المأزق التونسي

04 يونيو 2018
الشاهد فتح النار على حافظ السبسي (رياض دريدي/فرانس برس)
+ الخط -

أيام مرت على خطاب رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد الصادم لعدد من اللاعبين السياسيين، خلط فيه أوراقاً كثيرة ووضع غالبية الجهات السياسية والاجتماعية في مأزق حقيقي يجري البحث عن مخارج له بصعوبة كبيرة، بعد أن فتح النار علناً على مدير حزبه الذي رشحه للمنصب، حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الباجي قائد السبسي.
وزاد الصمت العام من حدة التشويق وعكس أيضاً حالة الإرباك، بما يؤشر إلى أن حلحلة الأزمة ستكون صعبة على الجميع، بينما ينتظر الجميع أن تبادر جهة ما في كسر الصمت السياسي والجمود الظاهر وإطلاق فكرة ما لتحريك الأوراق. كما ينتظر الجميع أن يخرج الرئيس الباجي قائد السبسي ويوضح موقفه للتونسيين، فهو صاحب فكرة اجتماعات وثيقة قرطاج التي أطاحت برئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، وأعلنت عن ولادة حكومة الوحدة الوطنية، وهو من عيّن يوسف الشاهد على رأسها في مفاجاة للجميع وقتها، وهو من كلفه قبلها بإيجاد مخرج لحزب نداء تونس منذ سنتين، وهو أخيراً صاحب فكرة تحيين وثيقة قرطاج ثانية وبحث شكل الحكومة التي ستنفذ بنودها الاقتصادية والاجتماعية، ويتوقف عليه أساساً وقبل غيره أن يجد مخرجاً للأزمة التي وصل اليها الجميع.
العارفون بالسبسي الأب يدركون أن مهمة كهذه لن تستعصي عليه برغم تشعبها وتعقيدها، وسيجد لها حلاً، بيده أو بيد غيره، لكن يبقى السؤال على من يمكنه التعويل وقد انفرط من حوله عقد الأصدقاء؟ وبرغم ما شاب علاقة السبسي بحليفه راشد الغنوشي، فقد تغلُب ذكريات باريس على الأوجاع والحسابات الجديدة، وسيكون الحل رهناً بهما أكثر من سواهما، إذا لم تكن طريق العودة قد قطعت نهائياً. فمنذ اجتماع باريس الشهير في 2013 الذي قاد إلى خروج النهضة من الحكم والحوار الوطني وما لحقه، تغيّرت أمور كثيرة وصعدت النهضة الى أغلبية البرلمان، وفازت في الانتخابات البلدية وتفكُّك نداء تونس وأصبح ستة أحزاب بدل واحد، وموعد 2019 يسارع الخطى ويزيد من الضغط على الجميع، بينما تتعالى الطموحات وتكبر لدى الجميع برغم أن الوقائع تكذبها في كل مرة ويخرج الجميع خاسرين.

المساهمون