العمل الأهلي.. بحزب أو بدونه

02 ابريل 2015
+ الخط -

جولات القتال المتفرقة والحروب الثلاث الطاحنة خلال السنوات العشر الأخيرة في قطاع غزة، دفعت الشباب الغزي إلى لعب دور أكبر من بقائهم في منازلهم ومراكز إيواء الأمم المتحدة، لتفادي صواريخ وقنابل الطيران الحربي الإسرائيلي الذي قتل الكثير من المدنيين العزل.

في العدوان الأخير الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي في 8 يوليو/تموز 2014، تشكلت مجموعات شبابية حاولت مساعدة السكان على ظروف النزوح داخل المدن، خاصة في المناطق الحدودية، كما قدمت هذه المجموعات للأهالي دعما نفسيا ومعنويا قدر المستطاع.

تتكون هذه المجموعات من طلبة علم الاجتماع وطلبة الكليات الطبية وناشطين سياسيين، وشباب يملكون زمام المبادرة وطرق التعامل مع فزع الأهالي تحت آلة القتل الإسرائيلية.

المجموعات التي ظهرت في الحرب كانت تطوعية لا تتبع لأي جهة في الأغلب، وهناك مجموعات خرجت وعملت في الميدان، مثل مجموعة "فور شباب" التي استشهد أحد أفرادها أثناء الخروج مع سيارات الإسعاف، كما أن الأطر الشبابية للأحزاب كانت حاضرة أيضاً.

المجموعات التي ظهرت بشكل عشوائي في غزة، كانت استجابة لحالة الحرب وخارج العمل المؤسساتي، لكن بعد نهاية الحرب في 26 أغسطس/آب 2014 بدأت المجموعات التابعة للمؤسسات أو العمل الأهلي بالعمل بشكل منظم وإغاثي، لمحاولة إعانة آلاف النازحين والجرحى، حيث بدأت مجموعات بشراء الأدوية والأدوات المنزلية وتوزيعها في مراكز الإيواء، إلى جانب المساعدات الضرورية كالألبسة والأغطية ومواد التنظيف، كما ساعدت عمال النظافة في تنظيف أقسام الاستقبال والطوارئ في المستشفيات، وبدأت بحملات لمداراة الأهالي من برد الشتاء، عبر توزيع مدافئ ومستلزمات منزلية وورق بلاستيكي لإغلاق ما فتحته فوهات المدفعية ورشاشات الآليات العسكرية في بيوتهم.

يبدو أن شباب غزة كانوا فاعلين بشكل جيد في الحرب الأخيرة، فإضافة للعمل الميداني كان هناك من يساعد الصحافة في نقل الصورة من الأماكن المستهدفة، كما وضحت ظاهرة المواطن الصحافي، ومنهم من كان نشيطا في القنوات الفضائية العالمية والكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي بعدة لغات، محاولين من خلال نشاطهم ذلك إيصال رسائل للمجتمع الدولي بأن الاحتلال يستهدف الأطفال والنساء والعزل.

نسبة لا بأس بها من هذه المجموعات حاولت تنظيم نفسها بأشكال مؤسساتية لتزيد من فعاليتها وتعزز استمرار أنشطتها، ما جعل هذه المجموعات مؤسسات شبه بيروقراطية ونخبوية أحياناً بتبني أجندات الدعم والتأهيل النفسي والابتعاد عن أعمال الإغاثة، مما شكل دافعاً لمجموعات شبابية أهلية أن تتبنى استراتيجيات جديدة، كان منها مجموعات شبابية في بلدة خزاعة المنكوبة، والتي دمرت أغلب منازلها لتصبح بعد الحصار والمجزرة أكثر المناطق مأساوية في القطاع، الحراك هنا نشأ من نقطة فراغ للعمل الإغاثي العاجل، فشكّل شباب البلدة لجانا لكل حي للتعامل مع الجهات الإغاثية وتجميع المساعدات من أهالي البلدة وتوزيعها على المحتاجين، كما بدأوا بتنظيم حملات لتلقي مساعدات من أهالي البلدة المغتربين وسد كافة المتطلبات الأساسية الملحّة، ثم بدأوا بالعمل على توفير منازل أو أماكن إيواء وتوفير خدمة طبية للسكان المهدمة بيوتهم المتواجدين في منازل متنقلة "كرفانات"، وشكلوا على مدار الشتاء مجموعات إنقاذ في حالة أي طارئ مثل تساقط الأمطار، أو نشوب الحرائق بسبب استخدام الأهالي الحطب في التدفئة.

جدير بالذكر أن قطاع غزة شهد عملا أهليا حقيقيا في الفترة الواقعة بين احتلاله عام 67 وقيام السلطة الفلسطينية، وأتى هذا كنتيجة لمنع الاحتلال لنشاط الأحزاب، وعلى أساس ربط العمل السياسي بالمدني في مواجهة الاحتلال.


(فلسطين)

المساهمون