بإصدارها عدداً خاصّاً (يوليو/ تموز ـ أغسطس/ آب 2020) بعنوان "رومي، مصيرٌ مكسور" (عن رومي شنايدر)، تؤكّد المجلة الفرنسية "باري ماتش" أنّ الصحافة الفنيّة جزءٌ من العمل الصحافي الذي يلتزم قواعد المهنة وأصولها، بعيداً عن ثرثرة ونمائم وأخبارٍ غير مُفيدة. لكنّ المجلة غير مُطالَبة بعددٍ خاصٍ كهذا كي تؤكّد المؤكّد، فمسارها معروف، واشتغالاتها الفنية مرتكزة على مواضيع سينمائية (وغير سينمائية) تبتعد عن النقد والسجال، وتقترب من المعلومة والحكاية والسرد والتفاصيل، التي يتضمّن بعضها (على الأقلّ) نمائم تُغني أحياناً النص الأصلي، وتمنح القارئ متعة التعرّف على جوانب غير مُتداولة كثيراً في حيوات مشاهير، وبعض المشاهير عاملٌ في السينما.
الصحافة الفنيّة مطلوبة في بلدان ومجتمعات كثيرة. إلى جانبها، أقلّه في الغرب، هناك صحافة نقدية وسجالية متخصّصة، وأخرى "صفراء"، كتلك التي يشتهر بها عالم عربي تميل غالبيته إلى الثرثرة والنمائم والفضائح و"كشف المستور"، لانفضاضه المزمن عن كلّ نقاشٍ وسجال نقديين، وعن كلّ مفاهيم الصحافة الفنيّة أيضاً. تزداد المُصيبة العربيّة سوءاً في غياب صحافة نقدية وسجالية متخصّصة، رغم حضور نقّادٍ يناقشون ويحاورون ويقرأون ويُشاهدون، وينشرون كتاباتهم في صحفٍ ومجلاتٍ غير سينمائية، بينما تتخبّط غالبية المجلات السينمائية النقدية العربية الجادة في تكرار المواضيع نفسها، أو في استعادة ماضٍ، أو في النبش غير المفيد وغير التجديديّ وغير المؤدّي إلى جديدٍ يُذكر (غالباً) في المُكرَّر.
صفحات سينمائية عدّة في صحفٍ ومجلات عربيّة تستمرّ، رغم أزمات وانهيارات ومصائب، في إثارة نقاشاتٍ عبر كتابات تقرأ أفلاماً، وتحاور سينمائيين، وتنشر ملفات، وتتناول قضايا، معظمها آنيّ. والصحافة الفنيّة العربيّة تندثر، علماً أنّ الماضي العربيّ يمتلك في ذاكرته الجماعية مجلات فنية عدّة، غير متحرّرة كلّياً من ثرثرة ونمائم وفضائح، لكنّ المجلات النقدية والسجالية فيه نادرةٌ، وإصدارها مؤقّت، وجدّيتها تحول دون تمكّنها من الاستمرار والتطوّر.