حبّ اللبنانيين للحياة يجعلهم السبّاقين دائماً في نقل ما هو جديد، إن على صعيد اللباس أو الطعام أو مستحضرات التجميل، فهم لا يتركون فرصة إلاّ ويستغلّونها لتبرز ميزتهم في الأمور الحياتيّة، وهم يجيدون إعادة إحياء موضة قديمة بأسلوب معاصر، وغالباً ما يكون السبب التحايل على تفاقم الأزمة الاقتصادية.
تصاعدت ظاهرة "التقليد" في سوق الحلي والعطور، بسبب الارتفاع اللافت لأسعارها، فحلّت العطور المركّبة بديلاً عن الفرنسية الأصليّة، واجتاح الذهب البرازيلي واجهات محال المجوهرات، راكناً الحلي الخليجية والأوروبية جانباً.
يقول أحد بائعي العطور لـ"العربي الجديد": تلقى العطور المركّبة رواجاً كبيراً نظراً لنجاح محترفيها في تركيبها أولاً، ولأسعارها الرخيصة ثانياً، خصوصاً في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة. ويضيف: "إن العطور التي أبيعها مركّبة من مواد طبيعيّة، ورائحتها عطرة وتدوم طويلاً".
ويصف البائع مهنته، التي بدأ يزاولها منذ أكثر من أربع سنوات، بأنها لا تحتاج إلى آلات أو معدّات، بل إلى الخبرة بأنواع العطور ومقاييس كلّ واحدة منها، مضيفاً: "نحن نستورد العطر (المكثّف) من إحدى الشركات في بيروت، التي بدورها تستورده من الخارج، وتحديداً من فرنسا أو دول الخليج العربي، ونقوم بتركيبه وفق معايير محدّدة، إذ أنّ لكلّ نوع معياره الخاص".
ويشير إلى "أن الطبقات الشعبية من ذوي الدخل المحدود هي الأكثر إقبالاً على شراء هذه الأنواع من العطور بنوعيها الغربي والخليجي، لأنها تجد فيها ما يعوّض عن الأصلي وبأسعار أرخص".
ذهب مزيّف يدوم
بين العطور والذهب صلة مشتركة، فللصناعيين المحترفين قدرة على تقليد الأصلي منهما بآخر جيّد إلى حدّ بعيد. فقد عاش الذهب البرازيلي عصره الذهبي منذ سنوات، وهو اليوم موضة رائجة وسعره زهيد، وقد يكون سعر القطعة عشرة دولارات، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، ويبقى بريقها كما هو عليه إذا تمّ الاعتناء بها.
يؤكّد البائع سمير جمعة، الذي يملك محلاً لبيع الذهب البرازيلي، أنّ شكله كالذهب الطبيعي وأنّ الزبائن يشترونه بكثرة لأنّ لمعته مميّزة وسعره أرخص بكثير.
ويستذكر حادثة طريفة حصلت معه، حين دخل إلى محله عروسان لشراء احتياجات الخطوبة. فاشتريا الذهب البرازيلي، الذي كلّفه 45 ألف ليرة لبنانية فقط، ما يعادل 30 دولاراً أميركياً، إضافة إلى خاتم من فضّة له، وآخر من ذهب لها، لتكتمل فرحتهما بعيداً عن التكاليف المالية الباهظة.
تنتشر المحلات والبسطات، التي تعرض الذهب البرازيلي والعطور المركّبة في أماكن عدّة. توضّح امرأة أنها تشتري الذهب البرازيلي، لأنّه لم يعد بإمكانها شراء الذهب الأصلي، معتبرة أنّ البرازيلي أفضل من الفضّة والمجوهرات المزيّفة، كما يُمكن للمرأة أن تبتكر طرقاً مختلفة للتزيّن به، تستطيع تبديل أكسسواراتها بحسب لباسها ساعة تشاء، لأنّه بإمكانها شراء كميّة كبيرة منها وبسعر زهيد. وبذلك تبقى المرأة العصرية المواكبة لكلّ موضة جديدة.
وأوضحت أنّ العطور المركّبة لا تختلف عن الأصليّة كثيراً، طالما أنّ المصدر واحد، والدليل على ذلك أنّني أغسل الكنزة وتبقى الروائح لمدة طويلة.