في تموز/ يوليو 2017 نظّم متحف "تيت للفن الحديث" معرضاً بعنوان "روح الأمة: الفن في عصر القوة السوداء"، بهدف العودة إلى استجابة أكثر من ستين فناناً في أميركا عام 1963، لحركة الحقوق المدنية وحركة القوة السوداء التي تلت ذلك، واليوم يعود المتحف وسط الاحتجاجات ضد العنصرية ليفرد على موقعه قسماً بعنوان "الهويات السوداء والفن".
ويعلّق "تيت" على هذه المبادرة متوجهاً إلى الفنانين السود "ماذا تفعل عندما تنظر إلى مجموعة كبيرة من الفن عبر العقود، ولكن لا يمكنك رؤية نفسك ممثلاً؟ قبل القرن العشرين نادراً ما كان الفن الغربي يصوّر الناس الملونين، وعندما فعل ذلك كان غالباً ما يلوّث صورتهم بالعنصرية. هل ما زال بإمكان الأشخاص الملوّنين العثور على هوية في بياض المجموعة المذهل؟"
"تيت" ليس إلا واحداً من بين المؤسسات الثقافية التي أصدرت بيانات ضدّ العنصرية منذ مقتل جورج فلويد وانتقال المظاهرات من أميركا إلى قلب لندن، ويبدو أن هذه المتاحف تحاول أن تدرأ عن نفسها غضب المتظاهرين، فثلاثة أرباع مقتنياتها تعود إلى الحقبة الاستعمارية، أما متاحف الفنون الحديثة والمعاصرة فبالكاد تتيح للفنان الأسود أو المهاجر أن يكون ممثلاً فيه، رغم أنه يحضر في السنوات الأخيرة أكثر مما مضى.
في أميركا كانت الانتقادات قد طالت المتاحف الأميركية التي تأخرت في إصدار بياناتها والتعبير عن تضامنها مع الشارع، وزاد الانتقاد أكثر حين أصدرت بعض المتاحف بيانات دون أن تأتي على ذكر جورج فلويد أو حركة "حياة السود مهمة"، واكتفت بإعلان أنها ضدّ العنصرية فقط.
"المتحف البريطاني" الذي أصدر بياناً يتضامن فيه مع المجتمع الأسود، قال فيه مديره هارتويغ فيشر "إن المتحف متضامن مع الجالية السوداء البريطانية، ومع الجالية الأميركية الأفريقية، والجالية السوداء في جميع أنحاء العالم. نحن منسجمون مع روح "حياة السود مهمة" في كلّ مكان".
لكن فيشر لم يسلم على تويتر بعد أن نشر كلمة المتحف، فأطلقت عباراته عاصفةً من التغريدات التي تدعو إلى إعادة القطع الأثرية المنهوبة في "البريطاني" إلى البلاد التي سرقت منها.
وردّ آلاف مستخدمي تويتر واصفين كلمات المتحف بأنها فارغة ومجرّد نفاق، مطالبين باستعادة الكنوز الأفريقية المنهوبة بحسب تعبير المغردين، ومن بينهم أكاديميين في الجامعات البريطانية، لا سيما بعد أن تعهّد فيشر بـ "مواصلة البحث والاعتراف ومعالجة التاريخ الاستعماري لبريطانيا وتأثيره على مؤسستنا" و"إعادة النظر في عرض المجموعة وإعادة التفكير والتوازن إليها ليشمل تنوعًا أكبر".
ومع حذر البيان وتجنبه ذكر مقتنياته الأفريقية وإعادتها إلى موطنها، كتبت منى حكيمي أستاذة الدراسات الأفريقية: "من بين جميع المؤسسات الإمبراطورية وحيلها التسويقية، يستحق المتحف البريطاني الكأس حقاً".
وغرّد آرفيند رافيكومار، الأستاذ في "جامعة هاريسبورغ للعلوم والتكنولوجيا" أنه "مصدوم من حجم نفاق المتحف البريطاني عندما يكون جزء كبير من مجموعاتهم نتيجة مباشرة لنهب كنوز إفريقيا وجنوب آسيا".