بلغت الأرقام عن العنوسة في تونس حداً مفزعاً، رغم أنه دائماً ما يتعمد قدر المستطاع التغاضي وعدم الاكتراث بشتى السبل، ويفضلِّون فقط الصمت على مثل هذه الظواهر الاجتماعية التي تتفاقم شيئاً فشيء.
صيحات الفزع أطلقت منذ عام 2008، إذ كشفت بيانات رسمية حكومية عن ارتفاع نسبة العنوسة في صفوف الإناث في تونس إلى 60%، بعد أن كانت 50% في آخر دراسة رسمية أجريت خلال 2008، فقد كشف حينها التقرير الصادر عن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري عن ''ارتفاع عدد العازبات إلى أكثر من مليونين وربع مليون امرأة، من مجموع نحو أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد، مقارنة بنحو 990 ألف عازبة عام 1994، كما بلغت العنوسة أقصى معدلاتها بين الإناث في عمر الإخصاب الأقصى (25-34 سنة)، كما لفت التقرير الانتباه إلى أن ''تأخر سن الزواج في تونس شمل الرجال أيضاً، حيث أظهر أن نسبة التونسيين غير المتزوجين، والذين تراوح أعمارهم بين 25 و29 عاماً، ارتفعت من 71% خلال عام 1994، إلى نسبة 81.1% في نهاية العام الماضي''.
وفي سياق متصل حصدت تونس المرتبة الأولى مغاربياً في نسبة العنوسة خلال السنة الماضية التي تجاوزت 60 بالمائة حسب إحصاءات رسمية، كما احتلت مراتب أولى على المستوى العربي، حيث تأخر سن الزواج لدى نساء تونس إلى ما يناهز الأربعين عاماً، فيما ترتفع نسبة اللواتي فاتهن قطار الزواج.
الإحصائية الرسمية تشير إلى أن نسبة العنوسة تصل إلى ما يناهز 60 بالمائة بعد أن كانت 50 بالمائة في آخر دراسة رسمية أجريت سنة 2008، وأشار التقرير إلى أن عدد العازبات في تونس تجاوز عتبة مليونين وربع مليون امرأة من مجموع حوالي أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد.
كما بلغت العنوسة وفق المصدر ذاته أقصى معدلاتها بين الإناث في عمر 25 إلى 34 سنة، وهو ما دفع بعدد من الدارسين إلى التحذير من ارتفاع معدلات سن الزواج وتأثيراتها السلبية على مستويات الخصوبة.
كلّ هذه الأرقام المرعبة لا تدق سوى أجراس أبواب العوانس، فوحدهن من يقفن على أعتاب الأفق المسدود في انتظار عكس ما تثبته الأرقام وما يعشن في الواقع.
العنوسة بين الأرقام والواقع:
- ارتفاع تكاليف الزواج
على الرغم من أنك حين تجلس في مجلس للشباب أو الفتيات، أو حتى الكبار من الرجال أو النساء يدور رحى الحديث عادة عن موعد الزواج، فتبدأ مجالس النساء بالتشكي من الواقع الاجتماعي وكيف أنها تبذل كل ما في وسعها لتكون في أبهى حلّة شكلاً ومضموناً، فيدور جلّ الحوار حول طرق شرح كسب الرجل، إلا أنه لا يحول دون مطالب المرأة، فقد بات الشرط الرئيسي للموافقة على الزواج بالأساس توفرّ العامل المادي فيصبح السؤال "كم لديه في حسابه البنكي، هل يملك سيارة أم لا، هل لديه منزل.. إلخ"، فلم تعد النساء في تونس يفكرن في مؤسسة الزواج كمدرسة تبني أجيالاً قادمة إنما كوسيلة، إما للهروب من واقع عائلي اجتماعي أو منفذ للخروج من واقع مالي صعب وبالتالي أضحى الزواج وسيلة هروب لا مؤسسة بناء.
- أفكار خاطئة عن الزواج:
تغيرت المقاييس التي يختار لأجلها الشباب شريكة حياتهم فسواء استخدام وسائل الإعلام والإنترنت وغياب الثقافة الجنسية التي عوضت بالأفلام الإباحية التي أدرجت في شروط الاختيار، فنجمات هذه الأفلام وما يقدمّنه من انحرافات أصبح حلم بعضهم في إشباع رغباتهم الجنسية، فلم تعد المرأة التقليدية أو الكلاسيكية وجهة العديد.
- مخاطر نفسية وفسيولوجية:
حدد سنّ الخصوبة عند المرأة بداية من 18 إلى 35 عاماً وتكون ذروته في سن 30 عاماً، ويبدأ في النزول، مما يقلص فرص الإنجاب لدى المتزوجات في سن متأخرة، وعندما يحدث الحمل يؤدي لحدوث مشكلات مثل الإجهاض وغيرها، إضافة إلى أنّ المرأة لديها عدد معين من البويضات تستمر إلى متوسط سن اليأس من 42 إلى 45 عاماً.
كثيرة هي الآثار النفسية التي يتعرض لها شباب عصرنا في حال الإخفاق في إيجاد الشريك المناسب فيتعلق الأمر بإشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية والفسيولوجية من ناحية وبالاستقرار والأمان من جهة أخرى.
لا يخفى على أحد أنه حين تقترب الفتاة من سنّ الثلاثين، خاصة في المجتمعات الشرقية، تبدأ بالتساؤل عن سبب تأخر زواجها إلى هذه المرحلة العمرية، حيث تترافق هذه الحيرة عادة مع مشاعر مختلفة منها الخوف من المستقبل، ومن الوحدة، وعدم الرضى عن الذات وفقدان الأمل من إيجاد الشريك المناسب وغير ذلك، على الرغم من أنّ منسوب الوعي منتشر إلا أنه لم يعد حائلاً أمام هذا الواقع الاجتماعي الذي بات يؤرق الفتاة التونسية.
(تونس)
صيحات الفزع أطلقت منذ عام 2008، إذ كشفت بيانات رسمية حكومية عن ارتفاع نسبة العنوسة في صفوف الإناث في تونس إلى 60%، بعد أن كانت 50% في آخر دراسة رسمية أجريت خلال 2008، فقد كشف حينها التقرير الصادر عن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري عن ''ارتفاع عدد العازبات إلى أكثر من مليونين وربع مليون امرأة، من مجموع نحو أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد، مقارنة بنحو 990 ألف عازبة عام 1994، كما بلغت العنوسة أقصى معدلاتها بين الإناث في عمر الإخصاب الأقصى (25-34 سنة)، كما لفت التقرير الانتباه إلى أن ''تأخر سن الزواج في تونس شمل الرجال أيضاً، حيث أظهر أن نسبة التونسيين غير المتزوجين، والذين تراوح أعمارهم بين 25 و29 عاماً، ارتفعت من 71% خلال عام 1994، إلى نسبة 81.1% في نهاية العام الماضي''.
وفي سياق متصل حصدت تونس المرتبة الأولى مغاربياً في نسبة العنوسة خلال السنة الماضية التي تجاوزت 60 بالمائة حسب إحصاءات رسمية، كما احتلت مراتب أولى على المستوى العربي، حيث تأخر سن الزواج لدى نساء تونس إلى ما يناهز الأربعين عاماً، فيما ترتفع نسبة اللواتي فاتهن قطار الزواج.
الإحصائية الرسمية تشير إلى أن نسبة العنوسة تصل إلى ما يناهز 60 بالمائة بعد أن كانت 50 بالمائة في آخر دراسة رسمية أجريت سنة 2008، وأشار التقرير إلى أن عدد العازبات في تونس تجاوز عتبة مليونين وربع مليون امرأة من مجموع حوالي أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد.
كما بلغت العنوسة وفق المصدر ذاته أقصى معدلاتها بين الإناث في عمر 25 إلى 34 سنة، وهو ما دفع بعدد من الدارسين إلى التحذير من ارتفاع معدلات سن الزواج وتأثيراتها السلبية على مستويات الخصوبة.
كلّ هذه الأرقام المرعبة لا تدق سوى أجراس أبواب العوانس، فوحدهن من يقفن على أعتاب الأفق المسدود في انتظار عكس ما تثبته الأرقام وما يعشن في الواقع.
العنوسة بين الأرقام والواقع:
- ارتفاع تكاليف الزواج
على الرغم من أنك حين تجلس في مجلس للشباب أو الفتيات، أو حتى الكبار من الرجال أو النساء يدور رحى الحديث عادة عن موعد الزواج، فتبدأ مجالس النساء بالتشكي من الواقع الاجتماعي وكيف أنها تبذل كل ما في وسعها لتكون في أبهى حلّة شكلاً ومضموناً، فيدور جلّ الحوار حول طرق شرح كسب الرجل، إلا أنه لا يحول دون مطالب المرأة، فقد بات الشرط الرئيسي للموافقة على الزواج بالأساس توفرّ العامل المادي فيصبح السؤال "كم لديه في حسابه البنكي، هل يملك سيارة أم لا، هل لديه منزل.. إلخ"، فلم تعد النساء في تونس يفكرن في مؤسسة الزواج كمدرسة تبني أجيالاً قادمة إنما كوسيلة، إما للهروب من واقع عائلي اجتماعي أو منفذ للخروج من واقع مالي صعب وبالتالي أضحى الزواج وسيلة هروب لا مؤسسة بناء.
- أفكار خاطئة عن الزواج:
تغيرت المقاييس التي يختار لأجلها الشباب شريكة حياتهم فسواء استخدام وسائل الإعلام والإنترنت وغياب الثقافة الجنسية التي عوضت بالأفلام الإباحية التي أدرجت في شروط الاختيار، فنجمات هذه الأفلام وما يقدمّنه من انحرافات أصبح حلم بعضهم في إشباع رغباتهم الجنسية، فلم تعد المرأة التقليدية أو الكلاسيكية وجهة العديد.
- مخاطر نفسية وفسيولوجية:
حدد سنّ الخصوبة عند المرأة بداية من 18 إلى 35 عاماً وتكون ذروته في سن 30 عاماً، ويبدأ في النزول، مما يقلص فرص الإنجاب لدى المتزوجات في سن متأخرة، وعندما يحدث الحمل يؤدي لحدوث مشكلات مثل الإجهاض وغيرها، إضافة إلى أنّ المرأة لديها عدد معين من البويضات تستمر إلى متوسط سن اليأس من 42 إلى 45 عاماً.
كثيرة هي الآثار النفسية التي يتعرض لها شباب عصرنا في حال الإخفاق في إيجاد الشريك المناسب فيتعلق الأمر بإشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية والفسيولوجية من ناحية وبالاستقرار والأمان من جهة أخرى.
لا يخفى على أحد أنه حين تقترب الفتاة من سنّ الثلاثين، خاصة في المجتمعات الشرقية، تبدأ بالتساؤل عن سبب تأخر زواجها إلى هذه المرحلة العمرية، حيث تترافق هذه الحيرة عادة مع مشاعر مختلفة منها الخوف من المستقبل، ومن الوحدة، وعدم الرضى عن الذات وفقدان الأمل من إيجاد الشريك المناسب وغير ذلك، على الرغم من أنّ منسوب الوعي منتشر إلا أنه لم يعد حائلاً أمام هذا الواقع الاجتماعي الذي بات يؤرق الفتاة التونسية.
(تونس)