الفلسطيني جواد حرودة: شعب لا يجيد الفنّ..لا يجيد القتال

28 اغسطس 2015
في منزله، بين ذكرياته (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -



بابتسامة امتزجت بشرود الذهن، يتفقد الفنان والمخرج الفسطيني جواد حرودة، مجموعة من الصور الفوتوغرافية القديمة، التي تلخّص مسيرة فنية بدأت قبل ثلاثة عقود، قدّم خلالها عشرات الأعمال الفنية البارزة، توزّعت بين المسرح والتلفزيون والسينما، لتناقش مجمل القضايا التي تشغل بال الشارع الفلسطيني، من وطنية وسياسية واجتماعية وكوميدية ودرامية.

الممثل "الخفيف الظلّ" على خشبة المسرح روى لـ "العربي الجديد" بداياته بأدوات وإمكانيات بسيطة، تطوّرت فيما بعد لتواكب كلّ جديد: "في الصفّ الابتدائي الأوّل كنت أغني مواويل للفنان محمد طه، فأعجب المعلمون بأدائي، وأصبحت أعتلي المنصة المدرسية كل يوم، حتى وصلت إلى الصفّ الخامس. كنتُ أروي حكاية ضابط مصري مسيحي يدعى جمال، ذهب في قارب مفخّخ، وفجّره في باخرة بريطانية. كان صوتي جهورياً حينها، فسمعني والدي وأعجب بصوتي وأدائي وقال لي: سيكون لك شأن كبير في المستقبل".

وكانت تلك الشهادة الأولى التي يحصل عليها جواد، والتي شجّعته لخوض غمار الفنّ بمختلف أنواعه: "كنت أشاهد الأفلام كثيراً، وأحفظ بعض المشاهد، وأقوم بتمثيلها برفقة أصدقائي، وتأثرت كثيراً بالفنان المصري عادل أدهم، والفنان الكويتي سعدي الفرج وفي 1973 شكّلت أنا وأصدقائي فرقة الشموع، أول فرقة فنية، وكانت باكورة أعمالنا مسرحية "الوجوه الملونة"، التي عرضت في سينما الجلاء بغزّة، بحضور لافت وضخم بسبب حداثة عرض المسرحيات، لدرجة أننا استدعينا عناصر الشرطة لحفظ الأمن والنظام".

تلتها أكثر من 50 مسرحية، منها خليها على الله، العنب الحامض، الأسد والثيران الثلاثة، دار الحنون، وكلّها بالفصحى. أما تلفزيونيا فبدأ بحلقات "فلاش" التي "هدفت في ذلك الوقت إلى توعية الجمهور بأهمية الانتخابات، ومن ثم مسلسل ليالي الصيادين، وأما عجايب، ومن كل بيت حكاية، وحكاية كل يوم، الاخوة الغرباء..

اقرأ أيضاً: محمد رمضان يطالب بدعم المسرح الفلسطيني في لبنان

لا يتوقف عن تقليب الصور التي يحفظ تفاصيل وقتها ومكانها. في السينما قدّم أفلام: المعتقل، الشائعة، الإسعاف، إضافة الى فيلم "انتزاع" الذي يحاكي النطف المهربة من الأسرى الفلسطينيين، وفيلم "أنتِ يا قدس"، الذي يعرض معاناة وتهجير المقدسيين: "الدعم لم يكن سخياً للأعمال الفنية، لكننا كنا مؤمنين بأهمية الرسالة الملقاة على عاتقنا، وكان همّنا الأوّل هو وصول الفكرة إلى الجميع. وكانت الجهود شخصية، باستثناء بعض الأعمال التلفزيونية التي دُعمت بشكل رمزي".

شارك في أعماله ممثلون فلسطينيون، مصريون، أردنيون، وغيرهم. وحظي بتقدير من الشارع والمؤسسات الفلسطينية. وحالياً يعمل مدرّباً مسرحياً لمجموعة فنانين شباب، وبرأيه أنّ هناك "طاقات إيجابية يجب دعمها والأخذ بيدها"، مختتماً حديثه بعبارة: "إذا أردت أن تعرف حضارة بلد، فاذهب إلى مسارحه، فالشعب الذي لا يجيد الفنّ، لا يجيد القتال".

اقرأ أيضاً: خربة الطيرة بفلسطين: مرقد إسطفانوس أوّل شهيد في المسيحيّة
المساهمون