يبدو أن الظروف الإقليمية المتوترة، تضغط على الكويت باتجاه التوسع في عقد صفقات تسليح طويلة الأمد تكلف خزانة الدولة عشرات مليارات الدولارات، في وقت يئن البلد الخليجي بفعل تراجع إيراداته النفطية بنحو الثُلثين عما كانت عليه قبل أكثر من عامين.
وبينما يُبدي البرلمان والمسؤولون في الدولة، قناعة بزيادة الإنفاق العسكري، يعتبر مراقبون أن ثمة قطاعات من المفترض أن تحظى بأولوية الحكومة في الوقت الراهن، تفادياً لانعكاسات خطرة قد تتسبب فيها أزمة تراجع أسعار النفط، خاصة في ظل تواتر التقديرات المتخصصة التي ترجّح استقرار أسعار النفط عند مستوياته الحالية إلى نهاية العام المقبل على الأقل.
ووافق البرلمان الكويتي في وقت سابق هذا العام، على طلب الحكومة سحب ثلاثة مليارات دينار (10 مليارات دولار) من الاحتياطي العام للدولة على مدى 10 أعوام، بواقع 200 مليون دينار سنويا، لغرض إتمام صفقات شراء أسلحة، ودعم الإنفاق العسكري للبلاد، بسبب ما اعتبروه تزايدا في التهديدات الأمنية في المنطقة. تلك ميزانية إضافية تختلف عن مخصصات وزارة الدفاع في الموازنة العامة للدولة.
وعرضت وزارة الدفاع الكويتية على لجنة الدفاع والشرطة في البرلمان، تقريراً كتبته الاستخبارات الحربية يتضمن أسباب الاحتياجات ومواطن صرف الميزانية العسكرية، والتي ستصرف في صفقات الطائرات الحربية والدبابات وتدريب الجنود عليها، بالإضافة إلى عقود الصيانة.
ويبلغ الإنفاق العسكري الكويتي، بحسب مركز الشال للدراسات، أكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً، بنسبة تعادل 3.3% من الميزانية العامة، وهي نسبة مرتفعة عن معدل الإنفاق العالمي البالغ 2.3% من ميزانية الدولة.
اقــرأ أيضاً
وبدأت الميزانية العسكرية الكويتية بالتضخم، مع إعلان وزارة الدفاع توقيع عقد مع شركة "إيرباص هيلوكبتر" الفرنسية المتخصصة في صناعة المروحيات العسكرية، وذلك لشراء 30 مروحية من نوع "كاراكال" لمصلحة القوات المسلحة بكافة أقسامها البحرية والبرية والجوية.
ووفق بيانات إدارة الشؤون الإعلامية بوزارة الدفاع، فإن العقد الموقع بين الشركة الفرنسية والحكومة، يشمل أيضاً تطوير المباني والبنية التحتية لمنشآت العمليات والصيانة وتدريب الطيارين والفنيين، إضافة إلى مباني الخدمات العامة بقاعدة الجيش الجوية لاستيعاب تلك المروحيات التي سيتم تزويدها بمنظومة حرب إلكترونية متطورة مع صواريخ بحرية وجوية.
ووقعت الحكومة مذكرة تفاهم أولية مع إيطاليا لشراء 28 طائرة حربية من طراز "يوروفايتر".
ولا تعلن الحكومة الكويتية عن أسعار صفقات السلاح وفقاً لمبدأ السرية، لكن وكالة رويترز نقلت عن مصادرها أن قيمة الصفقة بلغت 9 مليارات دولار.
وتحاول الحكومة الكويتية كذلك، شراء 24 طائرة "إف 18" من الولايات المتحدة الأميركية، في إطار سعيها لخلق قوة جوية ضخمة بصفقة تقدر بثلاثة مليارات دولار.
وقال مصدر مطلع في وزارة المالية الكويتية لـ "العربي الجديد": إن ميزانية الدولة لهذا العام تتضمن عجزاً بقيمة 12 مليار دينار (40 مليار دولار تقريباً)، تلك قيمة نحو 64% من إجمالي المصروفات المقدرة في الميزانية.
ووفقاً لمعهد بون الدولي، فإن الكويت تعتبر البلد الأول خليجياً في الإنفاق العسكري، نسبة لميزانيتها. وأنفقت الكويت بحسب المعهد، من عام 1990 وهو العام الذي احتلت فيه العراق الكويت، إلى عام 2010، أكثر من 28 مليار دينار (92 مليار دولار) على التسليح، لكن ميزانية الإنفاق العسكري بالنسبة للميزانية العامة قد تراجعت بشكل كبير من 9% إلى 3% بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، وزوال الخطر الذي كان يمثله على حدود الكويت الشمالية.
في المقابل، يشكك خبراء اقتصاد كويتيون في جدوى هذه الصفقات، خصوصا في الوقت الذي تحتاج الدولة للمحافظة على سيولتها النقدية، لضمان عدم الإفلاس في المستقبل القريب إذا استمرت أسعار النفط بالتدهور.
وقال الخبير الاقتصادي مهند الحمر لـ "العربي الجديد": إن "الحكومة سحبت جزءا ليس بالهين من مدخراتها، لا لتنفقه داخل البلاد وتحريك عجلة الاقتصاد، بل لتبديده في الخارج على صفقات أسلحة يرى كثير من الخبراء الاستراتيجيين أنها لن تنفع بسبب صغر مساحة الكويت وقلة عدد جيشها أصلاً مقارنة بجيوش المنطقة".
وأضاف الحمر، قائلا: "كان من المفترض علينا ألا نفكر بهذه الطريقة العسكرية البحتة، بل كان يجب أن نصرف هذه الأموال المسحوبة من الاحتياطي العام للدولة في مشاريع تنموية ضخمة، كالموانئ والمناطق الحرة والمطارات". فهو يعتبر أن تلك المشروعات، تساهم في جلب رؤوس الأموال الأجنبية للكويت.
وأبدى الحمر تخوفه من أن تذهب حصة من المبالغ المخصصة لصفقات كهذه، لمصلحة جيوب الفساد، على شكل عمولات، وهي ظاهرة كثيرا ما تحدث في صفقات التسليح التي تجري في المنطقة العربية.
وأوقفت الحكومة الكويتية بطلب من البرلمان صفقة كبيرة لطائرات "رافال" الفرنسية قبل ستة أعوام، بسبب وجود شبهة فساد في العمولات، كما تعهد رئيس الوزراء جابر المبارك، بالتعامل المباشر مع جميع شركات الأسلحة دون الحاجة لوساطات تفادياً لدفع أي عمولات إضافية.
وفي السياق، يستنكر الخبير الاقتصادي، سلطان العجمي، توسع الكويت في صفقات التسليح، قائلا: "ما يحدث أمر غريب فعلاً. ميزانيات الصرف الحكومي الضخمة على الجيش لا تتناسب إطلاقا مع عدد الجيش الكويتي نفسه".
ويرى العجمي أن الأخطار الخارجية غير موجودة بالشكل الذي تصوره الحكومة، وإن وُجدت فإن جيشاً صغيراً مثل الجيش الكويتي قد لا يستطيع صدها مهما تطورت آلياته، وفق تعبيره.
واعتبر أن الصفقات التي تجرى مؤخراً لتسليح الجيش، ما هي إلا قناة غير رسمية لتحويل السيولة النقدية المتاحة للكويت، لصالح الدول المصنّعة للسلاح، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، بينما تقف الكويت على بُعد خطوات من أزمة مالية تهدد استقرارها المالي.
ويرى العجمي، أنه كان بوسع الحكومة تجنيب المواطنين إجراءات تقشفية حساسة كتقليص دعم الوقود والسلع، عبر إلغاء صفقة واحدة من صفقات التسليح التي وقعت الدولة في العامين الأخيرين.
والجيش الكويتي واحد من أصغر الجيوش في المنطقة، إذ يبلغ عدد أفراده نحو 15 ألف جندي، موزعين بين القوة الجوية والبحرية والبرية.
كما أنه بدأ يعاني من النقص في عدد أفراده بعد توجه الكثير منهم نحو مقاعد الدراسة في الجامعات، أو الاستقالة من الخدمة طمعاً في حياة أفضل، مما أجبر هيئة أركان الجيش على فتح المجال أمام فئة "البدون" (وهم عشرات الآلاف ممن يسكنون الكويت منذ عقود ولا يحملون أية جنسيات)، للدخول فيها لأول مرة منذ 35 عاماً.
وأعادت الكويت قانون التجنيد الإلزامي ليبدأ تطبيقه مطلع العام المقبل 2017، وهو ما يعني مزيداً من الضغوط على الميزانية التي تعاني بفعل هبوط أسعار النفط لمستويات تاريخية.
واضطرت الكويت إلى اللجوء إلى إصدار السندات الدولية وإصلاحات قاسية لمواجهة مرحلة صعبة اقتصادياً بسبب تراجعات النفط الكبيرة.
وقال مصدر حكومي لـ "العربي الجديد"، إن التحدي الأكبر الحالي للحكومة هو كيفية تغطية العجز المالي بعيداً عن الاحتياطي المالي للبلاد، والذي يعد ملجأ أمام تقلبات المستقبل.
وبينما يُبدي البرلمان والمسؤولون في الدولة، قناعة بزيادة الإنفاق العسكري، يعتبر مراقبون أن ثمة قطاعات من المفترض أن تحظى بأولوية الحكومة في الوقت الراهن، تفادياً لانعكاسات خطرة قد تتسبب فيها أزمة تراجع أسعار النفط، خاصة في ظل تواتر التقديرات المتخصصة التي ترجّح استقرار أسعار النفط عند مستوياته الحالية إلى نهاية العام المقبل على الأقل.
ووافق البرلمان الكويتي في وقت سابق هذا العام، على طلب الحكومة سحب ثلاثة مليارات دينار (10 مليارات دولار) من الاحتياطي العام للدولة على مدى 10 أعوام، بواقع 200 مليون دينار سنويا، لغرض إتمام صفقات شراء أسلحة، ودعم الإنفاق العسكري للبلاد، بسبب ما اعتبروه تزايدا في التهديدات الأمنية في المنطقة. تلك ميزانية إضافية تختلف عن مخصصات وزارة الدفاع في الموازنة العامة للدولة.
وعرضت وزارة الدفاع الكويتية على لجنة الدفاع والشرطة في البرلمان، تقريراً كتبته الاستخبارات الحربية يتضمن أسباب الاحتياجات ومواطن صرف الميزانية العسكرية، والتي ستصرف في صفقات الطائرات الحربية والدبابات وتدريب الجنود عليها، بالإضافة إلى عقود الصيانة.
ويبلغ الإنفاق العسكري الكويتي، بحسب مركز الشال للدراسات، أكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً، بنسبة تعادل 3.3% من الميزانية العامة، وهي نسبة مرتفعة عن معدل الإنفاق العالمي البالغ 2.3% من ميزانية الدولة.
ووفق بيانات إدارة الشؤون الإعلامية بوزارة الدفاع، فإن العقد الموقع بين الشركة الفرنسية والحكومة، يشمل أيضاً تطوير المباني والبنية التحتية لمنشآت العمليات والصيانة وتدريب الطيارين والفنيين، إضافة إلى مباني الخدمات العامة بقاعدة الجيش الجوية لاستيعاب تلك المروحيات التي سيتم تزويدها بمنظومة حرب إلكترونية متطورة مع صواريخ بحرية وجوية.
ووقعت الحكومة مذكرة تفاهم أولية مع إيطاليا لشراء 28 طائرة حربية من طراز "يوروفايتر".
ولا تعلن الحكومة الكويتية عن أسعار صفقات السلاح وفقاً لمبدأ السرية، لكن وكالة رويترز نقلت عن مصادرها أن قيمة الصفقة بلغت 9 مليارات دولار.
وتحاول الحكومة الكويتية كذلك، شراء 24 طائرة "إف 18" من الولايات المتحدة الأميركية، في إطار سعيها لخلق قوة جوية ضخمة بصفقة تقدر بثلاثة مليارات دولار.
وقال مصدر مطلع في وزارة المالية الكويتية لـ "العربي الجديد": إن ميزانية الدولة لهذا العام تتضمن عجزاً بقيمة 12 مليار دينار (40 مليار دولار تقريباً)، تلك قيمة نحو 64% من إجمالي المصروفات المقدرة في الميزانية.
ووفقاً لمعهد بون الدولي، فإن الكويت تعتبر البلد الأول خليجياً في الإنفاق العسكري، نسبة لميزانيتها. وأنفقت الكويت بحسب المعهد، من عام 1990 وهو العام الذي احتلت فيه العراق الكويت، إلى عام 2010، أكثر من 28 مليار دينار (92 مليار دولار) على التسليح، لكن ميزانية الإنفاق العسكري بالنسبة للميزانية العامة قد تراجعت بشكل كبير من 9% إلى 3% بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، وزوال الخطر الذي كان يمثله على حدود الكويت الشمالية.
في المقابل، يشكك خبراء اقتصاد كويتيون في جدوى هذه الصفقات، خصوصا في الوقت الذي تحتاج الدولة للمحافظة على سيولتها النقدية، لضمان عدم الإفلاس في المستقبل القريب إذا استمرت أسعار النفط بالتدهور.
وقال الخبير الاقتصادي مهند الحمر لـ "العربي الجديد": إن "الحكومة سحبت جزءا ليس بالهين من مدخراتها، لا لتنفقه داخل البلاد وتحريك عجلة الاقتصاد، بل لتبديده في الخارج على صفقات أسلحة يرى كثير من الخبراء الاستراتيجيين أنها لن تنفع بسبب صغر مساحة الكويت وقلة عدد جيشها أصلاً مقارنة بجيوش المنطقة".
وأضاف الحمر، قائلا: "كان من المفترض علينا ألا نفكر بهذه الطريقة العسكرية البحتة، بل كان يجب أن نصرف هذه الأموال المسحوبة من الاحتياطي العام للدولة في مشاريع تنموية ضخمة، كالموانئ والمناطق الحرة والمطارات". فهو يعتبر أن تلك المشروعات، تساهم في جلب رؤوس الأموال الأجنبية للكويت.
وأبدى الحمر تخوفه من أن تذهب حصة من المبالغ المخصصة لصفقات كهذه، لمصلحة جيوب الفساد، على شكل عمولات، وهي ظاهرة كثيرا ما تحدث في صفقات التسليح التي تجري في المنطقة العربية.
وأوقفت الحكومة الكويتية بطلب من البرلمان صفقة كبيرة لطائرات "رافال" الفرنسية قبل ستة أعوام، بسبب وجود شبهة فساد في العمولات، كما تعهد رئيس الوزراء جابر المبارك، بالتعامل المباشر مع جميع شركات الأسلحة دون الحاجة لوساطات تفادياً لدفع أي عمولات إضافية.
وفي السياق، يستنكر الخبير الاقتصادي، سلطان العجمي، توسع الكويت في صفقات التسليح، قائلا: "ما يحدث أمر غريب فعلاً. ميزانيات الصرف الحكومي الضخمة على الجيش لا تتناسب إطلاقا مع عدد الجيش الكويتي نفسه".
ويرى العجمي أن الأخطار الخارجية غير موجودة بالشكل الذي تصوره الحكومة، وإن وُجدت فإن جيشاً صغيراً مثل الجيش الكويتي قد لا يستطيع صدها مهما تطورت آلياته، وفق تعبيره.
واعتبر أن الصفقات التي تجرى مؤخراً لتسليح الجيش، ما هي إلا قناة غير رسمية لتحويل السيولة النقدية المتاحة للكويت، لصالح الدول المصنّعة للسلاح، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، بينما تقف الكويت على بُعد خطوات من أزمة مالية تهدد استقرارها المالي.
ويرى العجمي، أنه كان بوسع الحكومة تجنيب المواطنين إجراءات تقشفية حساسة كتقليص دعم الوقود والسلع، عبر إلغاء صفقة واحدة من صفقات التسليح التي وقعت الدولة في العامين الأخيرين.
والجيش الكويتي واحد من أصغر الجيوش في المنطقة، إذ يبلغ عدد أفراده نحو 15 ألف جندي، موزعين بين القوة الجوية والبحرية والبرية.
كما أنه بدأ يعاني من النقص في عدد أفراده بعد توجه الكثير منهم نحو مقاعد الدراسة في الجامعات، أو الاستقالة من الخدمة طمعاً في حياة أفضل، مما أجبر هيئة أركان الجيش على فتح المجال أمام فئة "البدون" (وهم عشرات الآلاف ممن يسكنون الكويت منذ عقود ولا يحملون أية جنسيات)، للدخول فيها لأول مرة منذ 35 عاماً.
وأعادت الكويت قانون التجنيد الإلزامي ليبدأ تطبيقه مطلع العام المقبل 2017، وهو ما يعني مزيداً من الضغوط على الميزانية التي تعاني بفعل هبوط أسعار النفط لمستويات تاريخية.
واضطرت الكويت إلى اللجوء إلى إصدار السندات الدولية وإصلاحات قاسية لمواجهة مرحلة صعبة اقتصادياً بسبب تراجعات النفط الكبيرة.
وقال مصدر حكومي لـ "العربي الجديد"، إن التحدي الأكبر الحالي للحكومة هو كيفية تغطية العجز المالي بعيداً عن الاحتياطي المالي للبلاد، والذي يعد ملجأ أمام تقلبات المستقبل.