وأوضح الناشط، عبد الغني المعراوي، لـ"العربي الجديد"، أن القصف الذي شنّته القوات الكردية بخمس قذائف هاون من عيار ثقيل عصر أمس الأول، الجمعة، على وسط بلدة أطمة، التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، تسبّب بمقتل ثلاثة نازحين يقيمون في البلدة بينهم طفل، وإصابة أكثر من عشرة آخرين بينهم نساء وأطفال بجروح مختلفة.
وأشار المعراوي إلى أن قوات المعارضة المتمركزة في منطقة دارة عزة، القريبة من بلدة أطمة، ردّت على القصف بمثله من خلال قصف نقاط تمركز "قوات حماية الشعب" الكردية، في محيط بلدة جنديرس، جنوب عفرين، بقذائف الهاون من دون أن تتوفر معلومات عن خسائر القوات الكردية.
وجاء الاحتكاك بين الطرفين فيما تواصل قوات المعارضة تصدّيها لقوات "داعش" الساعية للسيطرة على مدينة مارع، في ريف حلب الشمالي، والتي تُعدّ أحد أهم معاقل قوات المعارضة في المنطقة القريبة من الحدود السورية التركية المشتركة. وواصلت قوات المعارضة، مساء الجمعة، محاولاتها الرامية لاستعادة السيطرة على البلدات والقرى التي سيطر عليها "داعش" في محيط مدينة مارع بهدف فرض حصار عليها.
وأوضح الناشط، حسن الحلبي، لـ"العربي الجديد"، أن قوات المعارضة حاولت بعد استعادتها السيطرة على قرية سندف، إحراز مزيد من التقدم شمال مارع بمهاجمة قوات "داعش" التي تسيطر على بلدة تلالين، لكن الهجوم لم ينتج عنه إحراز قوات المعارضة تقدماً ملموساً بعدما تمكنت قوات التنظيم من صد الهجوم، بعد اشتباكات عنيفة بين الطرفين، نتج عنها مقتل نحو عشرين عنصراً من قوات المعارضة وعدد مواز من قوات "داعش" وخسارة المعارضة مدرعتين وعدة سيارات عسكرية.
وزادت قوات المعارضة من إجراءاتها الأمنية في مناطق سيطرتها في ريف حلب الشمالي، بعد الاختراقات الأمنية التي سجلها "داعش" في هذه المناطق من خلال تمكّنه من إدخال سيارات مفخخة إليها. وقام التنظيم يوم الخميس فقط بإدخال ست سيارات مفخخة إلى مناطق سيطرة المعارضة، التي تمكّنت من كشف ثلاث منها في محيط مدينة تل رفعت. كما نجحت قوات المعارضة بتفجير سيارتين مفخختين بصواريخ موجهة من دون أن يسبب انفجارهما أية أضرار أو خسائر في صفوف المعارضة، فيما تمكّن انتحاري يقود سيارة مفخخة من تفجير نفسه على طريق مارع-الشيخ عيسى، مما تسبّب في مقتل ستة مدنيين من عائلة واحدة كانوا يحاولون النزوح من مارع إلى تل رفعت هرباً من الاشتباكات الجارية في محيط مدينة مارع، وذلك بحسب مصادر طبية في مستشفى مارع الميداني.
وفي إطار تشديد المعارضة لإجراءاتها الأمنية في مناطق سيطرتها في ريف حلب الشمالي، أصدرت قيادة عمليات غرفة "فتح حلب" العسكرية، التي تضم معظم فصائل وتشكيلات المعارضة السورية في حلب وريفها، تعميماً حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، تضمّن أمراً للسكان في بلدات ومدن كفر قارص وتل قراح واحرص والشيخ عيسى وجبرين وكفر ناصح ومارع ومسقان في ريف حلب الشمالي، بحظر التجوال في هذه المناطق من الساعة السادسة مساء حتى الساعة السادسة صباحاً. وسيتم إغلاق المحال التجارية، ويحظر تجول السيارات في هذه المناطق كي لا يستغل تنظيم "داعش" الوضع لإدخال سيارات مفخخة إليها، كما فعل أخيراً.
كما تضمّن التعميم أمراً من فصائل المعارضة إلى عائلات أقارب المنتسبين إلى تنظيم "داعش"، بمغادرة هذه المناطق إلى حين انتهاء العمليات العسكرية فيها، كي لا يثير تواجدهم الشكوك حول تعاونهم مع التنظيم، الأمر الذي سيسبّب إشكالات أمنية في مناطق سيطرة المعارضة.
اقرأ أيضاً: سورية: المعارضة تتصدى لتمدد "داعش" في ريف حلب
وتخوض قوات المعارضة معركة التصدي لتنظيم "داعش" في ريف حلب الشمالي من دون إسناد جوي من طيران التحالف الدولي، بسبب عدم وجود تنسيق بين الطرفين، كما أن المعارضة انتظرت طويلاً تدخّل الطيران التركي لصالحها في معاركها ضد "داعش" في ريف حلب، من دون أن يشن هذا الطيران أية غارات جوية على قوات "داعش" التي تتقدّم في ريف حلب الشمالي، على الرغم من حديث مسؤولين أتراك عن عزم بلادهم إنشاء منطقة آمنة خالية من "داعش"، في مناطق سيطرة التنظيم الحالية في ريف حلب الشمالي الشرقي، قرب الحدود السورية التركية.
لكن طائرات من دون طيران يُعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي، شنت عصر أمس السبت غارات جوية على خنادق ومتاريس عسكرية بناها "داعش" على طريق حلب منبج في مناطق سيطرته، بحسب ما نقل شهود عيان من سكان المنطقة لـ"العربي الجديد" من دون وجود تفاصيل عن خسائر "داعش" إثر هذه الغارات.
وتنتظر القوات الكردية، التي تسيطر على منطقة عفرين شمال غرب حلب، سيطرة "داعش" الكاملة على ريف حلب الشمالي بحيث يصبح التنظيم على تخوم مناطق سيطرتها في مناطق إعزاز ودير جمال في ريف حلب الشمالي، الأمر الذي سيعني انطلاق مواجهة عسكرية شاملة بين الطرفين.
وستستفيد القوات الكردية على المدى الطويل من هذا الوضع الميداني، الذي سيخلّفه قضاء "داعش" على تواجد المعارضة في ريف حلب الشمالي، بحيث ستصبح القوات الكردية البديل الميداني الوحيد، الأمر الذي سيسمح لها بالحصول على دعم جوي من طيران التحالف الدولي، وستتمكن هذه القوات حينها من التقدّم على حساب "داعش" في المناطق التي تسيطر المعارضة السورية عليها حالياً.
وسيعني ذلك في النهاية إحراز القوات الكردية تقدماً ميدانياً كبيراً في المستقبل، ربما يسمح لها بخلق اتصال بري لأول مرة بين مناطق سيطرتها في مدينة عين العرب في ريف حلب الشرقي، ومنطقة سيطرتها في عفرين شمال غرب حلب، بحيث يصبح الجانب السوري من الحدود السورية التركية المشتركة تحت سيطرة القوات الكردية بشكل كامل من مناطق سيطرة القوات الكردية في ريف الحسكة الشمالي، أقصى شمال شرق سورية، حتى مناطق سيطرتها في عفرين شمال غرب حلب.
اقرأ أيضاً: "داعش" يحاول التقدم على حساب المعارضة شمال حلب