المجاهدة جاكلين قروج توارى الثرى اليوم بالجزائر

20 يناير 2015
المجاهدة الراحلة تحمل وساماً (العربي الجديد)
+ الخط -
تُوارى المجاهدة الجزائرية جاكلين قروج الثرى اليوم الثلاثاء، بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة، بعدما وافتها المنية عن عمر ناهز الـ95 سنة إثر مرض عضال.

وكانت جاكلين قروج المولودة بمدينة رووان (فرنسا) سنة 1919 حضرت لأول مرة إلى الجزائر سنة 1948 وعملت كمدرسة لغة فرنسية في مدرسة بالقرب من تلمسان خلال الفترة ما بين 1948 و1955. وكونها شيوعية وزوجة المجاهد عبد القادر جيلالي، انضمت إلى شبكة لجنة الدفاع عن الحريات وانخرطت في الحزب الشيوعي الجزائري في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي.
وبعد الاتفاق الذي وقع بين جبهة التحرير الوطني والحزب الشيوعي الجزائري سنة 1956 الذي تضمن التحاق مناضلي الحزب الشيوعي الجزائري بصفوف جيش التحرير الوطني بشكل فردي، تم تعيين جاكلين قروج كعنصر اتصال ضمن قوات الكوماندوس التابعة لجيش التحرير الوطني.
وتم اعتقال قروج سنة 1957 لنشاطها الثوري المناهض للوجود الفرنسي، وأودعت السجن مع أخريات يؤدين نفس الدور، منهن أني شتينر وهي سويسرية الأصل، وجزائريات عديدات منهن «الجميلات» الثلاث (جميلة بوحيرد وجميلة بوعزة وجميلة بوباشا).
كانت جاكلين نشيطة وذات جمال فتان، وتمقت ممارسات جيش الاحتلال ضد الوطنيين الجزائريين إلى درجة الحقد، وتكونت لديها مع الانخراط في التنظيمات الشبابية والشعبية القدرة الكافية على تحويل غيظها وحقدها إلى عمل خلاق ونافع، واستطاعت قيادة الثورة في العاصمة توجيه هذه الطاقة لخدمة مخططها، ولما اعتقلها البوليس الفرنسي سلط عليها أقسى أنواع العذاب، ليس فقط لأنها تنتمي إلى المقاومة، لكن بالدرجة الأولى باعتبارها خانت وطنها الأصلي فرنسا، وتحالفت مع متمردين يشكلون خطراً على النظام العام، كما جاء في خاتمة تقرير القضاء الفرنسي بعد محاكمتها.
وحُكم عليها بالإعدام ضمن مجموعة من المناضلين، من بينهم فرنان ايفتون قبل أن يتم العفو عنها بعد حملة دولية من أجل إطلاق سراح الزوجين قروج، حيث اعتقل زوجها هو الآخر وحكم عليه بالإعدام.

أما ابنتها دانيال التي كانت أيضاً مجاهدة في جبال الولاية الثالثة، فقد حكم عليها بـ7 سنوات سجناً.
وللراحلة جاكلين قروج مؤلف بعنوان "دواوير وسجون"، صدر سنة 1993، الذي يعد سيرة عن حياتها كمعلمة وحول سجن سركاجي بالجزائر العاصمة، الذي بقيت فيه إلى غاية الفجر الذي رأت فيه الحرية وودعت السجون غداة استقلال الجزائر.
وإلى مطلع عام 1992 كانت جاكلين قروج تشغل منصب رئيس مكتبة كلية الاقتصاد بجامعة الجزائر، وظلت بمنزلها بحي تليملي وسط العاصمة، واختارت أن تكون جزائرية.
وعن سر بقائها في الجزائر رغم أن أبناءها الخمسة اختاروا الاستقرار في فرنسا، قالت: أجمل شيء أن نحب الناس بدون حسابات، لو أن التاريخ عاد بي إلى الوراء، لاخترت ذات الطريق. بالنسبة إلينا، كان استقلال الجزائر إيماناً ويقيناً. وقد قررت الاستقرار بها لأني أحبها.
وقبل هذا التاريخ الذي سجل جاكلين كجزائرية، بعد أن نجت من المقصلة، إذ كانت إحدى اللواتي حكم عليهنّ بالإعدام بعد إلقاء القبض عليها رفقة زوجها في يناير/ كانون الثاني 1957.
وبعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، برقية إلى أسرتها معزياً بوفاة المجاهدة جاكلين قروج التي كانت "من طينة أولئك الذين اختاروا طريق الحق الصعب"، بحسب البرقية.
وجاء في برقية التعزية "شاء القدر أن تلتحق بالرفيق الأعلى عميدة المجاهدات الجزائريات من المحكوم عليهن بالإعدام اللائي وهبتهن الإنسانية أسمى هباتها وأمتن مقوماتها، فأدت رسالتها على أكمل وجه، وأشرف سبيل وأنبل غاية. وقد جعلت هذه الخصال الراحلة من طينة أولئك الذين اختاروا طريق الحق الصعب، رغم ما يحفه من مخاطر وعقبات غير مبالية بالعواقب، ما دامت قناعتها صادرة عن إيمان ثابت بحقوق الشعوب المشروعة في الحرية والكرامة والسيادة. هؤلاء لا يموتون لأن لهم ذكرى في قلب كل إنسان حر لا تموت ولا يدركها النسيان ولا الزوال".
المساهمون