وجد الجزائري جمال بلماضي نفسه مدرباً للمنتخب القطري لكرة القدم الشهير بلقب "العنابي"، بعدما تعاقد معه الاتحاد القطري لتدريب منتخب بلاده لمدة أربعة أعوام، لما يتمتع به المدرب الشاب من امكانيات أذهلت القطريين، حين تُوّج مع نادي لخويا الصاعد حديثاً، بلقب الدوري القطري للمحترفين، مرتين متتاليتين في عامي 2011 و 2012، وقبلها التتويج بلقب بطولة غرب آسيا مع المنتخب الأولمبي القطري.
وراهن كثيرون على نجاح بلماضي، الذي استلم الدفة الفنية لـ"العنابي" قبل ثمانية أشهر بالضبط من انطلاقة "خليجي 22"، ليكون المدرب الجزائري أمام محك صعب في أول بطولة يخوضها مدرباً على مستوى المنتخبات الأولى، وهي التي اعتبرت بمثابة مغامرة كبيرة للمدرب الشاب الذي يبلغ عمره (37) عاماً.
واستلم بلماضي الذي تنتظره مهمة صعبة مع "العنابي" في كأس أمم آسيا لكرة القدم، الذي يقام في أستراليا العام المقبل، وبدأ تحضيراته لـ"خليجي 22"، التي لم تكن بدايتها مرضية، حيث فشل المنتخب القطري في تسجيل أي فوز في أربع مباريات متتالية خسر خلالها واحدة، قبل أن يعود لحصد أربعة انتصارات متتالية، بينها فوز ساحق على لبنان 5-صفر، والتفوق على أوزبكستان 3-صفر، والأهم الفوز على أستراليا 1-صفر، ليدخل بعضاً من التفاؤل والسرور في نفوس القطريين، خصوصاً أنه حقق الفوز في مباراتيّ أستراليا وأوزباكستان، وهي المرة الأولى التي تنجح قطر في التغلب عليهم ودياً أو رسمياً.
ودخل المدرب الجزائري معترك "خليجي 22" ، وكانت البداية تعادلات ثلاثة، قبل أن ينتفض في نصف النهائي، والنهائي، بفوزين مثيرين على عُمان والسعودية على التوالي، لينجح المنتخب القطري في التتويج باللقب الخليجي للمرة الثالثة في تاريخه، في حين نجح في انتزاع اللقب الأول له في مسيرته كمدرب محترف للمنتخبات الأولى.
وعُرف عن بلماضي تميزه بالحماسة والثقة التي اكتسبها من تاريخه كلاعب، حيث لعب لعدد من أهم الأندية في فرنسا، أبرزها باريس سان جيرمان حيث بدأ مشواره الاحترافي، وكذلك أولمبيك مرسيليا وكان، كما لعب في الدوري الإسباني مع سيلتا فيجو، ولعب في الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي وساوثهامبتون، لينتقل بعدها للدوري القطري حيث لعب مع الغرافة، والخريطيات.
وفي صيف العام 2010، انتقل بلماضي للتدريب، وكانت أولى محطاته مع لخويا الذي قاده نحو بطولة الدوري القطري لموسمين متتاليين، حيث كوّن فريقاً مبهراً خطف لقب الدوري القطري لأول مرة في تاريخه، كما أوصله إلى نهائي كأس الشيخ جاسم، لكنه خسره. وأثبت بلماضي أن تحقيق لخويا لم يأت بالمصادفة، إذ نجح في الاحتفاظ باللقب بعد أن فاز به للمرة الثانية على التوالي، قبل أن يستقيل في الموسم الثالث من لخويا بسبب تردي نتائجه.
واعترف الجميع بقدرات بلماضي وعمله مع المنتخب القطري، حيث انعكس ذلك على تتويجه باللقب الخليجي، دون إغفال المستوى الفني المميز الذي ظهر عليه "العنابي" تحت قيادة بلماضي، الذي قدم أيضاً للكرة القطرية أسماءً جديدة وشابة ستكون بمثابة المستقبل المشرق لقطر خلال السنوات المقبلة.
ويجمع المراقبون على أن التجربة التدريبية التي خاضها بلماضي في الملاعب القطرية مع نادي لخويا، سهلت عليه الكثير من خلال معرفته بإمكانيات اللاعبين القطريين، وهو ما ساهم معه في إيجاد توليفة قادرة على تحقيق الفوز والانتصارات. مع العلم أن مسيرة بلماضي مع منتخب بلاده كانت متواضعة، إذ لم يلعب معه سوى في سبعة مباريات خلال عاميّ 2004 و 2006 حيث كانت آخر مبارياته مع المنتخب الجزائري.
ولم تكن مسيرة بلماضي، حتى بعد قيادته للمنتخب القطري، معبدة بالورود، حيث تعرض لجملة من الانتقادات والضغوطات، قبل بدء "خليجي22" وخلالها، كونه لا يرتبط بعلاقة جيدة مع وسائل الإعلام، وبدا وكأنه لا يرغب في حضور المؤتمرات الصحافية، وأصبحت إجاباته مقتضبة على أسئلة المراسلين، أو حتى تجاهلها. وتعرض لأكثر من مرة للانتقاد بسبب غيابه عن المؤتمرات الصحافية، رغم أن مساعده المدرب الفرنسي سيرج روماو ينوب عنه، إلى جانب انتقادات أخرى له كونه لا يتحدث العربية ويخاطب الجميع باللغة الفرنسية، إلى جانب الانتقاد الأخير، وهو الظريف، حين لقبوه بالمدرب الذي لا يبتسم، لكن الأخير ابتسم بقوة بعد تحقيق لقب "خليجي 22".
يذكر أن بلماضي نجح في تحقيق الهدف الأول في عقده مع الاتحاد القطري لكرة القدم، والذي اشترط عليه المنافسة على كأس الخليج، إلى جانب لعب أدوار متقدمة في كأس آسيا 2015، وأخيراً التأهل لنهائيات كأس العالم التي تستضيفها روسيا في العام 2018.