اللبنانيون يدفعون الضريبة فيُحرمون من الخدمات

19 أكتوبر 2015
الضرائب مفروضة على السلع الاستهلاكية (رمزي حيدر/ فرنس برس)
+ الخط -
يُعبر صلاح (مهندس في إحدى الشركات اللبنانية) عن غضبه بسبب الضرائب التي تقتطع أكثر من 50% من راتبه الشهري. يقول لـ "العربي الجديد": "يتم شهرياً اقتطاع أكثر من نصف راتبي نظير ضرائب مختلفة، معظمها يفرض على السلع الاستهلاكية، إلا أن المشكلة لا تتعلق بتسديد الضرائب، بقدر ما تتعلق بغياب المردود الطبيعي والحقيقي للضريبة. فكيف يُطلب مني تسديد الضرائب، فيما لا تمنحني الدولة اللبنانية أي حقوق اجتماعية تذكر. فأين هو ضمان الشيخوخة؟ مجانية التعليم؟ مجانية الطبابة؟

ضريبة عكسية
ينتقد الخبير الاقتصادي، غسان ديبه، نظام الضرائب في لبنان، كونه لا يمتثل إلى شيء من العدالة. ويقول "تشكل الضرائب غير المباشرة، الحجم الأكبر من الواردات التي تغذي الخزينة العامة، وبالتالي، فهي ضرائب تنعكس على الطبقات الفقيرة في المجتمع، ولذا لا بد من الخروج من هذه السياسة المالية، كونها تنحاز لصالح الأغنياء، في المقابل، تزيد من الأعباء على الطبقات الفقيرة والمتوسطة".


ويشير ديبة إلى أن انقسام النظام الضريبي بين "المباشر" و"غير المباشر" يعود بالفائدة والنفع على أصحاب الرساميل الضخمة، إذ إن حركة أموالهم لا تطاولها الضرائب بشكل مباشر.
ويعرج ديبه على ضريبة "القيمة المضافة" التي تثقل كاهل الفقراء، إذ إنها تطاول الطبقة الوسطى والفقيرة بشكل أساسي، لأنها مفروضة على السلع الاستهلاكية التي تشكل أساس قوتهم اليومي.

إذ يقوم النظام الضريبي في لبنان على فرضية عكسية. ففي دول العالم يتم تسديد 80% من الضرائب بطريقة مباشرة على الأرباح والأعمال. أما في لبنان، فإن 80% من قيمة الضرائب "غير مباشرة"، يدفعها الفقراء من قوتهم اليومي، بحسب الخبير الاقتصادي غالب بو مصلح، الذي ينتقد النظام الضريبي واصفاً إياه بالنظام المنحاز لصالح الأغنياء على حساب الفقراء.

ويقول بو مصلح لـ "العربي الجديد": "يبرز الخلل في النظام الضريبي اللبناني عن طريق سلة الإعفاءات المقدمة لصالح الأغنياء، فعلى سبيل المثال يتم إعفاء عمليات استيراد اليخوت من أي ضريبة، في المقابل، يتوجب تسديد الضرائب على الجرار الزراعي. بمعنى أن الضرائب مفروضة على الفقراء فقط". ويتابع بو مصلح "يتهرب رجال الأعمال والأغنياء من تسديد الضرائب التي تعود بالنفع على الخزينة العامة، كتهربهم من تسديد ضريبة الإرث، وغيرها من الضرائب المحقة، ولا تقوم الدولة اللبنانية بأي إجراء قانوني بحقهم"، مشيراً إلى أن آليات الخروج من نفق هذه السياسة المالية، يتطلب الانتقال إلى العدالة في توزيع العبء الضريبي داخل المجتمع اللبناني.

خلل في النظام
في لبنان تسقط العدالة أمام قوانين الضرائب التي صيغت لحماية رجال الأعمال وكبار المستثمرين. يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي "إن أكثر من 60% من الواردات الضريبية تكون عن طريق فرض الضرائب غير المباشرة، فعلى سبيل المثال تصل قيمة الإيرادات الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة إلى ملياري دولار سنوياً، ما يعني وجود خلل واضح في التركيبة المالية للضرائب، فهذه الأخيرة لا تأخذ بالاعتبار الدخل الفردي". وبحسب يشوعي فإن الخروج من هذا النظام الجائر، يتطلب التركيز على الضرائب الشخصية، أي المداخيل، بحيث يتم فرض الضرائب بعد تقسيم الرواتب إلى شطور، وتفرض ضريبة معينة على كل شطر، وترتفع الضريبة بحسب قيمة الدخل الفردي، بمعنى أن تصبح الضريبة التصاعدية الأساس الذي تُبنى عليه السياسة المالية في لبنان.
المساهمون