الغلاء يلتهم أجور الليبيين واختفاء السلع المدعومة

15 ابريل 2015
أحد الأسواق في العاصمة طرابلس (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

اشتعلت أسعار السلع الغذائية والأدوية في الأسواق الليبية، التي تعاني من غياب الرقابة، في ظل الصراع السياسي والمسلح لفرض النفوذ على مؤسسات الدولة، بينما بقيت الرواتب عند مستوياتها، بل وهناك مطالبة مستمرة من المصرف المركزي بإجراءات تقشفية تطاول علاوات اجتماعية للمواطنين.

وأكد مواطنون أن أسعار السلع المدعومة، قفزت منذ بداية العام الحالي إلى الضعف في السوق

الموازية (غير الرسمية)، في ظل ندرة بعضها في الجمعيات الاستهلاكية، منها الأرز والسكر ومعجون الطماطم والزيت النباتي.
 
كما ارتفعت أسعار بعض السلع بوتيرة أعلى تجاوزت الضعف منها حليب الأطفال، التي وصل سعرها إلى أكثر من 15 ديناراً (10.6 دولارات)، بدلاً من 6.5 دنانير (4.6 دولارات).
 
وقال خبير الاقتصاد الليبي، أحمد أبولسين، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، وأصبح التعامل على السلع يبدأ من نصف دينار وصاعداً بدلاً من ربع دينار.

وتوقع أبولسين مواصلة الأسعار ارتفاعها في ظل الارتفاع المستمر لسعر صرف العملة الأميركية الدولار في السوق غير الرسمية، وكذلك الصرف من الاحتياطيات النقدية الأجنبية لدى مصرف ليبيا المركزي، ونقص العملة الصعبة في المصارف ومنحها للعملاء في نطاق ضيق جداً.

وبات الاقتصاد الليبي على حافة الانهيار في ظل تصاعد الصراع المسلح بين الفرقاء من ناحية، وتهاوي أسعار النفط عالمياً من ناحية أخرى، ما أثر سلباً على القطاع النفطي الذي يشكل 95% من إيرادات البلاد، في ظل تحذيرات تقارير دولية من إفلاس ليبيا ونفاد الاحتياطي النقدي الأجنبي خلال 4 سنوات، في حال استمرار الاضطرابات الأمنية والسياسية.

اقرأ أيضاً:
تجار الحروب يرفعون أسعار السلع في العاصمة الليبية

وبحسب مصرف ليبيا المركزي، فأن مصروفات الدولة خلال العام الماضي 2014، بلغت 49 مليار دينار (36.5 مليار دولار)، فيما بلغت الإيرادات نحو 20.9 مليار دينار (15.5 مليار دولار) بعجز 25.1 مليار دينار (18.7 مليار دولار)، وسط توقعات بتفاقم العجز خلال العام الحالي.

وبحسب الناطق الرسمي باسم مصرف ليبيا المركزي، مصباح العكاري، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، فإن بلاده صرفت 56.9 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي في أقل من عامين.

وقال العكاري، إن 43 مليار دولار من الاحتياطيات المنفقة كانت لدى مصرف ليبيا المركزي، بينما تم إنفاق الباقي من الأموال المجنبة من إيرادات النفط، موضحا أن احتياطيات ليبيا من مصرف ليبيا المركزي كانت تبلغ 133 مليار دولار في أغسطس/ آب 2013، لكنها انخفضت إلى 90 مليار دولار وفق آخر إحصائية نهاية مارس/آذار الماضي.

وأشار إلى أن ليبيا صرفت الأموال المجنبة، التي تبلغ 13.9 مليار دولار، لتغطية عجز الموازنة العامة خلال العام الماضي، في ظل تدني الإيرادات النفطية.

والأموال المجنبة، هي التي قامت ليبيا باستقطاعها من عائدات النفط، لاستخدامها في وقت الأزمات، لتعويض نقص العوائد الناتج عن انخفاض أسعار النفط.

وأدى التردي الاقتصادي، إلى تفاقم الأزمات المعيشية لليبيين، بعد توقف مشروعات التنمية، وتكبد العديد من القطاعات الاقتصادية خسائر باهظة.

ويبلغ عدد سكان ليبيا 6 ملايين نسمة، يعمل منهم 1.25 مليون شخص في الجهاز الإداري

للدولة، باتوا مهددين بعدم الاستقرار في ظل التراجع الحاد في إيرادات البلاد، وفق خبراء اقتصاد.

ويقول مواطنون، إن المرتبات لم تشهد أي زيادة رغم ارتفاع الأسعار، حيث بقيت عند مستوى 450 ديناراً شهرياً (319.1 دولارا).

وبحسب سالم بوعائشة، المسؤول في مصلحة التعداد السكاني والإحصاء، في تصريح لـ "العربي الجديد"، فإن إن معدل تضخم أسعار المستهلكين، الذي يضم سلة من عدة سلع، ارتفع خلال الربع الأول من العام الحالي (يناير/كانون الثاني إلى نهاية مارس/آذار) بحوالي 2.5%، مقارنة بنفس الربع الأول من العام الماضي، مشيراً إلى أن معدل التضخم مع نهاية العام الماضي بلغ 5%.

وأكد رئيس الغرفة التجارية في طرابلس، سالم القروري، إن ارتفاع أسعار السلع، يرجع إلي ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يعد العملة الرئيسية في استيراد السلع من الخارج.

وقال القروري في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن موردي السلع قبل ستة أشهر كانوا يفتحون اعتمادات مستندية عن طريق المصارف بغرض الاستيراد، حيث كان الدولار يعادل 1.25 دينار، بينما في الوقت الحاضر يصل إلى 1.41 دينار، ليصبح الفرق 16 قرشا (الدينار يعادل 100 قرش)، بينما يصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى 1.98 ديناراً.
 
وأشار إلى أن الغرفة التجارية لا تملك إحصاءات دقيقة عن الحركة التجارية، نتيجة سيطرة الاقتصاد غير الرسمي لمختلف الأنشطة الاقتصادية في البلاد، لكن الحركة في العاصمة طرابلس ضعيفة إلي حد كبير، نتيجة لإجراءات التقشف التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي.
 
وطالب مصرف ليبيا المركزي مؤخرا بإيقاف صرف علاوات العائلة وتعويضات الحرب وتجميد المنح الدراسية والتدريب إلى حين تعافي إيرادات النفط، في خطوة لتطبيق سياسة تقشفية.

وأكد المصرف، ضرورة خفض الإنفاق على المرتبات من خلال إلغاء الازدواجية في الوظائف والاحتيال، وذلك بتفعيل الرقم الوطني كأساس لصرفها.

كما أشار إلى ضرورة تقليص الإنفاق على السفارات والبعثات الدبلوماسية. وتصرف ليبيا سنوياً ما يقرب من 3 مليارات دينار (2.2 مليار دولار)، كعلاوة العائلة لكل شخص لم يبلغ سن الثامنة عشرة بواقع 100 دينار شهرياً (73 دولاراً).

ودعا إلى رفع الدعم عن المحروقات وبيع الوقود بسعر السوق العالمي واستبدالها بتوزيع مبلغ

100 دينار للعائلة شهرياً وبشكلٍ ثابت.

وأدى تصاعد الصراع في ليبيا إلى ازدياد أزمات الخبز وغاز الطهي والوقود، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي، وتأخر صرف المرتبات ونقص الأدوية بمختلف أنواعها.

وكان جمال الشيباني مدير صندوق موازنة الأسعار (حكومي)، قال في تصريحات صحافية، نهاية مارس/ آذار إن بلاده على أعتاب أزمة غذائية مع قرب نفاد مخزون السلع الاستراتيجية المدعومة، باستثناء الدقيق والذي من المقدر أن يكفي حتى نهاية يونيو/حزيران القادم.
 
وأضاف الشيباني، أن السلع المدعومة من الدولة كمعجون الطماطم والأرز والزيت بدأت في النفاد من الجمعيات الاستهلاكية، وأنه لا توجد تعاقدات جديدة لتوريد هذه السلع في الوقت الحالي، وأن ما يتم توزيعه منها حالياً هو الاحتياطي الموجود بالفعل لدى بلاده.



اقرأ أيضاً:
شح الموارد يعطل صرف رواتب 1.25 مليون موظف ليبي
الواردات تضرب الحرف اليدوية في ليبيا

المساهمون