13 فبراير 2022
الفرصة الأخيرة في ليبيا
نجحت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا في تثبيت شرعيتها، بدخولها العاصمة طرابلس قبل أيام. وقد شهدت هذه الحكومة الجديدة التي يرأسها فائز السرّاج ولادةً متعثرة، بعدما رفضت بعض الأطراف الليبية، في البداية، تسليم السلطة لها، سواء من المنتمين لحكومة الإنقاذ الوطني التي كان يقودها خليفة الغويل، أو من المحسوبين على تيار "برلمان طبرق" في الشرق. والمعروف أن حكومة الوفاق إحدى ثمار "اتفاق الصخيرات" (تم توقيعه في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي) بين الفرقاء الليبيين، وانبثقت عنه ثلاث هيئات رئيسية، حكومة المجلس الأعلى للدولة (المجلس الرئاسي) وحكومة الوفاق وبرلمان طبرق. وقد رفضت أطراف ليبية، سواء داخل مجلس النواب (برلمان طبرق)، وفي مقدمتهم رئيس المجلس عقيلة صالح، أو داخل المؤتمر الوطني الليبي، الموافقة على حكومة السرّاج عقب الإعلان عنها، خوفاً من تهميشهم في المعادلة السياسية الجديدة، لكنهم اضطروا، تحت ضغوط إقليمية ودولية، للقبول بها، والموافقة على إعطائها الشرعية. ومن المتوقع أن يجتمع برلمان طبرق، خلال أسبوع، لمنح الثقة لها، وفي الوقت نفسه، قام وزراء كثيرون في حكومة الغويل بتسليم السلطة لها.
وكغيرها من أزمات المنطقة، ليست الأزمة الليبية محليةً فقط، وإنما لها أبعاد إقليمية ودولية. وبالتالي، لا بد أن تتوافق القوى الإقليمية والدولية على أي حلٍّ لها، وهو ما يبدو واضحاً في الحالة الليبية. فلولا موافقة حلفاء برلمان طبرق، وتحديداً مصر والإمارات، بل وضغطهم على رئيس "برلمان طبرق" عقيلة صالح، لما وافق على الاستجابة لمطالب إعطاء الثقة لحكومة السرّاج. لذا، ليس غريبا أن يطير الرجل إلى أبوظبي والقاهرة، في الأيام القليلة الماضية، لكي يجس نبضهما باتجاه منح الثقة لحكومة السرّاج، حسبما أشارت "العربي الجديد". كما أن مسؤولي الملف الليبي في المخابرات المصرية يمارسون ضغوطاً على صالح، ليقوم بتمرير حكومة السرّاج في جلسة "برلمان طبرق" الأسبوع المقبل.
دولياً، تبدو الضغوط أكثر وضوحاً. فقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ على الأطراف التي رفضت التجاوب مع حكومة السرّاج، وأهمهم عقيلة صالح وخليفة الغويل ونوري بوسهمين (رئيس المؤتمر الوطني العام أو برلمان طرابلس)، ما دفعهم جميعاً، في نهاية المطاف، إلى التسليم بالوضع الجديد، والتنسيق مع حكومة السرّاج. كما أن ثمّة ضغوطاً دولية أخرى متعلقة بمكافحة التنظيمات الأصولية في ليبيا، مثل القاعدة والدولة الإسلامية وأنصار الشريعة، فثمة إصرار غربي على عدم إعطاء فرصة لتنظيم الدولة لإعادة ترتيب صفوفه، وبناء دويلة جديدة في ليبيا خاصة في سرت، أو قرب مناطق النفط. وقد أشارت تقارير مختلفة إلى وجود قوات أجنبية داخل ليبيا الآن لتنفيذ عمليات ضد هذه التنظيمات، أو على الأقل تدريب القوات الليبية على التصدّي لها.
وتواجه حكومة السرّاج تحديات عديدة، أولها تثبيت شرعيتها وفرض همينتها وسلطتها على الأراضي الليبية، وهو ما لن يحدث من دون وجود درجة كبيرة من التوافق مع كل الأطراف الليبية المؤثرة في الشرق والغرب. وثانيها، جمع السلاح وإدماج المليشيات العسكرية داخل صفوف الجيش وقوات الأمن، وهو تحدٍ كبير لن تنجح فيه حكومة السرّاج، من دون اتباع سياسة حكيمة، تجمع بين العصا والجزرة. وثالثها، التحدّي الأمني والتصدّي للجماعات الأصولية التي تعيث في الأرض رعباً وفساداً، والتي استفادت، بشكل كبير، من الأزمة السياسية من أجل توسيع حضورها وتوطيد نفوذها في ليبيا. أما التحدّي الرابع فهو الاقتصادي، إذ تعاني البنية الاقتصادية التحتية في ليبيا من حالة فشل ودمار، نتيجة الاحتراب والصراع الذي استمر طوال العامين الماضيين.
لن تنجح حكومة السرّاج في مواجهة هذه التحديات، من دون دعم إقليمي ودولي قوي لها، وهو أمر يبدو أنه يتحقق، وإنْ ببطء، فثمة تسليم لدى أطراف إقليمية ودولية كثيرة بأن هذه الحكومة قد تكون الفرصة الأخيرة من أجل إنقاذ ليبيا من السقوط والضياع في براثن الحرب الأهلية، ومن هيمنة التيارات الأصولية.
يخطئ من يعتقد أن حكومة السرّاج سوف تنهي الأزمة العميقة في ليبيا، أو أنها تمتلك عصاً سحرياً تحل بها المشكلات المتراكمة، لكنها خطوة أولى على طريق الاستقرار الموعود، فإما أن يدعمها الليبيون، كي تمضي قدماً، أو أن يتركوها فتنهار، وحينئذٍ سوف يخسر الجميع.
وكغيرها من أزمات المنطقة، ليست الأزمة الليبية محليةً فقط، وإنما لها أبعاد إقليمية ودولية. وبالتالي، لا بد أن تتوافق القوى الإقليمية والدولية على أي حلٍّ لها، وهو ما يبدو واضحاً في الحالة الليبية. فلولا موافقة حلفاء برلمان طبرق، وتحديداً مصر والإمارات، بل وضغطهم على رئيس "برلمان طبرق" عقيلة صالح، لما وافق على الاستجابة لمطالب إعطاء الثقة لحكومة السرّاج. لذا، ليس غريبا أن يطير الرجل إلى أبوظبي والقاهرة، في الأيام القليلة الماضية، لكي يجس نبضهما باتجاه منح الثقة لحكومة السرّاج، حسبما أشارت "العربي الجديد". كما أن مسؤولي الملف الليبي في المخابرات المصرية يمارسون ضغوطاً على صالح، ليقوم بتمرير حكومة السرّاج في جلسة "برلمان طبرق" الأسبوع المقبل.
دولياً، تبدو الضغوط أكثر وضوحاً. فقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ على الأطراف التي رفضت التجاوب مع حكومة السرّاج، وأهمهم عقيلة صالح وخليفة الغويل ونوري بوسهمين (رئيس المؤتمر الوطني العام أو برلمان طرابلس)، ما دفعهم جميعاً، في نهاية المطاف، إلى التسليم بالوضع الجديد، والتنسيق مع حكومة السرّاج. كما أن ثمّة ضغوطاً دولية أخرى متعلقة بمكافحة التنظيمات الأصولية في ليبيا، مثل القاعدة والدولة الإسلامية وأنصار الشريعة، فثمة إصرار غربي على عدم إعطاء فرصة لتنظيم الدولة لإعادة ترتيب صفوفه، وبناء دويلة جديدة في ليبيا خاصة في سرت، أو قرب مناطق النفط. وقد أشارت تقارير مختلفة إلى وجود قوات أجنبية داخل ليبيا الآن لتنفيذ عمليات ضد هذه التنظيمات، أو على الأقل تدريب القوات الليبية على التصدّي لها.
وتواجه حكومة السرّاج تحديات عديدة، أولها تثبيت شرعيتها وفرض همينتها وسلطتها على الأراضي الليبية، وهو ما لن يحدث من دون وجود درجة كبيرة من التوافق مع كل الأطراف الليبية المؤثرة في الشرق والغرب. وثانيها، جمع السلاح وإدماج المليشيات العسكرية داخل صفوف الجيش وقوات الأمن، وهو تحدٍ كبير لن تنجح فيه حكومة السرّاج، من دون اتباع سياسة حكيمة، تجمع بين العصا والجزرة. وثالثها، التحدّي الأمني والتصدّي للجماعات الأصولية التي تعيث في الأرض رعباً وفساداً، والتي استفادت، بشكل كبير، من الأزمة السياسية من أجل توسيع حضورها وتوطيد نفوذها في ليبيا. أما التحدّي الرابع فهو الاقتصادي، إذ تعاني البنية الاقتصادية التحتية في ليبيا من حالة فشل ودمار، نتيجة الاحتراب والصراع الذي استمر طوال العامين الماضيين.
لن تنجح حكومة السرّاج في مواجهة هذه التحديات، من دون دعم إقليمي ودولي قوي لها، وهو أمر يبدو أنه يتحقق، وإنْ ببطء، فثمة تسليم لدى أطراف إقليمية ودولية كثيرة بأن هذه الحكومة قد تكون الفرصة الأخيرة من أجل إنقاذ ليبيا من السقوط والضياع في براثن الحرب الأهلية، ومن هيمنة التيارات الأصولية.
يخطئ من يعتقد أن حكومة السرّاج سوف تنهي الأزمة العميقة في ليبيا، أو أنها تمتلك عصاً سحرياً تحل بها المشكلات المتراكمة، لكنها خطوة أولى على طريق الاستقرار الموعود، فإما أن يدعمها الليبيون، كي تمضي قدماً، أو أن يتركوها فتنهار، وحينئذٍ سوف يخسر الجميع.