الكالتشيو .. حاضر قبيح يهدم كثيراً من التاريخ الجميل

23 اغسطس 2014
لاتسيو 1999 (تويتر)
+ الخط -

والله لا أدري كيف أبدأ ، ولا من أين أبدأ .. لكن لابد عليكم أن تعرفوا أنني وغيري من فُتن في حب كرة القدم الإيطالية لن نحب كرة القدم الأوروبية أبداً، ولا حتى أي أمر له صلة بها لولا شيء اسمه "كالتشيو" حببنا فيها، ولولا أزرق وأبيض يطلقون عليه "إيطاليا"، عشقناها من أجله.

أنا وغيري من أحب الكالتشيو ننظر الى كرة إيطاليا بنظر العاشق الولهان المتيم في حبها الذي لا يرى جمالاً في هذه الدنيا إلا حبيبته .. وربما أستطيع أنا وغيري أن نتغزل ونتغنى ونكتب المؤلفات الشعرية والنثرية على أوراق إيطاليا المتقطعة، وبإمكاننا أن نتفاخر بماضٍ قديم زاهٍ، ونقول إنك مختلف عن الكل لأنك "كالتشيو" . . لأنك بطولة قالوا في حقك إنك جنة! لكنك اليوم أصبحت مريضاً لا تقوى حتى على الابتسامة.

إذا أحب القلب شيئاً رأته العين جنة .. فما بالك بمن كان في الماضي جنة كرة القدم ومأوى أساطيرها ونجومها وروعة قممها ولحظاتها وتنافس أنديتها ومدربيها .. لكنه أصبح اليوم في الحاضر لدى المتابعين ليس إلا ذكريات حزينة وواقعاً مؤلماً وجسداً عليلاً، لا يقدر حتى على الكلام والدفاع عن نفسه ضد خصومه ومنافسيه.

حزنت كثيراً اليوم وأنا أقلب صفحات أرشيف صور الكالتشيو .. وجدت صورة وقفت عليها كثيراً، وأنا أشاهدها وأحللها وأستذكر أبطالها ونجومها وأبكي على واقع مر يعيشه محب الكالتشيو .. حقّاً هي صورة تعني الكثير جداً لكل متابع لكرة القدم ومحب لها، ليشاهد كيف كان الكالتشيو وكيف أصبح الآن .. لن أطيل عليكم يا أحبة ، هي صورة لفريق "لاتسيو" موسم 99 .. كانت تشكيلة تعطيك انطباعاً على قوة الدوري آنذاك والنجوم والأسماء الموجودة لدى الفرق حتى وإن لم تكن من فرق النخبة .. كان في الحراسة ماركجياني ، في الدفاع نيستا وبانكارو وفافالي وميهايلوفيتش ، في الوسط والهجوم ألميدا ونيدفيد وستناكوفيتش ومانشيني وسالاس وفييري! إذن كيف كان حال يوفي وميلان وإنتر وروما وحتى بارما والبقية.

أتى اليوم الذي نشاهد فيه الكالتشيو يموت شيئاً فشيئاً .. نجومه يرحلون وفرقه لا تقوى على مجاراة البقية وشعبيته تتهاوى ونشاهد تأخره في سلم ترتيب البطولات الأوروبية حتى بالكاد أصبحت أنديته تملك مقعدين مؤكدين فقط في دوري الأبطال .. وحتى أنديته أصبحت تدخل الميركاتو كل سنة برأس منحنية وأسماء خجولة وصفقات منتهية إلا مارحم ربي .. ولكم أن تتخيلوا أن لاعباً مثل أوزفالدو بسوئه في أقل من عامين يلعب لثلاث أندية من أندية القمة في إيطاليا، ولاعباً مثل ماتري يتنقل بين ميلان ويوفي، والأمثلة كثيرة جدّاً .. فأي حال قبيحة ألمّت بالكالتشيو.

لا شيء نشاهده يدعو الى التفاؤل، ولا يوجد حتى خيط أمل يتمسك به محبو الكالتشيو ليعود كما كان .. ملاعب شبه خالية ومعظمها لا يصلح لممارسة كرة القدم عليها، لا توجد كرة قدم حاليّاً تشد الأنظار والمتابعة، ولا حتى نجوماً حقيقيين يملؤون هذه الملاعب إبداعاً .. ضرائب مرتفعة ولا تشجع المستثمر الأجنبي أبداً، رؤساء أندية معمرون تشبعوا، وأندية أكبر همها تسديد ديونها .. والمشجع المغلوب على أمره يحترق ألماً.

الكالتشيو يلزمه "ثورة بلد" من كل النواحي ولا داعي للمكابرة والغرور .. ملاعب تُستحدث أو حتى تتجدد، ملاعب ملك للأندية وليس البلديات، ضرائب منخفضة وليس كما نشاهده الآن .. محب الكالتشيو يريد أن يرى أنديته ترعى نفسها بنفسها وليس تحت وطأة أموال رئيس نادي، وحسب مزاجيته يرفع أسهم فريقه وينزلها.

كرة القدم وأحكامها قست على من أحب كرة إيطاليا .. وللأسف أصبحت تملك حاضراً قبيحاً يهدم الكثير من تاريخها الجميل .. فيا زمن عد كما كنت أرجوك.

لمتابعة الكاتب :https://twitter.com/ITALY_00

المساهمون