الفساد المالي يعرّض العراق للإفلاس

25 يوليو 2015
الفساد ينخر الاقتصاد العراقي (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من جهود الحكومة العراقية في احتواء ملف الفساد المالي والأموال العراقية المهربة إلى الخارج، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل لوجود أشخاص نافذين فيها يعرقلون هذه الجهود لحماية مصالحهم، وفق ما يذهب إليه أكثر البرلمانيين المعنيين بالأمر.

ويرى برلمانيون حاورتهم "العربي الجديد" أن استمرار الفساد على النحو الواقع حاليا، في ظل تهاوي أسعار النفط، يهدد العراق بالإفلاس خلال سنوات قليلة قد لا تزيد عن عامين.

ويعتمد العراق على النفط موردا رئيسيا لنفقاته، ومع هبوط النفط بنحو 50% منذ يونيو/حزيران 2014، فقد العراق ما يقرب من نصف إيرادات الخزانة العامة.

وقالت عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، ماجدة التميمي، إن عمليات غسل الأموال وتهريب العملة إلى الخارج، لا تزال مستمرة، وإن لجنتها تتبعت بعض الحوالات المالية التي يتم توجيهها لصالح شركات غير مذكورة في فواتير الشراء الرسمية، ما يعني أن هناك تهريبا وغسل أموال.

وأضافت في تصريحات صحافية، أن هناك لجنة مشكّلة منذ عام 2007 لمتابعة مصير الأموال المهربة إلى الخارج لكنها ميتة سريريا بسبب استشراء الفساد المالي والإداري في البلاد وعدم تدقيق الحسابات الختامية للموازنات المالية للسنوات السابقة، مشيرة إلى أن معاقبة المفسدين شملت صغار الموظفين فقط ولم تشمل كبار المفسدين بسبب وجود المافيات.

وكشفت التميمي عن ضياع 228 مليار دينار (190 مليون دولار) في مشاريع وهمية خلال العام الماضي 2014 فقط.

وقد أدى الفساد المالي والإداري في العراق إلى ظهور طبقة جديدة من الأغنياء ورجال الأعمال الجدد المحسوبين على الحكومة العراقية، والذين وصلوا إلى الثراء بشكل سريع، في حين يعيش ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر.

وقال عضو اللجنة القانونية في البرلمان، محسن السعدون، إن هدر الأموال في الموازنات السابقة قطع الطريق نهائيا أمام سد العجز في الموازنة العامة الحالية.

وأشار في مقابلة مع "العربي الجديد"، إلى أن الأزمة المالية بدأت منذ قيام الحكومات السابقة بهدر الأموال العامة خلال الفترة 2004 – 2012، وأن وجود تلك الأموال كان من شأنه أن يسد العجز في الموازنة العامة لأعوام، موضحا أن قيمة الأموال المهدرة منذ الاحتلال الأميركي وحتى عام 2012، بلغت 245 مليار دولار، فضلا عن فائض الموازنة الذي تحقق في هذه الفترة والمقدر بحدود 150 مليار دولار، لا أثر له على الإطلاق.

وحذر عضو اللجنة القانونية النيابية من أن العراق معرض لخطر الإفلاس بحلول العامين المقبلين، وسيكون عاجزاً عن دفع رواتب موظفيه، بسبب تجاوز العجز في الموازنة المالية العامة للبلاد مبلغ 50 مليار دولار سنويا، موضحا أن المبالغ المدورة من الموازنات السابقة لغاية العام 2012 كانت أكثر من 50 مليار دولار.

اقرأ أيضاً: العراق يكافح غسيل الأموال عبر المصارف

وكانت اللجنة المالية في البرلمان العراقي قد كشفت في أبريل/نيسان الماضي، عن خسارة البلاد نحو 360 مليار دولار، بسبب عمليات الفساد وغسل الأموال، التي جرت خلال 9 سنوات في الفترة ما بين عامي 2006 و2014، والتي حكم فيها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي البلاد.

وطالب ائتلاف الوطنية بزعامة نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، الحكومة المركزية والبرلمان بتفعيل الدور الرقابي وإعادة فتح جميع ملفات الفساد منذ العام 2003 وحتى اليوم.

وقال عضو ائتلاف الوطنية النائب محمود المشهداني، لـ "العربي الجديد"، إن ائتلافه دعا إلى تطبيق مبدأ "من أين لك هذا" على المسؤولين السابقين والحاليين وتفعيل مذكرات إلقاء القبض على الهاربين خارج العراق عن طريق الإنتربول، مبينا أن قرار مجلس الوزراء خفض رواتب الرئاسات الثلاث والمسؤولين والنواب والدرجات الخاصة، خطوة صائبة في ظل الأزمة المالية الحالية.

ووافق مجلس الوزراء العراقي أول من أمس الأربعاء، على تخفيضات كبيرة تصل إلى النصف في رواتب المناصب العليا في الدولة، لتطاول الرئيس العراقي ورئيس الحكومة والوزراء ونواب البرلمان، بهدف تقليل حدة الأزمة المالية التي يعانيها العراق، بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً، وتكلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". فيما توقع برلمانيون عرقلة سياسيين لهذا الخفض في الرواتب.

ولم يتوقف الفساد المالي عند سرقة أموال الدولة وتحويلها إلى الخارج وإنما تجاوزت هذه الآفه لتؤثر على مئات الآلاف من المحرومين من شبكة الحماية الاجتماعية في العراق، وهؤلاء يفتقرون إلى أبسط أنواع الإعانة الاجتماعية، بسبب الفساد الإداري والمالي وتدخل جهات متنفذة بإدخال أشخاص لا يستحقون الإعانة.

وشدد رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري لـ "العربي الجديد"، على ضرورة استثناء المستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية من برامج التقشف التي تنتهجها معظم المؤسسات الحكومية والبحث عن السبل الكفيلة لتقديم أفضل الخدمات لها، ووضْع حد لتجاوز بعض ضعاف النفوس من غير المستحقين على برنامجها.

وأكد أنه تم اكتشاف الآلاف من المتجاوزين على أموال برنامج شبكة الحماية الاجتماعية، على خلفية ظهور معلومات تؤكد تعيينهم في دوائر أخرى، دون قيامهم بإخبار دائرة العمل والشؤون الاجتماعية في المحافظة التي يتقاضون منها بدل الإعانة.

وأضاف أن الأسباب التي أدت إلى حصول هذه التجاوزات هي حداثة التجربة وافتقار شبكة الحماية الاجتماعية إلى فرق البحث والاستقصاء الكافية، فضلا عن عدم التخطيط والعشوائية في بداية عمل شبكة الحماية الاجتماعية عام 2006 إلى جانب الافتقار إلى آلية التحري عن طبيعة وواقع حال المستفيدين من الإعانة.

وعملت شبكة الحماية خلال الأعوام القليلة الماضية على تدقيق بيانات المستفيدين، ما أدى إلى الكشف عن عدد كبير من المتحايلين على أموال الشبكة والمتجاوزين على رواتب الرعاية الاجتماعية، وهي تجاوزات تسببت بشكل مباشر في هدر أموال طائلة من ميزانية الدولة.


اقرأ أيضاً:
العراق يتجه لخفض رواتب المسؤولين
العراقيون بين التشرد والفساد

المساهمون