تعيد الأنباء عن طلب الحكومة اليمنية من الولايات المتحدة الأميركية التنسيق المسبق لتنفيذ عمليات ضد تنظيم "القاعدة" في اليمن، فتح ملف التنسيق اليمني-الأميركي بمحاربة "الإرهاب"، في بلد يُصنف فيها فرع "القاعدة" بأنه أحد أقوى فروع التنظيم في العالم، وفي ظل مؤشرات بتوجه واشنطن لتصعيد عملياتها العسكرية في اليمن، بعدما دشنت إدارة الرئيس دونالد ترامب، تحركاتها بعملية وصفت باعتبارها الأضخم في تاريخ الحرب الأميركية على تنظيم "القاعدة" في هذا البلد.
وأكد مصدر مقرب من الحكومة اليمنية أمس الأربعاء، لـ"العربي الحديد"، أنها طلبت من واشنطن التنسيق المسبق بشأن أي عملية أميركية ضد الأهداف المفترضة لتنظيم "القاعدة" في البلاد، وذلك رداً على سؤال له، حول المعلومات التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، بأن اليمن سحب الترخيص الممنوح للقوات الأميركية بتنفيذ عمليات برية، وذلك على ضوء ردود الفعل الغاضبة على عملية الجيش الأميركي، التي شملت إنزالاً مظلياً وغارات جوية في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، ونتج عنها سقوط مدنيين.
وكانت العملية التي نفذها الجيش الأميركي في قرية يكلا بمحافظة البيضاء وسط اليمن، أثارت ردود فعل ساخطة، من أوساط شعبية وسياسية. واعتبر نائب رئيس الحكومة اليمنية، وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي، في تصريح مقتضب له أن "القتل خارج القانون وقتل المدنيين عمل مدان ودعم للإرهاب". وأعلن حزب التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي)، وهو أحد أكبر الأحزاب المتحالفة مع الحكومة الشرعية، أن "مكافحة الإرهاب مهمة الدولة اليمنية وأن القضاء اليمني هو المختص الوحيد في البت في قضايا الإرهاب".
وتعتبر الولايات المتحدة أن فرع تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب، الذي يتخذ من اليمن مقراً له، من أخطر فروع التنظيم في العالم وأنشطها. لكن محاربته منذ عامين باتت تثير الكثير من الجدل والانتقادات. والعمليات العسكرية تستهدف أشخاصاً يشتبه في انتمائهم إلى "القاعدة"، بواسطة طائرات أميركية بدون طيار، غير أن هذه العمليات تعتبر في نظر المنتقدين، قتلاً خارج القانون، لأن الأشخاص المستهدفين لم تصدر بحقهم أحكام رسمية بالانتماء لـ"القاعدة".
وبالعودة إلى تاريخ التنسيق الأميركي اليمني، فقد بدأ عقب أشهر اعتداء في اليمن، استهدف المدمرة "يو إس إس كول"، أثناء وجودها في ميناء عدن للتزود بالوقود، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000 أسفر يومها عن مقتل 17 بحاراً. وبدأت واشنطن عقب الاعتداء موجة ضغوط على الحكومة اليمنية، وصلت إلى ما قيل حينها، إنه محاولة أميركية لدخول عدن بالقوة، قبل أن يتم احتواء الأزمة بالطرق الدبلوماسية. ومنحت صنعاء لواشنطن مجالاً للتدخل في محاربة الإرهاب داخل البلاد. وقد كانت أولى عمليات أميركا باليمن، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2002، في مأرب، حيث استهدفت من وصف بأنه زعيم "القاعدة" في هذا البلد، أبوعلي الحارثي، واُتهم بالتورط بالهجوم على المدمرة الأميركية.
اقــرأ أيضاً
وفي خطاب شهير له بأغسطس/آب 2013، أوضح الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تفاصيل التعاون الأميركي-اليمني واتفاقيات مكافحة الإرهاب. وقال إن "اتفاقية الحرب على الإرهاب كانت مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، في الولايات المتحدة، حينما ذهب الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، إلى واشنطن ووقع على اتفاق شراكة اليمن في الحرب ضد الإرهاب باعتبار اليمن (مصنفاً) الدولة الثالثة بعد أفغانستان وباكستان بوجود عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي"، وفق تعبيره. وأضاف الرئيس اليمني أن "تعاون اليمن مع الولايات المتحدة في هذا المنحى (بدأ) منذ ذلك التاريخ". وتابع أن "الطائرة بدون طيار التي تقوم بعمليات هي جزء من ذلك التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة وتقوم بهذه المهمات منذ عام 2004، وبحسب مقتضيات الحاجة لتلك المهمات"، على حد وصفه. وبيّن أن "ذلك ليس ترفاً بل لأننا لا نملك التكنولوجيا المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المهام العسكرية الدقيقة"، بحسب تعبيره.
عملياً، كانت العملية التي استهدفت الحارثي في نوفمبر 2002، هي أشهر ضربة جوية أميركية في تلك المرحلة. وكان وزير الداخلية اليمني الأسبق، رشاد العليمي، قال في وقت سابق إن اليمن رفع "مستوى التنسيق مع الولايات المتحدة عقب حادث تفجير ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2002"، وأن عملية استهداف الحارثي، تمت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اليمنية، وفي إطار "المنظومة الدولية وتطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1373 لسنة 2001 بشأن مكافحة الإرهاب"، وفق تعبيره.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2002 وحتى الشهر نفسه من عام 2009، كانت الضربات الجوية في اليمن شبه متوقفة. وكان التعاون محصوراً في الغالب مع الأجهزة الأمنية اليمنية التي دعمتها واشنطن وشاركت بالإشراف على إنشاء بعض وحداتها.
وتكشف وثائق "ويكيليكس"، نشرت في سبتمبر/أيلول 2009، عن برقيات دبلوماسية تؤكد على التعاون الوثيق بين صنعاء وواشنطن في مكافحة "الإرهاب". وقال الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، في برقية لمسؤول أميركي باليمن: "منحتكم باباً مفتوحاً بشأن الإرهاب. ومن ثم لست مسؤولاً" عن تداعيات العمليات الأميركية. ووفق "ويكيليكس"، كان صالح يفضّل استخدام القنابل الموجهة بشكل دقيق من الطائرات بدلاً من صواريخ "كروز".
واعتباراً من ديسمبر/كانون الأول 2009، عادت الطائرات الأميركية لتقصف بانتظام في اليمن، ونفذت العشرات إلى المئات من الغارات الجوية، أغلبها بواسطة الطائرات بدون طيار أسفرت عن مقتل المئات بينهم أعداد غير قليلة من المدنيين. وكانت الحكومة اليمنية تنكر في البدء وقوع هذه الضربات، بطائرات أميركية، وتقول إنها طائرات يمنية لتجنب السخط الشعبي. لكن في الواقع، إن الغارات الأميركية حصدت العشرات من قيادات تنظيم "القاعدة"، بينهم زعيم التنظيم، ناصر الوحيشي، وقيادات أخرى بالصف الأول والثاني والثالث للتنظيم.
واعترف الرئيس هادي لأول مرة بالضربات الأميركية، بتصريحات نقلتها "واشنطن بوست" في سبتمبر/أيلول 2012. وقال إنه يوافق شخصياً على كل ضربة أميركية نفذتها طائرة بدون طيار في بلاده ووصف الطائرات الموجهة عن بعد بأنها "أعجوبة فنية". وفي عام 2013، كشف عن تفاصيل أخرى، إذ قال: "ليس سراً التعاون (مع أميركا) في مجال محاربة الإرهاب، فلدينا مشاركة في غرفة عمليات في جيبوتي، ولدينا ضباط مشاركون في غرفة عمليات في البحرين على مستوى عسكري دولي من أجل ملاحقة ومكافحة ومراقبة الإرهابيين باعتبارهم تنظيماً إرهابياً دولياً على مستوى العالم".
ووفقاً لتقرير "نيويورك تايمز"، يوم الثلاثاء، أوقفت الحكومة اليمنية بشكل مؤقت، تحليق الطائرات بدون طيار، في عام 2014، بعد مقتل مدنيين. ولكنها استأنفت ضرباتها في وقت لاحق وخلال الحرب الذي تشهدها البلاد منذ تدخل "التحالف العربي" بقيادة السعودية في 26 من مارس/آذار 2015. ويعتبر مراقبون أن العمليات الأميركية في البلاد، وخلال السنوات الأخيرة، لم تعد تتم بذلك التنسيق مع الجانب الحكومي، بسبب حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد.
في المحصلة، يمكن القول إن الخطوة الحكومية بسحب الإذن المسبق لتنفيذ عمليات برية، تشكل، في نظر مراقبين، مؤشراً على مخاوف السلطات اليمنية من احتمال توسيع دائرة العمليات الأميركية في اليمن، على النحو الذي ظهرت عليه الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، من خلال عملية الإنزال التي تمت أخيراً، وهي العملية التي أثارت مخاوف من أن تشمل مستقبلاً، في حال تكرارها، قيادات لا تصنفها الحكومة اليمنية ضمن "القاعدة" في مقابل اتهامها من قبل واشنطن بدعم الإرهاب. ومن غير المستبعد أن يكون هناك خشية من الجانب الحكومي أن تتدخل واشنطن مباشرة في بعض المناطق الساحلية، على سبيل المثال، إذا ما أصبحت مهددة من تنظيم "القاعدة".
اقــرأ أيضاً
وتعتبر الولايات المتحدة أن فرع تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب، الذي يتخذ من اليمن مقراً له، من أخطر فروع التنظيم في العالم وأنشطها. لكن محاربته منذ عامين باتت تثير الكثير من الجدل والانتقادات. والعمليات العسكرية تستهدف أشخاصاً يشتبه في انتمائهم إلى "القاعدة"، بواسطة طائرات أميركية بدون طيار، غير أن هذه العمليات تعتبر في نظر المنتقدين، قتلاً خارج القانون، لأن الأشخاص المستهدفين لم تصدر بحقهم أحكام رسمية بالانتماء لـ"القاعدة".
وبالعودة إلى تاريخ التنسيق الأميركي اليمني، فقد بدأ عقب أشهر اعتداء في اليمن، استهدف المدمرة "يو إس إس كول"، أثناء وجودها في ميناء عدن للتزود بالوقود، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000 أسفر يومها عن مقتل 17 بحاراً. وبدأت واشنطن عقب الاعتداء موجة ضغوط على الحكومة اليمنية، وصلت إلى ما قيل حينها، إنه محاولة أميركية لدخول عدن بالقوة، قبل أن يتم احتواء الأزمة بالطرق الدبلوماسية. ومنحت صنعاء لواشنطن مجالاً للتدخل في محاربة الإرهاب داخل البلاد. وقد كانت أولى عمليات أميركا باليمن، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2002، في مأرب، حيث استهدفت من وصف بأنه زعيم "القاعدة" في هذا البلد، أبوعلي الحارثي، واُتهم بالتورط بالهجوم على المدمرة الأميركية.
وفي خطاب شهير له بأغسطس/آب 2013، أوضح الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تفاصيل التعاون الأميركي-اليمني واتفاقيات مكافحة الإرهاب. وقال إن "اتفاقية الحرب على الإرهاب كانت مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، في الولايات المتحدة، حينما ذهب الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، إلى واشنطن ووقع على اتفاق شراكة اليمن في الحرب ضد الإرهاب باعتبار اليمن (مصنفاً) الدولة الثالثة بعد أفغانستان وباكستان بوجود عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي"، وفق تعبيره. وأضاف الرئيس اليمني أن "تعاون اليمن مع الولايات المتحدة في هذا المنحى (بدأ) منذ ذلك التاريخ". وتابع أن "الطائرة بدون طيار التي تقوم بعمليات هي جزء من ذلك التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة وتقوم بهذه المهمات منذ عام 2004، وبحسب مقتضيات الحاجة لتلك المهمات"، على حد وصفه. وبيّن أن "ذلك ليس ترفاً بل لأننا لا نملك التكنولوجيا المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المهام العسكرية الدقيقة"، بحسب تعبيره.
عملياً، كانت العملية التي استهدفت الحارثي في نوفمبر 2002، هي أشهر ضربة جوية أميركية في تلك المرحلة. وكان وزير الداخلية اليمني الأسبق، رشاد العليمي، قال في وقت سابق إن اليمن رفع "مستوى التنسيق مع الولايات المتحدة عقب حادث تفجير ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2002"، وأن عملية استهداف الحارثي، تمت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اليمنية، وفي إطار "المنظومة الدولية وتطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1373 لسنة 2001 بشأن مكافحة الإرهاب"، وفق تعبيره.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2002 وحتى الشهر نفسه من عام 2009، كانت الضربات الجوية في اليمن شبه متوقفة. وكان التعاون محصوراً في الغالب مع الأجهزة الأمنية اليمنية التي دعمتها واشنطن وشاركت بالإشراف على إنشاء بعض وحداتها.
وتكشف وثائق "ويكيليكس"، نشرت في سبتمبر/أيلول 2009، عن برقيات دبلوماسية تؤكد على التعاون الوثيق بين صنعاء وواشنطن في مكافحة "الإرهاب". وقال الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، في برقية لمسؤول أميركي باليمن: "منحتكم باباً مفتوحاً بشأن الإرهاب. ومن ثم لست مسؤولاً" عن تداعيات العمليات الأميركية. ووفق "ويكيليكس"، كان صالح يفضّل استخدام القنابل الموجهة بشكل دقيق من الطائرات بدلاً من صواريخ "كروز".
واعترف الرئيس هادي لأول مرة بالضربات الأميركية، بتصريحات نقلتها "واشنطن بوست" في سبتمبر/أيلول 2012. وقال إنه يوافق شخصياً على كل ضربة أميركية نفذتها طائرة بدون طيار في بلاده ووصف الطائرات الموجهة عن بعد بأنها "أعجوبة فنية". وفي عام 2013، كشف عن تفاصيل أخرى، إذ قال: "ليس سراً التعاون (مع أميركا) في مجال محاربة الإرهاب، فلدينا مشاركة في غرفة عمليات في جيبوتي، ولدينا ضباط مشاركون في غرفة عمليات في البحرين على مستوى عسكري دولي من أجل ملاحقة ومكافحة ومراقبة الإرهابيين باعتبارهم تنظيماً إرهابياً دولياً على مستوى العالم".
ووفقاً لتقرير "نيويورك تايمز"، يوم الثلاثاء، أوقفت الحكومة اليمنية بشكل مؤقت، تحليق الطائرات بدون طيار، في عام 2014، بعد مقتل مدنيين. ولكنها استأنفت ضرباتها في وقت لاحق وخلال الحرب الذي تشهدها البلاد منذ تدخل "التحالف العربي" بقيادة السعودية في 26 من مارس/آذار 2015. ويعتبر مراقبون أن العمليات الأميركية في البلاد، وخلال السنوات الأخيرة، لم تعد تتم بذلك التنسيق مع الجانب الحكومي، بسبب حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد.
في المحصلة، يمكن القول إن الخطوة الحكومية بسحب الإذن المسبق لتنفيذ عمليات برية، تشكل، في نظر مراقبين، مؤشراً على مخاوف السلطات اليمنية من احتمال توسيع دائرة العمليات الأميركية في اليمن، على النحو الذي ظهرت عليه الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، من خلال عملية الإنزال التي تمت أخيراً، وهي العملية التي أثارت مخاوف من أن تشمل مستقبلاً، في حال تكرارها، قيادات لا تصنفها الحكومة اليمنية ضمن "القاعدة" في مقابل اتهامها من قبل واشنطن بدعم الإرهاب. ومن غير المستبعد أن يكون هناك خشية من الجانب الحكومي أن تتدخل واشنطن مباشرة في بعض المناطق الساحلية، على سبيل المثال، إذا ما أصبحت مهددة من تنظيم "القاعدة".