القاهرة تتعاطى مع الألمانيين المفقودين كمصريَّين: طيف ريجيني حاضر

10 يناير 2019
تتخوف ألمانيا من أن يلقى الشابان مصير ريجيني (Getty)
+ الخط -
قالت مصادر دبلوماسية مطلعة على الاتصالات الألمانية المصرية بشأن قضية اختفاء شابين ألمانيين من أصول مصرية، منذ الشهر الماضي، إن وزارة الخارجية المصرية أبلغت برلين بأنها "ليست ملزمة بإخطارها بمصير الشابين، لأنهما مصريان، وتتعامل معهما كمواطنين مصريين فقط، وأن أي مساعدة من القاهرة في هذا الشأن ستكون في إطار الصداقة وليس الإلزام القانوني".

وكانت وزارة الخارجية الألمانية قد أعلنت، منذ ثلاثة أيام، أن شابين، يبلغان من العمر 23 و18 سنة، اختفيا فور وصولهما إلى مصر في موعدين مختلفين، وأن أكبرهما كان في الطريق إلى المدينة المنورة بالسعودية مع شقيقه الأكبر، الذي سمحت له الشرطة المصرية بإكمال رحلته للسعودية وتحفظت على الشقيق الأصغر، أما الشاب المختفي الآخر فكان في طريقه لزيارة أجداده في صعيد مصر، وتعذر التواصل معه منذ 3 أسابيع. وعادت الخارجية الألمانية لتعلن، أول من أمس، عن تلقيها "إشعاراً" من السفارة الألمانية بالقاهرة يفيد بأن السلطات المصرية أبلغتها بأن اسم الشاب البالغ من العمر 23 سنة هو محمود عبد العزيز وهو قيد الحبس، ولم تدل بأي معلومات عن الشاب الآخر. وقالت المصادر الدبلوماسية، لـ"العربي الجديد"، إن الشابين كانا يحملان فقط أوراقاً ثبوتية ألمانية، ولم يسبق لهما الحصول على أوراق ثبوتية مصرية، فكلاهما مولود في ألمانيا من أب مصري وأم ألمانية.

وتستند السلطات المصرية إلى حالة استثنائية في قانون الجنسية الألماني لتؤكد أن الشابين مصريان. فالقانون الألماني يسمح بازدواج الجنسية في بضع حالات، من بينها أن يكون والد المواطن المولود في ألمانيا، حاملاً لجنسية أجنبية، وبالتالي يكون الشابان مزدوجي الجنسية ويحملان الجنسية المصرية بالتبعية لوالديهما، ما يعطي السلطات المصرية سنداً للتعامل معهما "كمصريين"، بحسب تعبير المصادر الدبلوماسية. ويبدو أن ألمانيا ترغب في التعامل مع الأمر بصورة "هادئة وغير تصعيدية"، إذ إن المصادر توضح أن برلين أبلغت القاهرة بضرورة إبلاغها بالمستجدات القانونية في التعامل مع الشاب الأكبر أولاً بأول، وإرسال البيانات الواضحة لوصول الشاب الثاني للقاهرة وتكثيف البحث عنه، دون التلويح بأوراق ضغط حتى الآن، لكنها أبدت مخاوفها من أن يلقى أحد الشابين، أو كلاهما، مصير الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتل مطلع العام 2016، ومرت ثلاث سنوات دون إعلان المسؤولين عن خطفه وقتله، ما يسبب توتراً في العلاقة بين مصر وإيطاليا.


ووفقاً للمصادر، فقد طلبت السفارة الألمانية من وزارة الخارجية المصرية السماح للشاب المحبوس حالياً بمحادثة والدته هاتفياً، وتلقت وعداً بالقيام بذلك قريباً. كما تلقت معلومات تزعم وجود معلومات من جهاز أمني سعودي عن انضمام الشاب إلى مجموعة تكفيرية جديدة تنشط بين المملكة ومصر، وكان يتواصل مع أفراد منها عبر تطبيق "تليغرام" حيث تم رصده. ويمثل اختفاء الشابين سابقة في سياق العلاقات الأمنية المتطورة بين القاهرة وبرلين. وتكشف المصادر أن العامين 2017 و2018 شهدا نحو 10 حالات ترحيل لشبان ألمان، بعضهم من أصول مصرية، فور وصولهم إلى القاهرة، للاشتباه في حضورهم للانضمام إلى تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، ورصد الأجهزة الأمنية اتصالات سابقة بينهم وبين عناصر تكفيرية، وقد تم إبلاغ الأجهزة الألمانية بأسباب ترحيل كل حالة، ولذلك فإن برلين لا تستبعد تورط الشابين، أو أحدهما، في اتصالات من هذا النوع، لكن لم يحدث أن تصرفت القاهرة من قبل بشكل مشابه لما حدث في حالتي الشابين.

وكانت "العربي الجديد" قد نشرت تقريراً في مايو/ أيار الماضي، عن توثيق التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين، بما في ذلك قبول مصر بترحيل عدد من المصريين غير المقبولين كلاجئين سياسيين أو دينيين في ألمانيا، وإعادتهم إلى القاهرة، في إطار سياسة ألمانية جديدة تشترط إيجاد مثل هذا التنسيق وقبول ترحيل اللاجئين مقابل استمرار دعم برلين للقاهرة، اقتصادياً ولوجستياً وسياسياً، في العديد من الملفات. وشهدت الاجتماعات التنسيقية بين وزراء البلدين، خلال زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للقاهرة في مارس/ آذار 2017، تلويحاً بخفض المساعدات الاقتصادية، والتشدد بشروط اتفاقيات القروض التي تتركز معظمها على تسهيل إقامة مشاريع مرفقية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، إذا لم تتعاون القاهرة مع برلين على صعيد تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية، وكذلك قبول مصر باستمرار استعادة اللاجئين غير المقبولين، الأمر الذي رحب به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

المساهمون