لم يدخر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، منذ انطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، جهده وعلاقاته وسلطته المعنوية على القواعد والأنصار من أجل حشد أكثر ما أمكن من أصوات لفائدة مرشح الحزب، عبد الفتاح مورو.
وتجاوز الغنوشي ذلك إلى الدعوة الصريحة لمنافسي مورو من "قوى الثورة" إلى الانسحاب لفائدته حتى لا تتشتت الأصوات.
وتجاوز الغنوشي ذلك إلى الدعوة الصريحة لمنافسي مورو من "قوى الثورة" إلى الانسحاب لفائدته حتى لا تتشتت الأصوات.
وجاءت دعوة الغنوشي لجملة من المرشحين ممن يرفعون شعار مواصلة الدفاع عن أهداف الثورة وشعاراتها للانسحاب لفائدة مورو، إثر قراءة تظهر أنه الأوفر حظاً، وأن مرشحي الثورة الآخرين لا يمكن إلا أن يساهموا في إفراغ خزان النهضة الانتخابي وينقصوا من الأصوات المسندة لها، بحسب تقديره.
وقال الغنوشي إنه "حري بأنصار الثورة أن ينسحبوا لفائدة عبد الفتاح مورو لأن حظوظه أكبر"، وحدد الغنوشي في حوار له على إذاعة محلية في محافظة سيدي بوزيد، التي زارها، الخميس، في إطار الحملة الانتخابية لمورو، المرشحين المعنيين بهذه الدعوة، وهم حمادي الجبالي، معللا ذلك بضعف حظوظه في المرور للدور الثاني، وسيف الدين مخلوف، الفاقد للسند الحزبي أيضا، ويعد مورو القاسم المشترك بينهما، وفق الغنوشي، "لأن الأصوات التي ستسند لهما ستنقص من رصيد النهضة دون أن يحققا نفعهما".
وخاطب الغنوشي المنصف المرزوقي بالقول إنه "إن كان حريصاً على الثورة فحري به أن يضع أصواته للمرشح الأوفر حظاً".
وأكد الغنوشي وجود اتصالات، آملاً أن تثمر خلال ما تبقى من وقت قبيل يوم الاقتراع، ولمّح إلى أن "ما يدفع هؤلاء للترشح وإضعاف حظوظ مورو هي الطموحات الموضوعية"، داعياً إلى أن "يتغلب العقل السياسي على الاندفاعات؛ فمن حق هؤلاء ان يتمنوا أن يكونوا رؤساء، إلا أن المنطق السياسي يقول إن ذلك موضوعيا غير ممكن"، حسب قوله.
ولا تعد هذه المناسبة الأولى التي يخص فيها الغنوشي المرشح المنصف المرزوقي بالذكر أو بالإيحاء، وإن وردت هذه الدعوة في صيغة التماس، إذ سبق للغنوشي أن لمح إلى الموضوع ذاته في مقال له، نشر اليوم بجريدة "الرأي العام"، حيث كتب أن "سلوك أبناء النهضة خلال الانتخابات الماضية دفعه لتقييم تجربة الحياد في الرئاسية، وما قد تدخله من اضطراب، وخاصة أن المرشح الذي صوت له النهضويون، بدل أن يقدّر ذلك، لم يتردد في شتم قياداتهم مرارا خلال السنوات الماضية وخلال هذه الرئاسية السابقة لأوانها، والاتجاه بالخطاب المباشر لقواعد النهضة داعيا إياهم بـ(شعب النهضة)، وكأن جسمها الانتخابي ماكينة للإيجار"، وفق ما ورد في المقال.
ويسعى الغنوشي بكل ما أوتي من سلطة معنوية وحجة إقناع إلى اختزال الصراع إلى صراع بين تيارين سياسيين فقط، مستحضرا بذلك مناخ الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 والتي دارت في هذا الإطار، وكان عنوانها "التصويت المفيد". وبدا الغنوشي منتصرا لنظرية "التصويت المفيد" لصالح مرشح النهضة باعتباره "مرشحا للثورة"، إذ إن بقية المرشحين من هذه العائلة ليست لهم أحزاب أو أن وراءهم أحزاب ضعيفة، فيما يساند مورو الحزب الأول في البلاد، علاوة على كفاءته وتمتعه بمكونات الشخصية التونسية التي تجمع بين الحداثة والتدين، فهو خريج مدرستين متخاصمتين، مدرسة الصادقية التي درس بها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، والمدرسة الزيتونية التي درس بها عبد العزيز الثعالبي.
وكشفت الحملة الانتخابية لعبد الفتاح مورو تقاسما للأدوار وتعويلا كبيرا على حضور الغنوشي ودعمه له، فقد كادت جولات الغنوشي للجهات وللدوائر الانتخابية بالخارج أن تفوق الجولات التي قام بها المرشح نفسه، بالتوازي مع انشغال القيادات النهضوية أيضا بالترويج له والعمل الميداني من أجل تنمية رصيده الانتخابي وحشد الأصوات لفائدته.
وخلافا لمحطات سابقة، بينت فيها النهضة ارتياحا واطمئنانا على حاصلها الانتخابي، تطلبت الحملة الحالية تصعيد العمل ونزول رئيس الحركة بكامل ثقله من أجل نتيجة تحافظ على موقع الحركة كفاعل سياسي أساسي في البلاد.