الليبيون يتمسكون بالطب الشعبي

08 يناير 2018
صحة الليبيين على المحك (آريس ميسينيس/ فرانس برس)
+ الخط -
"الشفاء" و"البركة" و"طب العرب" أسماء من بين عشرات أخرى لمراكز وعيادات ليبية للطب البديل أو الطب الشعبي أو النبوي أحياناً. ولعلّ الأزمات التي تخنق المواطن هي التي تدفعه أكثر إلى الطب الشعبي كبديل عن المستشفيات. ويؤكد مواطنون ليبيون أنّ غياب السيولة النقدية هو ما يشجّعهم على اللجوء إلى هذا النوع من الطب، إذ يُسجَّل ارتفاع حاد في تكلفة العلاجات في المستشفيات والعيادات الخاصة.

وداد من هؤلاء الذين يتردّدون على مراكز الطب البديل، تقول إنّ "مستشفيات الدولة تخلو من الإبر والقطن والقفازات الطبية وغيرها من المستلزمات التي يتوجّب على المريض أن يحضرها معه. أمّا المستشفيات الخاصة، فأكثرنا لا يستطيع الدخول إليها بسبب الغلاء الفاحش فيها". وتؤكد أنّ "مراكز الطب البديل لا تتطلب مالاً كثيراً، وهي تفيد طفلي المصاب بالربو". وتتحدّث وداد عن أسباب أخرى غير الغلاء، مشيرة إلى أنّه "لم يعد في إمكاننا الوثوق بالصيدليات وبصلاحية الأدوية التي تؤمّنها. فهي تحوّلت إلى متاجر خاصة غير إنسانية، بينما الأعشاب لا تغشّنا. لم نسمع قط أنّ الأدوية العشبية أوصلت المريض إلى غرفة العناية الفائقة، مثلما حدث مع كثيرين على خلفية تناولهم دواء كيميائياً منتهي الصلاحية يباع في الصيدليات".

تجدر الإشارة إلى أنّ القطاع الصحي في البلاد يعاني منذ عقود، الأمر الذي جعل ليبيين كثيرين يلجأون إلى دول مجاورة مثل مصر وتونس بالإضافة إلى الأردن بهدف تلقّي العلاج فيها. ونتيجة الإقبال على القطاعات الصحية في بعض تلك البلدان، ظهر فيها ما يُعرف باسم السياحة الطبية.

بدوره، يتردّد ناجي مثلما تفعل وداد على أحد مراكز الطب الشعبي. يقول إنّ "الإقبال على العلاج الشعبي بأنواعه شجّع كثيرين من العاملين في هذا المجال على فتح مراكز وعيادات، تكلفتها أرخص بكثير من سواها، ونتائجها مضمونة بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الليبيين". ويشير إلى أنّ "تكاليف علاج صدفية يعاني منها ابني لم تتعدَّ عشرات الدينارات في مقابل 400 دينار (نحو 300 دولار أميركي) طلبها أحد المستشفيات الخاصة".

إلى ذلك، يتحدّث ناجي عن عيادات أخرى متخصصة في العلاج بالقرآن والرقى، وبعضها له صفحات ترويجية على مواقع التواصل. ويشير إلى أنّ "حيرة المريض عند فشل الأطباء في تشخيص حالته أو تحديد مرضه أو علاجه، تدفعه إلى الاعتقاد بأنّ مرضه روحاني".

في المقابل، يحذّر الطبيب حسن بو لايحة المتخصص في الأمراض الباطنية في مستشفى طرابلس المركزي، من انتشار عيادات الطب الشعبي ومراكزه. ويقول إنّ "ممارسي الطب البديل تدخّلوا في علاج مشاكل كبيرة، على سبيل المثال تقويم العمود الفقري. وعدم وقف هؤلاء الهواة الراغبين في جمع المال بأيّ طريقة هو أمر خطير". ويلفت إلى أنّ "ثمة طباً تكاملياً له آثار إيجابية، وقد ينصح به الطبيب المعالج، إلا أنّه يرتكز على متخصّصين علميين، غير موجودين في ليبيا".

ويتابع بو لايحة أنّ "الإقبال على الطب الشعبي أمر عالمي وليس محصوراً بليبيا فحسب، لكنّه من واجبنا هنا أن نحذّر من نتائجه على يد غير متخصصين". ويشدّد على "ضرورة البحث عن الأسباب التي تدفع الناس إلى الإقبال عليه، إلى جانب العمل على رفع كفاءة الأطباء في البلاد وعودة الخدمات العامة إلى المستشفيات، لا سيّما في المناطق النائية التي أقفل فيها أكثر من مستشفى أبوابه". ويشرح بو لايحة أنّ "التعليم في الكليات الطبية المتخصصة تأثّر كغيره من التخصصات العلمية الأخرى في جامعاتنا، بسبب الأوضاع في البلاد، فتأتي مخرجاته ضعيفة. بالتالي، فإنّ الأطباء الشباب بمعظمهم غير أكفاء، الأمر الذي تترتّب عليه نتائج كارثية في بعض الحالات في حين انخفضت ثقة المريض فينا".

الوخز بالإبر غير مرخّص
رُصدت في طرابلس عيادة يديرها هاوٍ يعتمد علاج الوخز بالإبر الصينية. وبسبب الإقبال الكثيف عليه، توسّع وفتح فروعاً لعيادته في مدن مجاورة. في السياق نفسه، يوضح الطبيب، حسن بو لايحة، المتخصص في الأمراض الباطنية، أنّه أجرى اتصالات بمجلس الأطباء، التابع لوزارة الصحة، لمتابعة الموضوع، فأفاده المعنيون بأنّ أيّة جهة حكومية لم تمنح التراخيص لهذا النوع من الطب.
دلالات
المساهمون