العلاقات المغربية ـ الأميركية على صفيح ساخن

21 مايو 2016
من الاحتجاجات المغربية في مسألة الصحراء (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
تشهد العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والولايات المتحدة حالة من التوتر غير المسبوق، تجسّد في موقف الإدارة الأميركية من قضية الصحراء أولاً، ثم في تقرير وزارة الخارجية الأميركية حيال وضعية حقوق الإنسان في المغرب ثانياً، الذي تصفه الرباط بـ"المتذبذب".

في هذا السياق، يفيد تقرير الخارجية الأميركية، بأن "الوضع الحقوقي في المغرب يتسم بتناقض وفجوة، بين ما هو مُسطّر في الوثيقة الدستورية لعام 2011، وبين ما هو مُمَارَس على أرض الواقع". وقد أثار التقرير امتعاض الحكومة المغربية، التي سارعت إلى استدعاء السفير الأميركي بالرباط، دوايت بوش، ووضعه في صورة "الاحتجاج" المغربي.

وردّت وزارتا الداخلية والخارجية المغربيتان، بعد صدور تقرير الخارجية الأميركية في إبريل/نيسان الماضي، بحزم وحدّة، عندما وصفتا ما ورد في التقرير بكونه "يتضمّن افتراءات حقيقية، بخصوص حالات حقوقية مغلوطة وزائفة"، قبل أن تُشدّد الرباط على أنها "لا تقبل تلقي الدروس من أية جهة كانت".

مع العلم أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد وجّه انتقادات ضمنية إلى الإدارة الأميركية، خلال خطابه في القمة المغربية ـ الخليجية التي انعقدت الشهر الماضي بالعاصمة السعودية الرياض. وعبّر محمد السادس في الانتقادات عن رفض المملكة، لما سمّاه "الفوضى الخلاقة التي تقف وراءها قوى دولية"، مبرزاً أن "المغرب سيعمل على خلق علاقات مع مختلف دول العالم"، في إشارة إلى التوجه نحو روسيا والصين.

ويُعلّق المستشار الدبلوماسي سمير بنيس، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، على هذا الموضوع بالقول، إن "العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة تمرّ بأسوأ أيامها على الإطلاق في تاريخ العلاقات بين البلدين، بسبب موقف واشنطن غير الداعم للرباط في قضية الصحراء داخل الأمم المتحدة".

ويضيف بنيس بأن "تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول وضعية حقوق الإنسان جاء ليزيد الطين بلة"، ويبرز أن "قنوات التواصل الدبلوماسي بينهما ليست في أحسن حالاتها، بدليل شجب المغرب الذي دأب على اعتبار الولايات المتحدة أحد شركائه الرئيسيين، لتقرير الخارجية الأميركية بلغة قوية، واستدعاء السفير الأميركي في الرباط".

ثم يستطرد المستشار قائلاً إنه "في ظل التوجّهات الجديدة للرئيس الأميركي باراك أوباما، وانقلابه على معظم حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، على رأسهم السعودية، فمن المستبعد أن تعرف العلاقات بين البلدين انفراجاً حقيقياً، يُمهّد الطريق لرجوعها إلى سابق عهدها وإلى إعادة أواصر الثقة بين مسؤولي البلدين".

ويتابع بنيس بأنه "على الرغم من التوقعات التي تُنبئ بوصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أن على المغرب استخلاص العبر من تجربته مع الإدارة الأميركية الحالية، وألا يعتبر الكلام المعسول للمسؤولين الأميركيين دعماً له بخصوص الصحراء، أو في سياساته المتعلقة بتعزيز وتحسين وضعية حقوق الإنسان".

ويوضح بأنه "على الرغم من العلاقات المميزة التي تجمع بين هيلاري كلينتون مع أعلى هرم السلطة المغربية، فإن ذلك لن يعني أنها ستُقدّم دعماً لا مشروطاً للرباط في حال وصولها للبيت الأبيض، فالسياسة الأميركية معقّدة، ومسألة اتخاذ القرار في أي موضوع تحكمه العديد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية".

ويردف بنيس بأن "عملية اتخاذ القرار في واشنطن تحكمها مصالح العديد من المتداخلين، كما تُبنى وفقاً للدراسات والتقارير التي تنجزها مراكز الأبحاث الأميركية، والتي هي في الغالب تُشكّل المرجع الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية".

ومن ثم، يضيف بنيس، "يتعين على المغرب أخذ الحيطة والحذر في تعامله مع الإدارة الأميركية العتيدة، كما أن على المسؤولين المغاربة التقرّب من مختلف المتدخلين ومختلف الشخصيات المؤثرة في مراكز القرار في الإدارة الأميركية، بالإضافة إلى تتبّع كل التقارير التي ترسم معالم السياسة الخارجية الأميركية في المستقبل وأولوياتها".

ويخلص بنيس إلى القول إنه "يجب على أي سياسة مغربية في المستقبل مع الولايات المتحدة، أن تُرسى بناءً على معطيات دقيقة، وعلى توجّهات الإدارة الأميركية، وعلى الشخصيات المؤثرة فيها، بعيداً عن كل انسياق للخطابات المعسولة الموجهة للاستهلاك الإعلامي، والتي تدخل في باب المجاملة".
المساهمون