القوانين العقارية أداة بيد السلطات السورية

20 ديسمبر 2015
الحكومة السورية تضع يدها على الأبنية (وكالة الأناضول)
+ الخط -
أصدرت الحكومة السورية مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول، قانوناً جديداً ينظم التخطيط العمراني في المدن. يتضمن القانون الكثير من النصوص، منها التسهيل للحكومة بمصادرة مناطق السكن العشوائية، لإقامة مشاريع عقارية جديدة.
منذ انطلاق الثورة، أولت السلطات السورية الكثير من اهتمامها الخاص عند تنظيم القطاع العقاري والبناء. ففي أيلول/ سبتمبر من عام 2012 على سبيل المثال، صدر المرسوم 66 الذي سمح بمصادرة منطقتين في دمشق، وكلتاهما كانتا من المناطق الداعمة بقوة للثورة. وفي العام نفسه، تمت مصادرة الأراضي المتاخمة للحدود مع الأردن في محافظة درعا تحت ذريعة المتطلبات الأمنية.

إضافة إلى ذلك، وفي أيار/مايو من العام الحالي، أصدرت الحكومة قانوناً يسمح لكافة المدن والمحافظات بتكليف إدارة من القطاع الخاص بتولي الإشراف على الأصول التي تملكها، كالأراضي والعقارات على سبيل المثال. وقد صور هذا النص كخطوة جدية تخطوها السلطات على طريق تخليها عن الأصول العامة لصالح مستثمري القطاع الخاص. وراجت إشاعات مفادها أن القانون سيفتح الباب أمام المستثمرين الإيرانيين للاستيلاء على بعض الأصول السورية كتعويض إيران عن دعمها المادي للسلطة في سورية.
أما الحكومة السورية فبررت ذلك بالقول "إن المناطق السكنية العشوائية لا تناسب شروط الحياة الجيدة، وأن شركات القطاع الخاص يمكنها إدارة الأصول بشكل أفضل".

هدف مزدوج

لكن للحكومة في الواقع هدفاً مزدوجاً "سياسياً واقتصادياً في آن واحد"، فمن الناحية الاقتصادية، يعتبر قطاع العقارات قطاعاً جاذباً للأعمال، كون مخاطره هي الأقل بين كافة قطاعات الأعمال، والطلب عليه مرتفع دوما، حيث يعتبر طريقة آمنة للمحافظة على المال. واذا أخذنا بالاعتبار أن سورية ستحتاج إلى إعادة إعمار واسعة، فإن العقارات بالتحديد هي التي ستجلب للمستثمرين المستقبليين الكثير من الأرباح.
أما من الناحية السياسية، فتريد الحكومة معاقبة شرائح السكان التي دعمت الثورة. وفي الوقت نفسه، ستقوم بتوطين شرائح سكانية من الداعمين للنظام في نفس المناطق السكنية العشوائية. وأخيراً، تريد تقديم المساعدة المالية لشخصيات مرتبطة بالنظام ومنحهم المزيد من السلطة مستقبلا.
لا شك في أن إعادة إعمار سورية يتطلب تشريعات واضحة، ويحتاج إلى تخطيط سليم، ويندرج ضمن ذلك التطوير العمراني وكذلك الكيفية التي ستتم بها عملية إعادة الإعمار.
إلا أن الحكومة الحالية التي توظف أهدافها في خدمة فئة معينة من السوريين، لن تكون قادرة على القيام بأي شيء مفيد للمجتمع السوري.
(خبير وكاتب سوري)

اقرأ أيضاً:الضرائب لتموين الخزينة السورية
المساهمون