في ظلّ أزمة سياسية تبدأ بالشغور الرئاسي المستمرّ، منذ مايو/أيار 2014، وصولاً إلى تجمد المجلس النيابي منذ نحو عام، ومروراً بتعطيل جلسات الحكومة، دعا مسؤولون لبنانيون إلى وجوب العودة إلى البرلمان من باب الحرص على "الاقتصاد اللبناني وأوضاعه المالية والمصرفية، وخوفاً على سمعة لبنان والثقة الممنوحة له من المجتمع الدولي".
وتحوّلت هذه العبارة إلى لازمة يردّدها رجال قطاع الأعمال والمصارف والمصالح الاقتصادية، وينطلق منها عدد من الزعماء ورؤساء الكتل، للتأكيد على وجوب عقد الجلسة التشريعية. حيث تريد الطبقتان السياسية (بأغلبيتها) والاقتصادية، تبرير عقد الجلسة لتمرير مجموعة من القروض والهبات المقدمة للدولة اللبنانية.
وينتقد مراقبون عقد هذه الجلسة الاستثنائية والتي تمتد ليومي الخميس والجمعة، مشككين في مدى دستوريتها من الأساس، في ظل عدم انتخاب رئيس الجمهورية، حيث ينص الدستور على أن المجلس النيابي غير مخول بالتشريع إلى أن ينتخب رئيسا للجمهورية، لكن المؤيدين لعقد الجلسة يقولون إنها "ضرورة اقتصادية".
ويبدو أن أولوية القروض باتت تتقدم على ملف انتخاب المجلس النيابي رئيسا للجمهورية وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وعلى إقرار موازنة عامة في بلد لا يعمل وفق موازنة عامة منذ سنة 2005، فضلا عن ملفات صحية وبيئية مهمة كملف النفايات، وحتى مالية كسلسلة الرتب والرواتب التي يطالب موظفو القطاعين العام والخاص بإقرارها. تلك ملفات لم ينتفض المجلس التشريعي لعقد جلسات تشريعية بشأنها، ما يثير حفيظة مراقبين.
وتحوّلت هذه العبارة إلى لازمة يردّدها رجال قطاع الأعمال والمصارف والمصالح الاقتصادية، وينطلق منها عدد من الزعماء ورؤساء الكتل، للتأكيد على وجوب عقد الجلسة التشريعية. حيث تريد الطبقتان السياسية (بأغلبيتها) والاقتصادية، تبرير عقد الجلسة لتمرير مجموعة من القروض والهبات المقدمة للدولة اللبنانية.
وينتقد مراقبون عقد هذه الجلسة الاستثنائية والتي تمتد ليومي الخميس والجمعة، مشككين في مدى دستوريتها من الأساس، في ظل عدم انتخاب رئيس الجمهورية، حيث ينص الدستور على أن المجلس النيابي غير مخول بالتشريع إلى أن ينتخب رئيسا للجمهورية، لكن المؤيدين لعقد الجلسة يقولون إنها "ضرورة اقتصادية".
ويبدو أن أولوية القروض باتت تتقدم على ملف انتخاب المجلس النيابي رئيسا للجمهورية وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وعلى إقرار موازنة عامة في بلد لا يعمل وفق موازنة عامة منذ سنة 2005، فضلا عن ملفات صحية وبيئية مهمة كملف النفايات، وحتى مالية كسلسلة الرتب والرواتب التي يطالب موظفو القطاعين العام والخاص بإقرارها. تلك ملفات لم ينتفض المجلس التشريعي لعقد جلسات تشريعية بشأنها، ما يثير حفيظة مراقبين.
التخويف من كارثة
تأتي هندسة تمرير الجلسة التشريعية من رجال المال والأعمال والسياسة على إيقاع حملة تخويف يقودها هؤلاء من إمكانية عزل لبنان عن النظام المالي والعالمي، أي منع مصارفه من التعامل مع المصارف العالمية ووقف عمليات التبادل المالي وانقطاع تحويلات المغتربين.
ويؤكد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، على وجوب إقرار البنود المالية "لتمرير تشريعات تتعلق بالمالية العامة والقطاع الخاص، إضافة إلى تشريعات مصرفية تتعلق بحركة الأموال عبر الحدود، ومكافحة التهرب الضريبي، وتعديلات على قانون مكافحة غسيل الأموال، فضلا عن قوانين تمسّ تمويل البنية التحتية وتمويل النشاط الحكومي بالعملات الصعبة".
وفي الوقت نفسه، يقول رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية ورئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، جوزيف طربيه، إن "أي تعثر على صعيد إقرار القوانين المالية سينعكس على التحويلات إلى لبنان، وعلى انتقال الأموال من لبنان إلى خارجه، وعلى تطوير التجارة الخارجية للبلاد".
مع تأكيد الطبقة نفسها على وجوب إصدار القوانين اللازمة لاعتماد القروض الدولية والعربية المعروضة على لبنان، حفاظاً على الفرص المقدمة لمساعدته.
وفعلياً، على جدول أعمال الجلسة التشريعية 38 بنداً، منها ثلاثة مشاريع تتعلق بالسياسة الدولية لمكافحة تبييض الأموال ونقلها عبر الحدود، بالإضافة إلى تبادل المعلومات الضريبية، و16 مشروع قانون للموافقة على قروض من جهات دولية وعربية، وأخرى متعلقة بإقامة بعض المشاريع الإنمائية، أو رفع مساهمة الدولة اللبنانية في الهيئات الاقتصادية العالمية.
يقود هذا الواقع الخبير الاقتصادي اللبناني، إيلي يشوعي، إلى التأكيد لـ"العربي الجديد" على أن كلام هيئات المصارف والمال "كلام تهويلي وتشبيحي"، معتبرا أن "الدولة اللبنانية لم تهمل يوما ملف تبييض الأموال والتزمت بالقرارات الدولية العديدة الصادرة في هذا الشأن، وأجرت مراقبة شديدة على الحركة المالية من قبل القطاع المصرفي والحكومة اللبنانية".
اقرأ أيضا: الموت فقراً في لبنان رغم تكدس الثروات بالجهاز المصرفي
ويضيف يشوعي أن الدول التي تهتم بالشأن اللبناني تدرك تماما أولويات انتخاب رئيس للجمهورية مثلا، وإعادة إحياء المؤسسات الدستورية وانتظام العمل الدستوري، وبالتالي يمكن لهذه الدول أن تغض الطرف عن تأخر لبنان أو انشغاله في ملفات أكثر إلحاحا وتأثيرا على سير الحياة السياسية والاقتصادية والدستورية فيه.
ويضع يشوعي "حملة التخويف والتهويل في إطار نية وحيدة لا ثانية لها، متفاهم عليها بين البنك المركزي وبعض السياسيين، وهي الحصول على مليار دولار أميركي نتيجة القروض التي سيتم إقرار مشاريعها في الجلسة التشريعية". أي أن الطبقتين المالية والسياسية "اشتاقتا للمال والمحاصصة والهدر في ظل واقع خزينة جافة".
وتساءل عن نتائج سياسة القروض على المستويات التنموية في لبنان، في ظل دين عام يقدّر بحدود 75 مليار دولار أميركي في أقل من 25 عاما، في ظل غياب أي تطور على مستويات القطاعات كافة كالطاقة، المياه، التعليم، الصحة، النقل العام، ضمانات اجتماعية وتنمية معدومة.
وينطلق يشوعي من هذا السؤال إلى تساؤل آخر، "ألا يساهم زيادة الديون على الدولة اللبنانية من دون أي ترجمة تنموية لها في زعزعة ثقة العالم في لبنان"؟
أما الباحث الأكاديمي في الجامعة الأميركية في بيروت، جاد شعبان، فيركز على زاوية أخرى من فشل السلطة السياسية، إذ يشير إلى أن خوف الماليين من وقف الحركة المالية من وإلى لبنان "تأكيد على أن الاقتصاد اللبناني يعيش من أموال المغتربين ويقوم عليه"، أي بلا أي قطاعات منتجة أخرى.
يشير شعبان لـ"العربي الجديد" إلى أنه "كان يفترض عقد الجلسات التشريعية منذ أشهر، لكن لمعالجة ملفات ملحّة فعلاً كملف النفايات، وإقرار الموازنة العامة، وإدخال الصناديق المالية ضمن الموازنة، بالإضافة إلى إقرار جملة من الحقوق، كمنح اللبنانيات الجنسية لأبنائهن، وإقرار مشاريع متعلقة بالخدمات والتنمية كمشاريع إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح".
ويؤكد شعبان أنه قد يكون ثمة تأثير لتأخر لبنان في إقرار بعض القوانين انسجاماً مع ملفات مكافحة تبييض الأموال ونقلها والمعلومات الضريبية "لكن ليس هذا خطراً محدقاً كما يجري التسويق له".
وأضاف أن "التمديد مرتين للمجلس النيابي، والفراغ الرئاسي، وتعطل اجتماعات الحكومة والبرلمان، أخطر بكثير على لبنان واقتصاده من تأخر إقرار قانونين أو ثلاثة".
ويعتبر المنتقدون، أن خلاصة جلسة التشريع التي عادت بعد أن عطّل السياسيون البرلمان لعام كامل، هي في الحقيقة جلسة لجلب مزيد من قروض الأموال، وإصدار تشريعات الدين وعدم توظيفه لخدمة اللبنانيين ومصالحهم، على اعتبار أن مصير المليار دولار سيكون نفسه مصير الـ75 مليارا التي سبقته والتي تثقل كاهل الخزينة العامة.
اقرأ أيضا: صندوق النقد الدولي يراقب ميزانية العراق