديد"، في وقت قالت فيه مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن "المسجد كان فيه نحو 250 شخصاً، من مختلف مناطق ريف حلب الغربي، وكانوا يحضرون جلسة دعوية لعدد من الدُعاة الرُحّل".
من جهتها، حاولت واشنطن التهرب من المسؤولية عن استهداف المسجد، وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، الكولونيل جون توماس: "لم نستهدف مسجداً، غير أنّ المبنى الذي استهدفناه حيث كان هناك تجمع لتنظيم القاعدة يقع على بُعد نحو 15 متراً من مسجد لا يزال قائماً"، لافتا إلى أنه سيتم إجراء "تحقيق في الادعاءات بأنّ تلك الضربة قد تكون أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين". وكان بيان سابق للقيادة المركزية قد أشار إلى أن "القوات الأميركية شنّت ضربة جوية على تجمّع للقاعدة في سورية، في السادس عشر من مارس/آذار، في محافظة إدلب، ما أدى إلى مقتل العديد من الإرهابيين".
وعثر ناشطون خلال انتشال الضحايا، على مخلّفات للصواريخ التي استهدفت المسجد، وكانت من نوع "هيلفاير" وتبيّن أنه من طرازٍ أميركي. وبحسب التحليلات والصور فإن القصف كان من طائرة أميركية من دون طيار من طراز "predator"، واستخدمت صاروخين من نوع "هيلفاير" شديدي التفجير.
وتسبّب القصف بدمار هائل في المسجد حيث عمل عناصر الإغاثة والإسعاف لساعات طويلة، مستعينين بالمصابيح الكهربائية في ظل ظلام دامس لإخراج الناجين والجثث من تحت الأنقاض، بحسب وكالة "فرانس برس". وتجمّع الناس في مكان الغارة، وبدأ بعضهم بإزالة الحجارة بيديه لمحاولة إخراج العالقين. وتسيطر فصائل معارضة على مناطق واسعة من ريف حلب بينها قرية الجينة الواقعة على بعد نحو ثمانية كيلومتراً من الحدود الإدارية بين محافظتي حلب وإدلب.
واعتبرت "حركة أحرار الشّام الإسلامية" في بيان لها حول المجزرة، أن غارات التحالف الدولي على منطقة إدلب وما حولها وتغاضيه عن جرائم المليشيات الإيرانية لن تسهم إلا في تثبيت نظام بشار الأسد وزيادة مستوى العنف في سورية. وقالت الحركة إنّ "استهداف المساجد ودور العبادة جريمة حرب في جميع الأديان والقوانين الدولية وقصفها أوقات اكتظاظها بالمصلين تبييت مسبق لإيقاع ضحايا مدنيين".
وأفادت العديد من التقارير خلال الأشهر الثلاثة الماضية بوقوع عشرات المجازر بحق المدنيين، فقد وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها المجازر المنفذة من قبل أطراف النزاع في سورية، خلال شباط/فبراير الماضي، والتي بلغ عددها 28 مجزرة، 6 منها على يد الطيران الروسي، ومجزرة واحدة على يد قوات التحالف الدولي، و13 منها على يد قوات النظام. ولفت التقرير إلى أن "معظم تلك المجازر كان بحق السكان المدنيين"، في وقت قُدّرت فيه نسبة الضحايا من النساء والأطفال بـ57 في المائة. وأضاف التقرير أن "حجم وطبيعة المجازر المتكررة، ومستوى القوة المفرطة المستخدمة فيها، والطابع العشوائي للقصف والطبيعة المنسقة للهجمات، لا يمكن أن يكون إلا بتوجيهات عليا مرتبطة بسياسة الدول التي تنفذها".
اقــرأ أيضاً
كذلك كانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد وثّقت خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي وقوع 21 مجزرة بحق المدنيين في دير الزور، وحلب، وإدلب، والرقة، وريف دمشق، وحمص وحماة واللاذقية، موضحة أنها وقعت على يد خمس جهات هي: النظام السوري 6 مجازر، القوات الروسية 5، تنظيم الدولة الإسلامية 3، قوات التحالف الدولي 4، وجهات مجهولة 3 مجازر. وذكرت أن العدد الكامل للضحايا المدنيين هو 205 ضحايا، بينهم 64 طفلاً و27 سيدة، أي ما يعادل 45 في المائة منهم من النساء والأطفال.
من جهته، نشر "مكتب التوثيق" في "المركز الصحفي السوري"، تقريراً أفاد بتوثيقه مقتل 1119 شخصاً في سورية خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، لافتاً إلى أن من بينهم 953 مدنياً، سقط معظمهم إثر "المجازر" التي ارتكبتها روسيا والنظام والمليشيات الإيرانية، توزعوا على 251 طفلاً، 110 نساء، 583 رجلاً، 5 كوادر طبية، 3 عناصر دفاع مدني إضافة لإعلامي واحد. وبيّن التقرير أن 190 قتيلاً منهم سقطوا بغارات الطيران الروسي، و113 قتيلاً على يد طيران التحالف الدولي.
كذلك أفاد "مكتب التوثيق" أنه وثّق خلال ذات الشهر وقوع 93 مجزرة بحسب التعريف المنصوص عليه بالقانون الدولي وهو "مقتل خمسة أشخاص فما فوق من المدنيين في نفس المكان والزمان"، في المناطق التي تقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة راح ضحيتها 1023 قتيلاً. وأوضح أن "38 مجزرة منها وقعت على يد الطيران الروسي، و8 مجازر على يد طيران التحالف الدولي".
وقال مصدر عسكري من الجيش السوري الحر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "استخدام الطائرات الحربية والطائرات من دون طيار أصبح أساسياً في العمليات العسكرية الدائرة في سورية، سواء من قبل قوات النظام أو من قبل الدول المتدخلة بالشأن السوري، خصوصاً روسيا، وتتركز غالبية عملياتها في مناطق سكنية مكتظة بالسكان، خصوصاً تلك التي تخضع لسيطرة الفصائل المسلحة المعارضة والإسلامية، الأمر الذي يرفع عدد الضحايا من المدنيين".
ورأى المصدر أن "الطيران الحربي التابع لقوات النظام وروسيا، يتقصد استهداف المناطق السكنية، خصوصاً الأسواق الشعبية والنقاط الطبية وحتى المدارس، وذلك ضمن سياستها في الضغط على المدنيين للانقلاب على الفصائل المسلحة المعارضة، التي تتحمل من جهة أخرى أعباء تأمين الرعاية الطبية اللازمة، إضافة إلى إعالة أسر القتلى والجرحى في ظل وضع إنساني ومادي صعب جداً". وأوضح أنه "يتم استهداف ما يوصف بأنه مقرات لجماعات إرهابية متواجدة داخل المناطق السكنية في غالب الأحيان توجد في أماكن مكتظة بالسكان، متخذين منهم درعاً بشرياً، كما أن هناك إحداثيات لا تكون صحيحة في بعض الأحيان، إضافة إلى أن طبيعة المساكن المتلاصقة تجعل كثافة السكان كبيرة في مناطق المعارضة التي تعيش فيها أعداد كبيرة من النازحين، الأمر الذي سيتسبب بسقوط ضحايا مدنيين إثر كل عملية جوية".
واعتبر المصدر أنه "من غير المبرر أن يتم قتل عشرات المدنيين في بلدة أو مدينة سورية، من أجل قتل عدد من عناصر هذا التنظيم أو ذاك، أو أن تُدمر مدن بالكامل ويُهجر عشرات آلاف المدنيين، عبر اعتماد سياسة الأرض المحروقة باستخدام القصف الجوي والصاروخي شديد التدمير من أجل طرد مقاتلي التنظيمات، إذ يكون الاعتماد الأساسي على السلاح الجوي والصاروخي، في ظل غياب القوات البرية اللازمة لطرد تلك التنظيمات عبر معارك ميدانية تكون أقل تدميراً وأكثر دقة في اختيار الأهداف المراد تدميرها".
والجدير بالذكر أن روسيا بدأت أخيراً تستخدم سلاحها الجوي لقصف المدنيين بشكل متعمد من أجل الضغط على المعارضة للقبول بشروطها أو تقديم تنازلات معينة خلال المفاوضات، لا سيما قبيل اجتماعي أستانة الأخيرين.
اقــرأ أيضاً
فقد شنّت طائرات حربية غارات تحمل قذائف صاروخية شديدة الانفجار على بلدة الجينة في ريف حلب الشرقي ليل أول من أمس الخميس، تبيّن أنها استهدفت المسجد في البلدة، ما أدى إلى سقوط 57 قتيلاً كما أفادت مصادر طبّية "العربي الجديد"، في وقت قالت فيه مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن "المسجد كان فيه نحو 250 شخصاً، من مختلف مناطق ريف حلب الغربي، وكانوا يحضرون جلسة دعوية لعدد من الدُعاة الرُحّل".
وعثر ناشطون خلال انتشال الضحايا، على مخلّفات للصواريخ التي استهدفت المسجد، وكانت من نوع "هيلفاير" وتبيّن أنه من طرازٍ أميركي. وبحسب التحليلات والصور فإن القصف كان من طائرة أميركية من دون طيار من طراز "predator"، واستخدمت صاروخين من نوع "هيلفاير" شديدي التفجير.
وتسبّب القصف بدمار هائل في المسجد حيث عمل عناصر الإغاثة والإسعاف لساعات طويلة، مستعينين بالمصابيح الكهربائية في ظل ظلام دامس لإخراج الناجين والجثث من تحت الأنقاض، بحسب وكالة "فرانس برس". وتجمّع الناس في مكان الغارة، وبدأ بعضهم بإزالة الحجارة بيديه لمحاولة إخراج العالقين. وتسيطر فصائل معارضة على مناطق واسعة من ريف حلب بينها قرية الجينة الواقعة على بعد نحو ثمانية كيلومتراً من الحدود الإدارية بين محافظتي حلب وإدلب.
واعتبرت "حركة أحرار الشّام الإسلامية" في بيان لها حول المجزرة، أن غارات التحالف الدولي على منطقة إدلب وما حولها وتغاضيه عن جرائم المليشيات الإيرانية لن تسهم إلا في تثبيت نظام بشار الأسد وزيادة مستوى العنف في سورية. وقالت الحركة إنّ "استهداف المساجد ودور العبادة جريمة حرب في جميع الأديان والقوانين الدولية وقصفها أوقات اكتظاظها بالمصلين تبييت مسبق لإيقاع ضحايا مدنيين".
وأفادت العديد من التقارير خلال الأشهر الثلاثة الماضية بوقوع عشرات المجازر بحق المدنيين، فقد وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها المجازر المنفذة من قبل أطراف النزاع في سورية، خلال شباط/فبراير الماضي، والتي بلغ عددها 28 مجزرة، 6 منها على يد الطيران الروسي، ومجزرة واحدة على يد قوات التحالف الدولي، و13 منها على يد قوات النظام. ولفت التقرير إلى أن "معظم تلك المجازر كان بحق السكان المدنيين"، في وقت قُدّرت فيه نسبة الضحايا من النساء والأطفال بـ57 في المائة. وأضاف التقرير أن "حجم وطبيعة المجازر المتكررة، ومستوى القوة المفرطة المستخدمة فيها، والطابع العشوائي للقصف والطبيعة المنسقة للهجمات، لا يمكن أن يكون إلا بتوجيهات عليا مرتبطة بسياسة الدول التي تنفذها".
كذلك كانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد وثّقت خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي وقوع 21 مجزرة بحق المدنيين في دير الزور، وحلب، وإدلب، والرقة، وريف دمشق، وحمص وحماة واللاذقية، موضحة أنها وقعت على يد خمس جهات هي: النظام السوري 6 مجازر، القوات الروسية 5، تنظيم الدولة الإسلامية 3، قوات التحالف الدولي 4، وجهات مجهولة 3 مجازر. وذكرت أن العدد الكامل للضحايا المدنيين هو 205 ضحايا، بينهم 64 طفلاً و27 سيدة، أي ما يعادل 45 في المائة منهم من النساء والأطفال.
من جهته، نشر "مكتب التوثيق" في "المركز الصحفي السوري"، تقريراً أفاد بتوثيقه مقتل 1119 شخصاً في سورية خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، لافتاً إلى أن من بينهم 953 مدنياً، سقط معظمهم إثر "المجازر" التي ارتكبتها روسيا والنظام والمليشيات الإيرانية، توزعوا على 251 طفلاً، 110 نساء، 583 رجلاً، 5 كوادر طبية، 3 عناصر دفاع مدني إضافة لإعلامي واحد. وبيّن التقرير أن 190 قتيلاً منهم سقطوا بغارات الطيران الروسي، و113 قتيلاً على يد طيران التحالف الدولي.
كذلك أفاد "مكتب التوثيق" أنه وثّق خلال ذات الشهر وقوع 93 مجزرة بحسب التعريف المنصوص عليه بالقانون الدولي وهو "مقتل خمسة أشخاص فما فوق من المدنيين في نفس المكان والزمان"، في المناطق التي تقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة راح ضحيتها 1023 قتيلاً. وأوضح أن "38 مجزرة منها وقعت على يد الطيران الروسي، و8 مجازر على يد طيران التحالف الدولي".
وقال مصدر عسكري من الجيش السوري الحر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "استخدام الطائرات الحربية والطائرات من دون طيار أصبح أساسياً في العمليات العسكرية الدائرة في سورية، سواء من قبل قوات النظام أو من قبل الدول المتدخلة بالشأن السوري، خصوصاً روسيا، وتتركز غالبية عملياتها في مناطق سكنية مكتظة بالسكان، خصوصاً تلك التي تخضع لسيطرة الفصائل المسلحة المعارضة والإسلامية، الأمر الذي يرفع عدد الضحايا من المدنيين".
واعتبر المصدر أنه "من غير المبرر أن يتم قتل عشرات المدنيين في بلدة أو مدينة سورية، من أجل قتل عدد من عناصر هذا التنظيم أو ذاك، أو أن تُدمر مدن بالكامل ويُهجر عشرات آلاف المدنيين، عبر اعتماد سياسة الأرض المحروقة باستخدام القصف الجوي والصاروخي شديد التدمير من أجل طرد مقاتلي التنظيمات، إذ يكون الاعتماد الأساسي على السلاح الجوي والصاروخي، في ظل غياب القوات البرية اللازمة لطرد تلك التنظيمات عبر معارك ميدانية تكون أقل تدميراً وأكثر دقة في اختيار الأهداف المراد تدميرها".
والجدير بالذكر أن روسيا بدأت أخيراً تستخدم سلاحها الجوي لقصف المدنيين بشكل متعمد من أجل الضغط على المعارضة للقبول بشروطها أو تقديم تنازلات معينة خلال المفاوضات، لا سيما قبيل اجتماعي أستانة الأخيرين.