الغرب للسيسي: لا دعم مالي بلا انتخابات

12 نوفمبر 2014
يريد السيسي أغلبية برلمانية تحت سيطرته (محمد محجوب/فرانس برس)
+ الخط -

يسود الارتباك في دوائر اتخاذ القرار السياسي في مصر، نظراً للضغوط والاستفسارات العديدة، التي توجّه إلى الدولة عبر الوسائل الدبلوماسية والاتصالات غير الرسمية من الدول الأوروبية والولايات المتحدة عن موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، وتشكيل البرلمان الجديد.

وكشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الدول والمنظمات الاقتصادية الدولية المدعوة إلى مؤتمر دعم الاقتصاد المصري، الذي تمّ تأجيل موعده من فبراير/شباط إلى مارس/آذار المقبل، أكّدت أنها لن تحضر إلا بعد التأكّد من وجود برلمان مُنتخب، يمكنه المشاركة في إدارة رشيدة للدعم المالي والاستثماري الذي ستتلقاه مصر". وتلفت إلى أن "الدول الأوروبية والولايات المتحدة ليست مستعدة لإعطاء أي دعم اقتصادي إضافي لمصر، في ظلّ وجود السلطة الحالية، من دون أخذ تعهّدات بالتصرّف فيها على نحو متفق عليه".

وتؤكد المصادر ذاتها، أن "الدول الخليجية فقط، غير مهتمة بتشكيل البرلمان قبل أو بعد المؤتمر، لذلك فقد أبدت السعودية والإمارات، وهما أكبر المانحين لمصر حالياً، ومن خلال المؤتمر المقرّر إقامته، مرونة في مناقشة موضوع تأجيل انعقاد المؤتمر شهراً إضافياً، على أمل إنهاء معضلة الانتخابات البرلمانية قبل هذا الموعد".

ويبدو أن المشكلة الحالية التي تواجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس حكومته إبراهيم محلب وتؤدي إلى غموض حول موعد الانتخابات، وفق المصادر ذاتها، "لا تتعلّق بتقسيم الدوائر الانتخابية كما تشيعه الصحف المصرية، بل تكمن في فشل الوساطات التي استعان بها السيسي في تشكيل تحالفات انتخابية واضحة وقوية تستطيع تأمين أغلبية برلمانية معتبرة، وتكون تحت سيطرته، من دون أن تقف حجر عثرة أمام تمرير قراراته، لا سيما أن سلطات البرلمان في الدستور الحالي هي الأكبر في تاريخ الدساتير المصرة".

وتكشف المصادر الحكومية ذاتها، أن "المرشح الرئاسي الأسبق، عمرو موسى، ورئيس الوزراء الأسبق، كمال الجنزوري، رفعا تقريرين إلى السيسي، حول فشلهما في تشكيل قائمة حزبية موحّدة تخوض الانتخابات". وتشير إلى أن موسى "أوصى بسرعة إجراء الانتخابات، بحجّة أن التأخير سيصبّ في مصلحة التيارات الإسلامية التي يمكنها بناء جسور الثقة من جديد مع الناخبين، على الرغم من ضآلة المقاعد التي يمكن للمرشحين المستقلّين المنافسة عليها فعلاً، والتي تمثل نسبة 22.5 في المائة".

وتتزامن هذه المعطيات مع مطالبة بعض الأحزاب المعروفة، على غرار "الوفد" و"المصريين الأحرار" و"المؤتمر"، مقابلة السيسي شخصياً، لتعرض عليه اقتراحاتها بشأن البرلمان المقبل، وتصوير نفسها كأحزاب قادرة على تأمين أكثرية يمكنه الاعتماد عليها. لكنّ السيسي أكد لشخصيات مقرّبة منه ومن الأحزاب، رفضه أن "يكون له ظهير سياسي محدّد، أو أن يُحسب على اتجاه معين، وأنه لن يقابل الأحزاب العلمانيّة التي تُعرف في مصر بالمدنيّة، إلا بعد أن تتّفق فيما بينها على تشكيل قائمة أو قائمتين، تضمنان أغلبية غير إسلامية"، وفقاً للمصادر نفسها.

وتكشف المصادر ذاتها أن "هناك عاملاً آخر، يمثّل مشكلة للسيسي في طريق تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، وهي التحذيرات الأمنية التي يتلقاها من وزارتي الدفاع والداخلية من إمكانية أن يسبب إجراء الانتخابات مشكلة لا يمكن السيطرة عليها، خصوصاً أن البلاد في انتظار مناسبتين ستشهدان تظاهرات حاشدة، هما جمعة 28 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، التي دعا إليها "الإخوان المسلمون"، وذكرى ثورة 25 يناير، التي من المرتقب أن تشهد فعاليات لـ"الإخوان" وغيرهم من القوى التي شاركت في ثورة 2011 ويقبع رموزها حالياً في السجون".

وتوصي تقارير وزارتي الدفاع والداخلية بانتظار ما ستسفر عنه الحرب الدائرة على الجماعات الإرهابية حالياً في سيناء، وانتهاء حالة الطوارئ التي ستستمر في شمال سيناء حتى نهاية يناير/كانون الثاني المقبل، لعدم تشتيت الجهود الأمنية، بين تأمين المنشآت والحرب على الإرهاب وتأمين الانتخابات التي من المتوقع أن تُجرى على 4 مراحل، ما يعني أنها قد تستغرق شهرين على الأقل.

وتؤكّد المصادر أن "السيسي كلّف مستشاريه الجديدين للشؤون الأمنية والأمن القومي أحمد جمال الدين وفايزة أبوالنجا، وكلاهما وزيران سابقان للداخلية والتعاون الدولي، بإعداد تقرير نهائي يحسم الإسراع في الانتخابات أو تأجيلها". وتقلّل من احتمال التزام السيسي بالموعد الذي ذكره للمستثمرين الأميركيين، لناحية انتهاء الانتخابات قبل مؤتمر دعم الاقتصاد المصري، لافتة إلى حديثه السابق عن إجرائها قبل نهاية العام الحالي، وهو الحديث الذي توارى تماماً خلف الأحداث التي شهدتها البلاد أخيراً على الصعيد الأمني.

المساهمون