تعيش الأسر التونسية على وقع الحدث السياسي الأبرز في البلاد هذه الأيام، ويتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية التي تجري الأحد 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، وتلقي بظلالها على العلاقات بين العائلات وداخل الأسرة الواحدة بسبب تباين الآراء حول المرشحين.
ولا تكاد تخلو جلسة عائلية من جدل حول هوية رئيس تونس القادم أو تقييم للمترشحين، فيما ترتفع وتيرة النقاش في الساعات الأخيرة قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع. وتعكس النقاشات الأسرية الاختلافات الكبيرة بسبب تباين الآراء والاختيارات أو الانتماءات السياسية، ما يخلق أجواء من الحماسة تصل إلى حد التشنج في إطار دمقرطة الأسر.
وتقول منال مبروك (36 عاما)، إنّ النقاش داخل أسرتها هذه الأيام يكاد ينحصر في مناقشة اختياراتهم لرئيس تونس الجديد، إذ يحاول كل فرد من العائلة التأثير على بقية العائلة وإقناعهم باختياره، مؤكدة أن عائلتها منقسمة إلى ثلاث عائلات سياسية كبرى.
وأضافت أن والدها حسم أمره بحكم انتمائه إلى حركة النهضة باختيار مرشح الحركة عبد الفتاح مورو، في حين سيختار شقيقها ذو التوجه اليساري مرشح الجبهة الشعبية منجي الرحوي وتلتقي هي ووالدتها حول مرشح العائلة الوسطية الديمقراطية عبد الكريم الزبيدي.
وتؤكد منال لـ"العربي الجديد" أن الاختلاف لا يفسد للود قضية وأنه رغم التشنج وتباين الآراء والاختيارات داخل عائلتها، إلا أنهم يتقبلون انتقادات بعضهم البعض ولا يسعى أي منهم إلى فرض رأيه على الآخرين بالقوة معتبرة أن الانتخاب النزيه هو الذي ينبع من القناعات الشخصية للناخب.
وغالبا ما يوسع التونسيون دائرة النقاش حول مرشحيهم للرئاسة إلى فضاءات أوسع، إذ تتحول حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي إلى منصات يعلنون عبرها عن مواقفهم واختياراتهم محاولين التأثير على أكبر قدر ممكن من المحيطين بهم وتحويل وجهة التصويت إلى هذا المرشح أو ذاك.
ويتابع التونسيون المواقف التي تعلنها الشخصيات العامة واختياراتهم، التي لا تخلو أيضا من انقسامات واختلافات، إذ أعلنت مؤخرا النائبة في البرلمان وسيدة الأعمال بجهة الساحل التونسي زهرة إدريس تأييدها للمرشح عبد الكريم الزبيدي، فيما أعلن ابن شقيقتها المسؤول في نادي النجم الساحلي حسين إدريس دعمه للمترشح يوسف الشاهد، وهو ما أثار ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب انقسام عائلة إدريس التي كان يفترض أن تدعم مرشحا واحدا وأعلنت في السابق تأييدها ليوسف الشاهد.
ويقول المختص في علم النفس الاجتماعي سامي نصر، إنّ تباين الآراء بين أفراد الأسرة الواحدة وما يخلقه من نقاشات، ظاهرة صحية تعكس التحولات الاجتماعية الكبرى التي يعيشها المجتمع التونسي.
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ الأسرة التونسية تخوض بدورها تجربة الديمقراطية باعتبارها النواة الأولى للمجتمع، مشددا على أهمية خوض النقاشات وتبادل الآراء بعيدا عن التوتر والتشنج.
واعتبر بن عبد الله أن المجتمع التونسي يسير نحو التخلص من سلطة الحاكم على الرأي، سواء الممثلة في الدولة أو الحزب الواحد أو سلطة الأب داخل الأسرة، ما يعكس نضجا أسريا ومجتمعيا تصقله التجربة والممارسة الميدانية، بحسب قوله.