اجتازت تونس الخميس اختباراً ديمقراطياً جديداً بتجديد الثقة في رئيس مجلس الشعب، راشد الغنوشي، مع رفض غالبية البرلمانيين لائحة لسحب الثقة منه بالتصويت رفضاً أو برفض المشاركة، الأمر الذي أسقط اللائحة.
وتوصل نواب البرلمان التونسي، رغم اختلافاتهم الفكرية وصراعاتهم السياسية، إلى حل الخلاف البرلماني من خلال آليات دستورية وقانونية، وبالتصويت المباشر في جلسة عامة علنية تابعها العالم.
من جانبه، قال الغنوشي في تصريح إعلامي، إثر سقوط اللائحة، إنّه "يوم عظيم من أيام الديمقراطية، مترحّماً على شهداء الثورة التونسية".
وأضاف رئيس البرلمان 'لا أحد كان متيقّناً من نتيجة التصويت، وهو دليل على أنّ تونس تعيش ديمقراطية حقيقية، الشعب فيها صاحب القرار.''.
ولفت الغنوشي إلى أن ''هذا يوم آخر للديمقراطية التونسية، وأشكر كلّ من ساهم فيها، وتونس تحتاج المزيد من ترسيخ الديمقراطية وثقافة الحوار... وتونس لها مستقبل ما دامت محافظة على الحرية، وكل بلد يتمتّع بالحرية إلا وأبدع في عديد المجالات''.
وشدد الغنوشي على أنّه "أقدم بكل طواعية على قبول هذا الاختبار وتجديد الثقة فيه في مقابل قرار سحب الثقة منه، وكان للنواب الكلمة النهائية"، وفق تعبيره.
وتابع ''لم آت على ظهر دبابة وفي كلّ مرة نعيش اختباراً وراء اختبار، ولم أكن متخوّفاً على نفسي لو لم يقع اختياري.. وتلك الأيام نداولها بين الناس''.
وقال رئيس الجلسة النائب عن كتلة الإصلاح، طارق الفتيتي، إثر إعلان سقوط لائحة سحب الثقة من الغنوشي لعدم حصولها على الأغلبية المطلوبة، 109 أصوات، أنه "انتصرت الديمقراطية التونسية.. لا يوجد خاسرون ورابحون.. تونس انتصرت".
واحتفل نواب حزبي النهضة وائتلاف الكرامة لسقوط اللائحة وتثبيت الغنوشي على رأس البرلمان، مرددين النشيد الوطني التونسي ورافعين شعارات الانتصار "أوفياء أوفياء لدماء الشهداء".
في مقابل ذلك، اعتبر معارضو الغنوشي من أصحاب اللائحة، على اعتبار أنهم فشلوا في جولة، مؤكدين أن المسار مازال متواصلاً وسيكون هناك جولات أخرى عند العودة البرلمانية بعد العطلة.
ونددوا بمن صوتوا عكس الاتفاقات وقاموا بخيانتهم، على حد تعبيرهم، ملمحين إلى نواب كتلة قلب تونس التي حسم تصويتها العملية لصالح الغنوشي بفضل مجموعة أوراق ملغاة.
وأعلنت النائبة، ليليا بالليل، استقالتها من كتلة قلب تونس، احتجاجاً على مهاجمتها من قبل الكتلة، بسبب خيارها مساندة سحب الثقة من رئيس البرلمان عكس توجه كتلة قلب تونس.
وفي تصريح سابق، اعتبر رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، أن اللائحة المقدمة من كتلة الحزب الدستوري الحر حول سحب الثقة من الغنوشي، تأتي في إطار مساعي التموقع داخل البرلمان، واصفاً خطوة الحزب الدستوري الحر بأنها "عاصفة في كاس شاي ليبي"، (مثل شعبي تونسي ملمحاً أنه رد فعل في علاقة بما يحدث في ليبيا).
وعلق المستشار السابق لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، جوهر بن مبارك، قائلاً "القراءة الصحيحة لا تشتم المستقبل: مهما كانت النتيجة اليوم ربحت الديمقراطية ودولة القانون مرّة أخرى ولم تنهزم سوى الفاشيّة مرّة أخرى، اليوم أيضاً هو فرصة أخرى أمام الجميع لإعادة تقييم الموقف والوقوف عند الأخطاء وتجنيب البلاد نكسات أخرى".
وأضاف بن مبارك ساخراً في حسابه على فيسبوك "مشكل الإمارات في تونس أنها تتعامل مع مرتزقة، غير أنّهم في نفس الوقت غير أوفياء لوعدهم، فبعد أن لهفوا الأموال لم يجلبوا لها سوى الخيبات، من حقّهم المطالبة باسترجاع المصاريف.". على حد توصيفه.
وفي تصريحه لوسائل الإعلام قال رئيس كتلة النهضة، نور الدين البحيري، إن "اليوم هو انتصار للديمقراطية رغم وجود دعم خارجي وخاصة إماراتي لبعض النواب، مضيفاً أنه في حال تم استدعائهم من طرف النيابة العمومية سيقدمون الدلائل".
وأكد البحيري أن "وسائل الإعلام الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعية الإماراتية قامت بدعاية ضد رئيس البرلمان بشكل خاص والديمقراطية التونسية بشكل عام، وأنه لا يمكن لأحد أن ينكر تدخل الإمارات في تونس".
وقال "كنت أتمنى لو أن سفارة الإمارات في تونس والحكومة الإماراتية أعلنوا أنهم بمنأى عن أي تدخل في تونس، وأنكروا تصريحات وزير الخارجية وما تنشره الصفحات الممولة من أجل التدخل وتحديد موقف البلاد الرسمي".