تفيد دراسة لمركز أبحاث دنماركي متخصّص بالدراسات الاجتماعية، ويعدّ دراسات لمصلحة حركة العمل ومجلس الأعمال، أنه ثمة رابط بين البيئة التي يترعرع فيها الأطفال الأكثر فقراً وتهميشاً، وفرصة كسر إرث الفقر في مستقبلهم. إذ بالدراسة والتحصيل العلمي والاختلاط الطبقي، يحقّق أبناء الطبقات الفقيرة وضعاً أفضل من البقاء في تكتلات الفقر والانتماء إلى إرث اجتماعي محدد سابقاً.
وأشارت نتائج الدراسة الدنماركية، إلى أنّه قبل 20 سنة "كان من الأسهل على أبناء الأسر الفقيرة كسر الميراث الاجتماعي والخروج من وضع التهميش والفقر، فيما اليوم يعد كسر القاعدة أصعب من السابق". ويضيف معدّو الدراسة، وفقاً لوكالة الأنباء الدنماركية، ريتزاو، أنّه "يصعب على الأطفال المولودين في عائلات الطبقات المتدنية اقتصادياً، هذه الأيام، الخروج من فقرهم مستقبلاً، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقدين من الآن".
وفي هذا السياق يؤكّد الباحثون أنه "رغم تركيز السياسة لسنوات على ما يسمى بالإرث الاجتماعي السلبي، وصرف جهود كبيرة على عدم ظهور حالة التهميش، واستقطاب طبقي في المجتمع، إلاّ أنّ ذلك الاستقطاب تزايد بشكل ملحوظ". وفي تعقيبه على النتائج، أكّد مدير مجلس الأعمال الدنماركي، لارس أندرسن، أنّ ذلك الاستقطاب الحاد بين فقراء وأثرياء المجتمع، يمكن ملاحظته أكثر فأكثر لناحية المسكن والمدارس، "حيث لا يرتاد الفقراء مدارس أبناء الأغنى منهم، ولا يقطنون في التجّمعات السكنية ذاتها، ما يعني أننا أمام تكتلات تضمّ مدارس فقراء من منازل الأكثر ضعفاً اجتماعياً، ومدارس للأقل فقراً أو أبناء أثرياء".
وعلى الرغم من أن الدنمارك تعتبر من الدول الاسكندينافية المتقدّمة في مجال التوزيع العادل للثروات وانتشار العدالة الاجتماعية فيها، إلا أنّه يبدو أنّ العشرين سنة الماضية خلقت عملياً فجوة متسارعة بين المواطنين الذين يُفترض أنهم يملكون فرصاً متكافئة نظرياً، وهو الرأي الذي يؤكّده أندرسن لريتزاو اليوم الجمعة.
وأشارت الدراسة إلى علاقة بين عدد المولودين في الأسر الفقيرة وتوريثهم الفقر. فقد أكّد معدّوها أنّ واحداً من كل ثلاثة أطفال، يكبرون ليصبحوا من الـ 20 في المائة، الأكثر فقراً في البلد. وخلص هؤلاء الباحثون إلى أنّ نسبة الأطفال واليافعين، الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة، ارتفعت من 28 في المائة عام 2000 إلى 33 في المائة في 2018. ومن خلال تحليل ما توصّل إليه خبراء الدراسات الاجتماعية، بالتركيز على 18 سنة ولادات بين 1965 و1983، وبالنظر إلى الطبقة الإجتماعية التي ينتمي إليها هؤلاء اليافعون، حين كانوا في سن الـ15 عاماً، ولاحقاً حين وصل هؤلاء إلى سن 35 عاماً، فقد كان لديهم قدرة أكبر للخروج من فئة أصحاب المداخيل المتدنية قبل عام 2000، مقارنة بالمصاعب التي يواجهها أبناء فترة 2000 وحتى 2018، حيث يتعزّز الإرث الاجتماعي الفقير بشكل ملحوظ.
ولاحظت الدراسة وفقاً للارس أندرسن أنه "يفترض خلط، بيئة المدن مع الضواحي السكنية أكثر، مثلما يجب أن يكون هناك اختلاط طبقي في المدارس، لأجل كسر إرث المكانة (الطبقة) الاجتماعية". ويؤمن هؤلاء الباحثون في كوبنهاغن بأهمية ذلك الاختلاط، على اعتبار أنّ "المرء (الإنسان) يتأثر بما يحدث حين يرتاد المدرسة وفي منطقة سكنه، وأيضاً بمن يخالط من زملاء ورفاق وهذا يؤثّر على نظرته للحياة".
يرى الباحثون في هذا التأثر، "تأثيرا كبيراً على كيفية تجاوز المراحل التعليمية والدراسات التي يتوجه إليها الأبناء، فكلّما حصلوا على تعليم جيد، كان لذلك تأثير على مستقبلهم الطبقي".