المخاطر الأمنية تُنمي خدمات "الدليفري" في بغداد

29 ديسمبر 2015
سوق تجارية في بغداد (فرانس برس)
+ الخط -
تشهد العاصمة العراقية بغداد، انتعاش ظواهر تجارية جديدة، فرضها الوضع الأمني المتردي، لتظهر بقوة مهنة توصيل البضائع "الدليفري" في مختلف مدن وأحياء العاصمة في مجالات تجارية وخدمية عدة دون أن تقتصر على المطاعم التي كانت المجال الرئيسي لهذا النشاط.
ومع حداثة هذه المهنة، إلا أنها تمثل فرصة لتحقيق أرباح ومكاسب تجارية للمنتفعين منها، خاصة في ظل تراجع فرص العمل في قطاعات عدة بالبلاد.
ويقول محللون اقتصاديون، إن عدد العاملين في هذا النشاط، الذي كان محدودا في السابق، يتنامى يوماً تلو الآخر، خاصة أن هناك الكثير من سكان بغداد لا يستطيعون التحرك بحرية خشية على حياتهم وأسرهم نتيجة واقع أمني متدهور، ما يجعلهم يفضلون التسوق عن بعد، وهذا ما تحدث عنه يوسف العبيدي، لـ"العربي الجديد"، صاحب متجر لبيع الحلويات في بغداد، والذّي يوفر خدمة "الدليفري" لزبائنه.
وقال العبيدي إنّ "هذا النشاط التجاري الجديد ظاهرة حضارية وهو بنفس الوقت يوفر الجهد والمنفعة لكلا الطرفين البائع والمشتري"، مشيرا إلى أن انتشار الإنترنت ساهم في انتعاش هذه الظاهرة في بغداد وكذلك في باقي محافظات العراق، حيث أصبح التسوق عبر الإنترنت متاحا للكثير من المستخدمين.
ويُقدر العبيدي عدد العاملين في مهنة "الدليفري" بالمئات على مستوى العاصمة، موضحاً أن هناك شركات خاصة توفر فرص عمل لمئات الأشخاص كعمال في خدمة التوصيل البضائع لمختلف القطاعات التجارية وليس للمطاعم فحسب، خاصة التجار الذين يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، في الترويج لبضاعتهم، والذين غالباً ما يكونون بحاجة إلى عمال توصيل البضائع إلى الزبائن، ما يجعلهم يلجأون إلى الشركات الخاصة بتوظيف العمال، وهذا ما يوفر المئات من فرص العمل للباحثين عنها.

من جانبه يرى أحمد سعدون من سكان حي القادسية في بغداد، ويعمل محاسبا، أن "خدمة إيصال البضائع إلى المنزل، تُعد إيجابية كونها ذات جدوى وتتماشى مع متطلبات العصر"، حيث بات بإمكان المواطن شراء كل ما يحتاجه لمختلف السلع، بعد الاطلاع على أسعار المعروضات المنشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك الذي تنتشر فيه صفحات لمحال تجارية وشركات تتعامل تحديدا مع هذه الخدمة ولا يوجد لديها مقر خاص للبيع.
وعن أسعار التوصيل، ذكر سعدون، أن الأجور التي تفرض من قبل البائع على المشتري، تتراوح ما بين 5 إلى 10 آلاف دينار ( من 4 إلى 8 دولارات)، وفي أغلب الأحيان يقوم المشتري بإعطاء العامل إكرامية (بقشيش)، في حال لم يكن هناك أجور مفروضة من قبل البائع، لافتاً إلى أن سعر خدمة التوصيل قد يختلف باختلاف المسافة، فكلما كانت المسافة أبعد أصبحت أجور التوصيل أعلى وقد تصل إلى 12 دولاراً.
ويرجح إمكانية زيادة انتشار هذه الظاهرة كونها توفر الطمأنينة لمن يخشى الخروج من المنزل بسبب سوء الوضع الأمني، كذلك تختزل الوقت والجهد لكل من البائع والمشتري، كما تقلل من الزحام الخانق الّذي تعاني منه شوارع بغداد.
وأوضح أن أكثر العاملين بهذه المهنة هُم أصحاب المطاعم وكذلك المتاجر الصغيرة (سوبر ماركت)، ومن خلالها انتشرت الفكرة شيئاً فشيئاً.
ودعا إلى عدم إساءة استغلال هذه الخدمة كونها ظاهرة جديدة تستحق الدعم، لأنها في المحصلة النهائية تخدم المواطن والاقتصاد المحلي، وتخلق بيئة تنافسية بين الشركات والعروض المقدمة إلى المواطن، مشيراً إلى ضرورة تعميم هذه التجربة على كل المحال التجارية والشركات التي تتعامل مباشرة مع المواطن.
أما سلوى لطيف، وهي موظفة في أحد المصارف المحلية، تُفضل أن تتسوق بناتها الأربعة عبر الإنترنت، أو طلب ما يرغبن به من المطاعم عبر خدمة "الدليفري"، وإن كان هناك زيادة في السعر.
وأضافت في حديثها لـ "العربي الجديد"، أن الأمر بات يتعلق بحياة بناتها مع انتشار الخطف والقتل الذي أصبح لا يفرق بين رجل وامرأة، وبريء أو مسيء.
وتابعت "إذا ما قارنت بين قلقي وخوفي عليهن، في حال تعرض أي منهن للحوادث اليومية أجد أن هذه الخدمة توفر لي الطمأنينة مقابل مبلغ لا يقل عن 30 دولارا شهرياً، هي أجور توصيل ما تطلبه بناتي من سلع".

اقرأ أيضا: العراق تحت وصاية الصندوق
المساهمون