أظهرت إحصاءات رسمية أن مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي ما تزال ضئيلة للغاية، رغم حصوله على العديد من الحوافز الحكومية خلال الـ 20 عاماً الأخيرة، فيما قال خبراء اقتصاد إن أنشطة أغلب الشركات الخاصة تعتمد على الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية، ما يجعل هذه الشركات رهينة برميل النفط الذي يتحكم بمصير إيرادات البلاد.
ووضعت المملكة على مدار السنوات الماضية الكثير من السياسات التي من شأنها تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار بالداخل، وتوفير التمويل له، وتحويل ملكية بعض الأنشطة ذات الطابع التجاري إلى القطاع الخاص مثل الاتصالات والكهرباء والبريد والمياه، وذلك في مسعى لترشيد الإنفاق الحكومي ودخول القطاع الخاص في تقديم بعض الخدمات المجتمعية.
ووفق تقرير أصدرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية (حكومية) مؤخراً، فإن القطاع الخاص شارك في العام الماضي بنحو 10.13 مليارات ريال (2.7 مليار دولار) من الناتج القومي، ما يعادل 19%، لكن خبراء اقتصاد يرون أن هذه النسبة غير دقيقة، لأنها تشمل جزءاً من مساهمات في شركات بتروكيماويات عملاقة مملوكة بالكامل للدولة، وبالتالي فإن نسبة مشاركة القطاع الخاص في الناتج القومي تنخفض إلى 5.7% فقط.
أرقام محدودة
وحسب الخبراء تظل هذه الأرقام محدودة، مقارنة بما كان يجب أن يقدمه القطاع الخاص، مقابل التسهيلات العملاقة التي يحصل عليها من أجل الحصول على دور أكبر في اقتصاد المملكة.
قال الخبير المالي، راشد الجعيدان، في تصريح لـ "العربي الجديد" إن: "عندما نتحدث عن مشاركة لا تتجاوز 5.7% في الناتج القومي، بعد استبعاد الشركات النفطية فنحن نتحدث عن مشاركة هزيلة جداً، ولا تليق بقطاع ينال دعما هائلاً من الدولة".
وأضاف الجعيدان "السعودية هي البلد الوحيد، الذي لا يفرض أية ضرائب على الشركات الخاصة، بل يقدم لها قروضاً بالمليارات بلا فوائد ويمنح لها كل التسهيلات المطلوبة وأراضي مجانية لبناء المصانع وتسهل لها التأشيرات، ولكن المحصلة المقابلة تقترب من الصفر".
وتابع "أفضل توصيف للقطاع الخاص السعودي، هو أنه نشاط طفيلي يستمد قوته من الإنفاق الحكومي فقط، ولا يقدم أي شيء في المقابل ولا يخدم الدولة؛
فالوظائف فيه متدنية ولا تقارن بالأرباح الضخمة التي يحققها سنوياً".
وحسب المدير العام لصندوق التنمية الصناعية السعودي، علي العايد، في تصريح خاص، فإن عدد المشروعات الصناعية التي مولها الصندوق على مدار تاريخه تجاوز 2700 مشروع صناعي أقيمت في مختلف أنحاء السعودية، وبلغت قيمة القروض التي اعتمدها الصندوق 118 مليار ريال (31.4 مليار دولار).
كما بلغ عدد القروض التي منحها المصرف السعودي للتسليف والادخار للمناطق الواعدة نحو 213 قرضاً بقيمة 9.5 مليارات ريال (2.5 مليار دولار)، وكل هذه القروض تقدم للمستثمرين بلا فوائد وبمهلة سداد تصل لعشرين عاماً.
ضعف البنية
وأكد المتخصص في الاستثمار، الدكتور راضي الحداد، أن القطاع الخاص لا يلعب الدور، الذي يجب أن يلعبه في دعم الاقتصاد، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج للكثير من الوقت والجهد لكي يساهم بشكل كاف في الناتج المحلي.
وقال الحداد لـ "العربي الجديد" إن القطاع الخاص يعاني من ضعف البنية، فهو قطاع ربحي ويهتم بالدرجة الأولى بالربح، لافتاً إلى أنه باستثناء المصارف فإن القطاعات الاقتصادية المختلفة تستقطب الموظفين من المراتب الدنيا، ولا تساهم في تدريبهم وتطويرهم، وبالتالي تظل المساهمة في خلق الوظائف تحتاج لتفعيل أكثر.
وأضاف "90% من إيرادات الحكومة تأتي من النفط، وبالتالي إذا قلت إيرادات النفط فسيقل الإنفاق على المشاريع الحكومية، وعندما يحدث هذا سينكمش القطاع الخاص، خاصة الذي يعتمد على الإنفاق الحكومي".
الإنفاق الحكومي
وقال الرئيس السابق للغرفة التجارية في المنطقة الشرقية، عبد الرحمن الراشد، في تصريح خاص، إن "القطاع الخاص يمثل أكثر من 40% من الاقتصاد المحلي، ولكن المشكلة أن المحرك الأول له هي الحكومة، فإيرادات البترول تشكل مصدر الدخل الرئيسي في الدولة، والقطاع الخاص متأثر بالإنفاق الحكومي، وهو يتأثر كثيراً بذلك، وإذا تأثر الإنفاق الحكومي الذي يعتمد على البترول فسيؤثر على القطاع الخاص بكل تأكيد".
ويرى الدكتور راضي الحداد أنه "لا بد من تشجيع المتخرجين الجدد، على أن ينشئوا مشاريع صغيرة خاصة بهم، وأن تكون الوظائف المتوفرة من القطاع الخاص نوعية وليست لسد الفراغ فقط".
ولا يرى الحداد أن إلزام الشركات على توظيف السعوديين أمر مجد، موضحاً "نحن بحاجة لآلية واضحة للتوظيف وهي مسؤولية وزارة التخطيط، حيث يمكن استيعاب العمالة من خلال دعم المشاريع الصغيرة وأن يكون الموظف صاحب عمل بدلاً من أن يكون موظفا". وتابع: "مشاركة القطاع الخاص في التنمية الداخلية ضعيف جداً ولا يتجاوز 5.7%، بينما هو في بريطانيا أكثر من 40%".
اقرأ أيضا: أمير سعودي ينتقد تصاعد البطالة في بلاده لـ"مستويات مخيفة"
لكن المحلل الاقتصادي، ياسين الجفري، قال لـ "العربي الجديد"، إنه رغم الاتهامات الموجهة للقطاع الخاص بأنه يبحث عن توظيف السعوديين برواتب متدنية بهدف تلبية متطلبات برامج وزارة العمل، إلا أن وزارة العمل تسير في الاتجاه الصحيح، ولكنها تحتاج لبعض الوقت لكي تحقق أهدافها. وأضاف: "نحن نتحدث عن أرقام وحقائق، عدد السكان 30 مليون نسمة بمن فيهم غير السعوديين، والقادرون على العمل يبلغون نحو 45%، فنسبة الشباب مرتفعة ولهذا طبيعي أن تكون الرواتب المقدمة لهم متدنية". وتابع: "الوظائف العليا تمثل 15% فقط من نسبة الوظائف، بينما الغالبية منها هي وظائف متدنية ووزارة العمل هي من يملك الأرقام الحقيقية للوظائف".
ويبلغ عدد العمالة الوافدة في أكبر بلد منتج للنفط في العالم، حسب الإحصاءات الرسمية في المملكة نحو 10.4 ملايين عامل، منهم 8.2 ملايين عامل في القطاع الخاص.
وأشار الجفري إلى ضرورة أن يكون هناك اهتمام مصرفي أكبر بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المملكة، قائلاً: "دائماً ما تكون الشركات المتوسطة والصغيرة هي المحرك الأهم في الاقتصاد، ولكنها لا تحظى بدعم المصارف". وأضاف "تحتاج هذه الشركات لموارد وإمكانيات، فالقطاع المصرفي ما يزال يتعامل بفوقية تجاه هذه النوعية من الشركات، على الرغم من محاولات الدولة لدعمها".
اقرأ أيضا: السعوديات الأعلى بطالة عربياً
اقرأ أيضا: الشباب السعودي في انتظار فرص عمل
ووضعت المملكة على مدار السنوات الماضية الكثير من السياسات التي من شأنها تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار بالداخل، وتوفير التمويل له، وتحويل ملكية بعض الأنشطة ذات الطابع التجاري إلى القطاع الخاص مثل الاتصالات والكهرباء والبريد والمياه، وذلك في مسعى لترشيد الإنفاق الحكومي ودخول القطاع الخاص في تقديم بعض الخدمات المجتمعية.
ووفق تقرير أصدرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية (حكومية) مؤخراً، فإن القطاع الخاص شارك في العام الماضي بنحو 10.13 مليارات ريال (2.7 مليار دولار) من الناتج القومي، ما يعادل 19%، لكن خبراء اقتصاد يرون أن هذه النسبة غير دقيقة، لأنها تشمل جزءاً من مساهمات في شركات بتروكيماويات عملاقة مملوكة بالكامل للدولة، وبالتالي فإن نسبة مشاركة القطاع الخاص في الناتج القومي تنخفض إلى 5.7% فقط.
أرقام محدودة
وحسب الخبراء تظل هذه الأرقام محدودة، مقارنة بما كان يجب أن يقدمه القطاع الخاص، مقابل التسهيلات العملاقة التي يحصل عليها من أجل الحصول على دور أكبر في اقتصاد المملكة.
قال الخبير المالي، راشد الجعيدان، في تصريح لـ "العربي الجديد" إن: "عندما نتحدث عن مشاركة لا تتجاوز 5.7% في الناتج القومي، بعد استبعاد الشركات النفطية فنحن نتحدث عن مشاركة هزيلة جداً، ولا تليق بقطاع ينال دعما هائلاً من الدولة".
وأضاف الجعيدان "السعودية هي البلد الوحيد، الذي لا يفرض أية ضرائب على الشركات الخاصة، بل يقدم لها قروضاً بالمليارات بلا فوائد ويمنح لها كل التسهيلات المطلوبة وأراضي مجانية لبناء المصانع وتسهل لها التأشيرات، ولكن المحصلة المقابلة تقترب من الصفر".
وتابع "أفضل توصيف للقطاع الخاص السعودي، هو أنه نشاط طفيلي يستمد قوته من الإنفاق الحكومي فقط، ولا يقدم أي شيء في المقابل ولا يخدم الدولة؛
وحسب المدير العام لصندوق التنمية الصناعية السعودي، علي العايد، في تصريح خاص، فإن عدد المشروعات الصناعية التي مولها الصندوق على مدار تاريخه تجاوز 2700 مشروع صناعي أقيمت في مختلف أنحاء السعودية، وبلغت قيمة القروض التي اعتمدها الصندوق 118 مليار ريال (31.4 مليار دولار).
كما بلغ عدد القروض التي منحها المصرف السعودي للتسليف والادخار للمناطق الواعدة نحو 213 قرضاً بقيمة 9.5 مليارات ريال (2.5 مليار دولار)، وكل هذه القروض تقدم للمستثمرين بلا فوائد وبمهلة سداد تصل لعشرين عاماً.
ضعف البنية
وأكد المتخصص في الاستثمار، الدكتور راضي الحداد، أن القطاع الخاص لا يلعب الدور، الذي يجب أن يلعبه في دعم الاقتصاد، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج للكثير من الوقت والجهد لكي يساهم بشكل كاف في الناتج المحلي.
وقال الحداد لـ "العربي الجديد" إن القطاع الخاص يعاني من ضعف البنية، فهو قطاع ربحي ويهتم بالدرجة الأولى بالربح، لافتاً إلى أنه باستثناء المصارف فإن القطاعات الاقتصادية المختلفة تستقطب الموظفين من المراتب الدنيا، ولا تساهم في تدريبهم وتطويرهم، وبالتالي تظل المساهمة في خلق الوظائف تحتاج لتفعيل أكثر.
وأضاف "90% من إيرادات الحكومة تأتي من النفط، وبالتالي إذا قلت إيرادات النفط فسيقل الإنفاق على المشاريع الحكومية، وعندما يحدث هذا سينكمش القطاع الخاص، خاصة الذي يعتمد على الإنفاق الحكومي".
الإنفاق الحكومي
وقال الرئيس السابق للغرفة التجارية في المنطقة الشرقية، عبد الرحمن الراشد، في تصريح خاص، إن "القطاع الخاص يمثل أكثر من 40% من الاقتصاد المحلي، ولكن المشكلة أن المحرك الأول له هي الحكومة، فإيرادات البترول تشكل مصدر الدخل الرئيسي في الدولة، والقطاع الخاص متأثر بالإنفاق الحكومي، وهو يتأثر كثيراً بذلك، وإذا تأثر الإنفاق الحكومي الذي يعتمد على البترول فسيؤثر على القطاع الخاص بكل تأكيد".
ويرى الدكتور راضي الحداد أنه "لا بد من تشجيع المتخرجين الجدد، على أن ينشئوا مشاريع صغيرة خاصة بهم، وأن تكون الوظائف المتوفرة من القطاع الخاص نوعية وليست لسد الفراغ فقط".
ولا يرى الحداد أن إلزام الشركات على توظيف السعوديين أمر مجد، موضحاً "نحن بحاجة لآلية واضحة للتوظيف وهي مسؤولية وزارة التخطيط، حيث يمكن استيعاب العمالة من خلال دعم المشاريع الصغيرة وأن يكون الموظف صاحب عمل بدلاً من أن يكون موظفا". وتابع: "مشاركة القطاع الخاص في التنمية الداخلية ضعيف جداً ولا يتجاوز 5.7%، بينما هو في بريطانيا أكثر من 40%".
اقرأ أيضا: أمير سعودي ينتقد تصاعد البطالة في بلاده لـ"مستويات مخيفة"
لكن المحلل الاقتصادي، ياسين الجفري، قال لـ "العربي الجديد"، إنه رغم الاتهامات الموجهة للقطاع الخاص بأنه يبحث عن توظيف السعوديين برواتب متدنية بهدف تلبية متطلبات برامج وزارة العمل، إلا أن وزارة العمل تسير في الاتجاه الصحيح، ولكنها تحتاج لبعض الوقت لكي تحقق أهدافها. وأضاف: "نحن نتحدث عن أرقام وحقائق، عدد السكان 30 مليون نسمة بمن فيهم غير السعوديين، والقادرون على العمل يبلغون نحو 45%، فنسبة الشباب مرتفعة ولهذا طبيعي أن تكون الرواتب المقدمة لهم متدنية". وتابع: "الوظائف العليا تمثل 15% فقط من نسبة الوظائف، بينما الغالبية منها هي وظائف متدنية ووزارة العمل هي من يملك الأرقام الحقيقية للوظائف".
ويبلغ عدد العمالة الوافدة في أكبر بلد منتج للنفط في العالم، حسب الإحصاءات الرسمية في المملكة نحو 10.4 ملايين عامل، منهم 8.2 ملايين عامل في القطاع الخاص.
وأشار الجفري إلى ضرورة أن يكون هناك اهتمام مصرفي أكبر بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المملكة، قائلاً: "دائماً ما تكون الشركات المتوسطة والصغيرة هي المحرك الأهم في الاقتصاد، ولكنها لا تحظى بدعم المصارف". وأضاف "تحتاج هذه الشركات لموارد وإمكانيات، فالقطاع المصرفي ما يزال يتعامل بفوقية تجاه هذه النوعية من الشركات، على الرغم من محاولات الدولة لدعمها".
اقرأ أيضا: السعوديات الأعلى بطالة عربياً
اقرأ أيضا: الشباب السعودي في انتظار فرص عمل