العنصريون طبقيون أيضاً

22 سبتمبر 2014
يتعرض السوريون الفقراء لعنصرية اللبنانيين والسوريين الأثرياء (فرانس برس)
+ الخط -
في بهو أحد فنادق شارع الحمراء في بيروت، تقول إحدى السيدات السوريات لصديقتها: "لماذا ننتقل من الفندق إلى شقة، هنا يوجد من يُنظف ويغسل، إذا نقلنا علينا أن نجد خادمة". يطول النقاش لدقائق، قبل أن تخرجا إلى الشارع، تقترب منهما طفلة سورية تطلب مساعدة. لا تنظران إليها. تُصر الطفلة، فتنال نهرة قاسية.
يتكرر المشهد بأشكال مختلفة يومياً في بيروت. يكفي الجلوس في واحدة من المقاهي ومراقبة روادها. تُدرك من اللهجة، أن أعنف من يتعاطى مع أطفال الشوارع هم سوريو الجنسية. عند إشارات السير يلاحظ المارة أن السيارات الفارهة التي تحمل لوحات سورية لا تتوقف لباعة الورد أو العلكة السوريين. تتجاهلهم بتعالي. لا يفتح سائقوها الشباك حتى، في مقابل تفاعل العديد من اللبنانيين مع هؤلاء الباعة. الأمر غريب. هل هي حالة نكران، أم نقل لطبقية حادة من سورية إلى لبنان.
فبعد نحو عام ونصف على انطلاق الثورة السورية وفي الطريق إلى مدينة من ريفها، طال الحديث مع عمر. هو طالب حقوق في جامعة حلب، تحوّل إلى مقاتل في الجيش الحرّ. تحدّث عمر عن الفصل التام في الجامعة بين أبناء المدينة وأبناء الريف. الوصف الذي قاله عمر، كان يشبه مرحلة الستينيات في لبنان.
انتقل الأمر من سورية إلى لبنان، فصار الفقراء السوريون يُعانون إلى جانب التشرد والفقر ومن عنصرية فئات لبنانيّة وسوريّة. تأثرت العلاقة اللبنانيّة السوريّة بهذه المعادلة. فالمواقف السلبية التي يتعرض عموم السوريين من جزء من الجمهور اللبناني، تتراجع عند التعاطي مع الأغنياء من السوريين.

لنأخذ سوق العقارات مثالاً؛ صار صعباً على اللاجئين السوريين استئجار البيوت في العديد من البلدات اللبنانية، وبعض أصحاب المنازل، يُريدون التعرف على أفراد العائلة قبل التأجير. صارت الشروط صعبة جداً. في المقابل، فإن الباب مفتوح أمام رجال الأعمال والمتمولين السوريين لشراء واستئجار الشقق التي يُريدونها وفي جميع المناطق. في أحد محال الثياب في وسط العاصمة اللبنانيّة، كان صاحب المحلّ يشكو من أثر اللاجئين السوريين على الاقتصاد اللبناني، وكيف تراجعت السياحة بسبب "التدهور الأمني بعد ازدياد عدد اللاجئين السوريين"؛ يسكت البائع عندما يلحظ سيارة سورية ركنت بالقرب من محله وتوجه من فيها نحوه، ليرحّب بهم بحفاوة كبيرة قائلا: "أهلا بالجيران".
لكن الأمر ليس دائماً كذلك، ففي فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، عانى اللبنانيون من زحمة سير كبيرة، فانتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي اتهامات للسوريين بأنهم سبب هذه الزحمة. وصل الأمر بأحد الفنانين، الملحّن والموسيقي اللبناني ميشال ألفتريادس، للقول، في سبتمبر/أيلول الماضي، على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: "أنتَ لاجئ في بلادي، خفّف كزردة على الطريق، عم تعمل زحمة سير"، كما أن حالات الجنون التي طالت السوريين باعتداءات جسدية في الأسابيع الأخيرة لم تُميّز بين غني وفقير بل طالت الجميع.
المساهمون