العلاج الغائب.. مهدئات تفاقم معاناة المرضى النفسيين بالبحرين

المنامة

اسلام الزيني

avata
اسلام الزيني
12 يوليو 2016
+ الخط -

منذ 21 عاماً، بدأت معاناة الخمسينية البحرينية أم فاطمة، مع مرض الاكتئاب الذي فاقمته طرق العلاج في مشفى الطب النفسي بالعاصمة المنامة، إذ اعتاد الأطباء إعطاءها حقناً مهدئة، عندما تشكو آلامها أو يعنفونها إذا ما ارتفع صوتها واحتدت عليهم.

تلخص أم فاطمة معاناتها قائلة بالعامية البحرينية "أحتاج آدمي يسمعني ويفهمني، الدواء ماله روح نفس البشر"، إذ لم تحصل طيلة عقدين من الزمن على أي جلسة علاج سلوكي أو معرفي تساعدها في العودة إلى المجتمع، فتحول المستشفى بالنسبة لها إلى مجرد "صيدلية"، منذ أن تم تشخيص مرضها في المشفى الحكومي الوحيد المتخصص بعلاج الاضطرابات النفسية والعقلية في البحرين.

تعاني أم فاطمة من (الاضطراب الوجداني ثنائي القطب)، وهو أحد الاضطرابات النفسية التي تتميز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعي، وفقاً لتعريف المعهد الوطني للصحة العقلية بالولايات المتحدة.

أم فاطمة ليست بمفردها، إذ تؤكد دراسة الطبيب والباحث البحريني أحمد الغريب عن "أنماط الأمراض النفسية بمستشفى الطب النفسي" والصادرة في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015، أنّ الاكتئاب حلَّ بالمرتبة الأولى من حيث أكثر الأمراض النفسية انتشارا بين مراجعي مشفى الطب النفسي البحريني، بنسبة 33.4% من بين عينة بلغت 320 مريضاً تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 65 عاماً.

ويؤكد خمسة متخصصين في مجال الطب النفسي في البحرين، من بينهم الطبيب النفسي عبد الكريم مصطفى، واستشارية علم النفس الأكلينيكي بنّه بوزبون، أن مرض الاكتئاب النفسي يعد الأكثر انتشاراً في البلاد بناء على الحالات التي تصل عياداتهم.



حرمان المرضى من العلاج المتكامل

تتطابق شكوى أم فاطمة مع 30 مريضاً يراجعون مستشفى الطب النفسي استقصى معد التحقيق آراءهم، إذ يؤكدون أن المستشفى يعاني نقصاً في الكوادر المتخصصة والقدرة على استيعاب المرضى. ما يؤدي إلى حرمان المرضى من تلقي العلاج المتكامل المساعد على الشفاء، أو يجعلهم عرضة للانتكاسات، أو عدم التحسن أحياناً أخرى نظراً لاستبدال العلاج السلوكي والمعرفي الذي ثبتت فعاليته حول العالم بالأدوية فقط.

تقول والدة مريض فصام، رفضت التعريف بنفسها، إن علاج الأدوية يجعل ابنها هادئا، ولكنه غير قادر على العودة إلى المجتمع، وتردف "المقتدرون مجبرون على البحث عن علاج مكلف في العيادات الخاصة".

وتؤكد أخصائية العلاج السلوكي والمعرفي شريفة سوار، أن مرضى الاضطرابات النفسية على مستوى العالم يحتاجون إلى ما بين 12 إلى 14 جلسة علاج نفسي على الأقل، وتستمر الواحدة منها 50 دقيقة، وتتضمن جلسات تأهيلية وتطويرية للمهارات الذهنية والحياتية والشخصية والتوكيدية.

وتتنامى معاناة المرضى في الوقت الذي ارتفعت فيه ميزانية مستشفى الطب النفسي من 14 مليون دولار في عام 2010 إلى نحو 26 مليون دولار في العام الحالي، من أصل مليار و254 مليون دولار مخصصة للقطاع الصحي في الموازنة العامة لعامي 2015 و2016، بحسب وزارة المالية.

زيادة الميزانية جاءت نتيجةً للتكلفة الباهظة لنحو 80 نوعاً من الدواء، ووجود 600 موظف في المستشفى، لكن تلك الزيادة لم تنعكس على زيادة كادر الطب النفسي العامل هناك، بحسب بيانات المشفى، إذ إن عدد الأطباء النفسيين زاد خلال خمسة أعوام بعدد ثلاثة أطباء فقط، ليرتفع إلى 50 في عام 2015، مقارنة بـ 47 في عام 2010، "وهو عدد يبقى دون المعيار العالمي، إذ رصدت منظمة الصحة العالمية في تقريرها لعام 2010 لتقييم نظم الصحة النفسية في البحرين، أن هناك 3.6 طبيباً لكل مائة ألف نسمة مقارنة مع 20-30 طبيباً لكل 100 ألف نسمة، وهي المعيار العالمي" بحسب خالد سعيد، المستشار الإقليمي للصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية.


مئات المرضى ينتظرون أخصائياً واحداً

تهز مريضة الاكتئاب أم فاطمة كتفها، بلا مبالاة وهي تشير بيدها إلى مبنى قريب "يقولون هذا المكان لعلاجنا بجلسات العلاج السلوكي والمعرفي، هل تصدق أنني لم أدخله أبدا؟".

في وحدة العناية اليومية بمبنى "ابن رشد" داخل مشفى الطب النفسي والمخصصة لتقديم جلسات معرفية وسلوكية للمرضى، تقول مسؤولة بقسم العلاج السلوكي، رفضت ذكر اسمها، إن طبيباً واحداً، وأحيانا مساعدين اثنين، يقدمون هذه الجلسات رغم وجود أعداد متزايدة من المرضى الذين يحتاجون التأهيل النفسي. تضيف المسؤولة "لدينا مئات المرضى، ينتظرون أخصائياً من المفترض أن يقابلهم جميعهم، الله يعينه بس".

تبرر المسؤولة سبب نقص الأخصائيين في المستشفى بأن "هذا التخصص غير مرغوب فيه في البحرين" ولذلك لا يتجه الطلبة لدراسته.

وردا على سؤال لمعد التحقيق حول خطة العلاج السلوكي والمعرفي في الوحدة، أخرجت المسؤولة من درج مكتبها شريطاً صوتياً بدا متهالكاً يحتوي على مادة موسيقية مع بدء حديثها عن أساليب وطرق العلاج المعرفي والسلوكي. وقالت إن "هذا الشريط يجعلهم هادئين" مضيفة أنه لا توجد وسائل محددة في العلاج السلوكي والمعرفي.

في خارج غرفتها، بالوحدة التي تأسست في فبراير/شباط 1992 جلس عدد من المرضى ينتظرون بدء الجلسات. خلال ثماني زيارات للوحدة ما بين الحادي عشر من فبراير/شباط إلى الثاني والعشرين من مايو/أيار من عام 2016، وثق معد التحقيق حالة 20 مريضاً من المقيمين في المستشفى ينتظرون تلقي جلسات معرفية وسلوكية بناءً على مواعيد المستشفى، غير أن 16 منهم لم يتلقوا الجلسات لعدم وجود أخصائي متفرغ في المستشفى.

وبحسب مرضى وذويهم، فإن المستشفى لا يبادر إلى عرض الجلسات على المرضى. وإذا طلبها الأهل، فتأتي ضمن قائمة طويلة من الطلبات المقدمة، تنتهي بجلسات توصف بأنها "عديمة الفائدة"، وغير متتابعة بما يضمن فعالية العلاج، حيث يمتد الفارق الزمني بين جلسات وأخرى شهوراً، "بينما المفترض أن تتم بصورة أسبوعية" بحسب الأخصائية سوار.

فيما شجع مشرف في قسم المساعدة الميدانية بمستشفى الطب النفسي المرضى على الذهاب إلى مركز خاص لتلقي العلاج، قائلا "إذا كان لديك مال لا تضيع وقتك هنا، يأخذون فترات طويلة".

وتؤكد أخصائية العلاج السلوكي والمعرفي شريفة سوار، إن مرضى اضطراب الهوس الاكتئابي حال أم فاطمة لا يحتاجون للمكوث في المستشفى طوال هذه السنوات. وأن مجموعة جلسات محددة يمكن أن "تجعلهم يتخطون مرحلة النوبات الشديدة والتأقلم تدريجيا مع المجتمع".

وتُستخدم أنواع متنوعة من العلاج النفسي لمريض الهوس الاكتئابي، ومنها العلاج السلوكي المعرفي، وعلاج الإيقاع الشخصي المتناسق، وعلاج التنظيم العائلي، بحسب المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة، ولكن أم فاطمة لم تتلق أيَّ جلسة من هذه الأنواع العلاجية بحسب سجلها الطبي، الذي اطلع عليه معد التحقيق، من جهته رفض رئيس مستشفى الطب النفسي البحريني، الدكتور عادل العوفي، التعليق على الحالة متعذراً بـ"خصوصية المرضى".



رئيس المستشفى يقر بنقص الأخصائيين

يتضارب ما وثقه معدّ التحقيق وتصريحات المسؤولة بقسم العلاج السلوكي والمرضى الذين كانوا ينتظرون الجلسات وعشرات الحالات الأخرى، مع الأرقام الرسمية لعدد الأخصائيين، التي ذكرها رئيس المستشفى، إذ يشير الدكتور العوفي إلى وجود 24 أخصائياً يقدمون العناية النفسيه للمرضى: 8 أخصائيين نفسيين، و10 أخصائيين في البحث الاجتماعي، و6 أخصائيين في العلاج. وبهذا يشكلون نصف عدد الكادر الطبي المعينين (50 طبيبا) في حين توضح إحصاءات حصل عليها معد التحقيق، بمقارنة عدد الأخصائيين في المراكز النفسية بعدد الأطباء، أن عدد الإخصائيين يفوق عدد الأطباء بكثير. فبحسب بيانات رسمية للإدارة العامة للصحة النفسية في السعودية، يعمل 718 طبيباً في القطاع النفسي، بينما يوجد 1333 أخصائياً نفسياً واجتماعياً، أي أنهم يشكلون 65% من نسبة العاملين في هذا القطاع.

ويقر العوفي بنقص الأخصائيين الإكلينيكيين (بدرجة ماجستير) الذين يقدمون الجلسات، عازياً السبب لغياب الكوارد الوطنية في هذا المجال، إذ تركز سياسة المستشفى على توظيف المواطنين.

قبل أشهر، نشرت وزارة الصحة البحرينية، إعلانا لتوظيف عدد الأخصائيين الإكلينيكيين العاملين في الطب النفسي، بحسب العوفي فإنه لم يتقدم أي مؤهل من داخل المملكة "واتفقنا مع إدارة التدريب لوضع إعلان خارجي وابتعاث ثلاثة من الأخصائيين النفسيين للحصول على الشهادة في تخصصات فرعية في الفترة من 2016-2018".


الدواء وحده لا يكفي

يؤكد الدكتور العوفي، أن علاج الاضطرابات النفسية، بكافة أنواعه، متوفر في البحرين، وأن العلاج الدوائي تطور بصورة قياسية، ويؤدي إلى تحسن حالة المرضى بنسبة 70% والنسبة المتبقية تعود للظروف المجتمعية.

غير أنه لا يمكن التقليل من شأن الجلسات العلاجية، كما يقول الدكتور مايكل كريغ ميلر، أستاذ مساعد في طب النفس في كلية هارفارد الطبية والذي أوضح أن "العلاج السلوكي المعرفي فاعل بقدر مضادات الاكتئاب الفردية. ويمنح شعوراً بالراحة أكثر من الأدوية". يوضح  ميلر في دراسة بحثية منشورة في دورية هارفارد الطبية الإلكترونية لعام 2013: "بغض النظر عما يفعله الدواء لتحسين قدرة الدماغ على تعديل المزاج، ثمة أنماط سلوكية ونفسية تُضاعف الشعور بالراحة في الحياة".

ويوفر مستشفى الطب النفسي الحكومي الدواء مجانا للمرضى، ويصل سعر العلبة الواحدة من مضادات الذهان (antipsychotics و neuroleptic) إلى 260 دولاراً، ويحتاج المريض إلى ثلاث علب شهرياً. وتكلف الأدوية المتوفرة بمستشفى الدولة نحو 2.6 مليون دولار وفقا لبيانات وزارة الصحة.

ولا تنفي والدة مريض بالاكتئاب المزمن، ما يتحمله المستشفى من مصاريف باهظة لعلاج ابنها، لكنها ترى أن هذا العلاج غير كاف، وتطالب بضرورة خضوع ابنها إلى جلسات علاجية مكثفة حتى يتعافى.

ويؤكد العوفي إن الجلسات النفسية يحددها الطبيب المعالج بإشراف الاستشاري، فهو من يضع التشخيص وخطة العلاج، وتتطلب مناقشتها مع المريض النفسي وعائلته إذا وافق على ذلك.

وتوجد في البحرين ست عيادات نفسية في المراكز الصحية بالبلاد، يتركز عملها في الدعم النفسي والعلاجي واكتشاف الأمراض النفسية الشائعة بشكل مبكر. وتعمل هذه العيادات في الفترة الصباحية فقط، وبمعدل يوم واحد في الأسبوع، بينما تبلغ الكلفة اليومية للمريض المقيم 300 دولار، أما الزيارة للعيادة الخارجية (فرع للمستشفى النفسي الرئيسي في المستشفيات الأخرى) فكلفتها قرابة 74 دولاراً، وذلك بحسب بيانات حصل عليها معد التحقيق من إدارة مستشفى الطب النفسي، وبالمقارنة مع قطر، فإنه يوجد 16 عيادة يومية في قسم الطب النفسي بمستشفى حمد العام في قطر.



الهروب من المشفى الحكومي

يرجع الدكتور طارق المعداوي (صاحب عيادة متخصصة في الطب النفسي)، مشكلة غياب جلسات العلاج السلوكي والمعرفي بالمشفى الحكومي، إلى نقص المتخصصين الإكلينكيين، ما يجعل المرضى يلجأون إلى العيادات الخاصة للحصول على العلاج السلوكي والمعرفي المتكامل، لافتا إلى أن أعداد الإخصائيين الإكلينيكيين في القطاع الخاص، يفوق عدد الأطباء بعكس الحال في المشفى الحكومي.

وتوضح أرقام رسمية قدمها رئيس مستشفى الطب النفسي لـ"العربي الجديد"، أن 143 مريضاً فقط تلقوا جلسات علاج معرفي وسلوكي في 2014 في الوقت الذي راجع المشفى 64 ألف مريض، منهم ألفا مريض داخلي.

وفي حين لم يقدم المستشفى، أي بيانات لعامي 2015 و2016. يقول خالد سعيد، المستشار الإقليمي للصحة النفسية والإدمان بمنظمة الصحة العالمية، إن البحرين تعاني من نقص في الإحصاءات المتعلقة بالطب النفسي، وأنها تحتاج إلى الإسراع بإقرار قانون الصحة العقلية.

اللجوء إلى العيادات الخاصة

من أجل توثيق مدى جودة الجلسات العلاجية التي يقدمها الإكلينيكيون في القطاع الخاص تواصل معد التحقيق، مع عدد ممن يزعمون أنهم أخصائيون مؤهلون قاموا بالإعلان عن أنفسهم في مجلات إعلانية، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، مؤكدين أنهم يقدمون جلسات لتأهيل المرضى النفسيين، وعقب الحديث معهم، تبين أن بعضهم لا يملك أي شهادة علمية أو أكاديمية، ويدّعون العلاج بالقرآن، في محاولة لاستغلال نقص المعالجين النفسيين في المستشفى الحكومي، وتتراوح قيمة الجلسة الواحدة ما بين 20 إلى 30 دينارا بحرينيا (55 إلى 80 دولارا أميركيا)، فيما طلب آخر 40 دينارا (105 دولارات) للجلسة الواحدة في حال تمت في منزل المريض.

وفقا لما وثقه معد التحقيق، فإن عددا من المرضى يلجأون للجمعيات الخيرية لمساعدتهم على دفع تكاليف العلاج الباهظة في العيادات الخاصة، فيما يلجأ آخرون إلى الاقتراض لدفع تلك النفقات، وذلك بسبب نجاعة العلاج السلوكي والمعرفي، إذ يساعدهم على الاندماج في المجتمع بصوره أسرع.

ويقول أهالي 18 مريضاً من أصل 50 التقاهم معد التحقيق في عيادتين خاصتين للطب النفسي، إن أقاربهم كانوا يتلقون العلاج في المستشفى الحكومي، قبل أن ينتقلوا إلى العلاج في العيادات الخاصة نظراً لعدم فاعلية العلاج في المستشفى الحكومي، والذي يصفونه بأنه مكاناً لاحتجاز المرضى والحد من أنشطتهم العدائية الناتجة عن اضطرابهم النفسي، كما أنه لا يمنحهم بارقة أمل في حياة جديدة، بعكس العيادات الخاصة. فيما يقول الدكتور العوفي رئيس المستشفى أن "المستشفى يعمل بحسب طاقته المتاحة لتوفير العلاج للمرضى" ويرى أن من يترك المستشفى بحثا عن عيادة خاصة، ربما يكون مقتدراً ويبحث عن "خصوصية أكثر".

غير أن رب أسرة بحرينية عاطلاً عن العمل، التقاه معد التحقيق، رفض ذكر اسمه حفاظا على خصوصية عائلته، يرفض ما ذهب إليه الدكتور العوفي قائلا إنه لجأ لجمعية خيرية للحصول على مساعدة لعلاج ابنه الذي يعاني "الاكتئاب الشديد" في عيادة خاصة بكلفة 3820 دولاراً بعد عجزه على الجلسات العلاجية في المشفى الحكومي منذ يناير/كانون الثاني من عام 2015.

ويبلغ متوسط تكلفة العلاج في العيادات الخاصة المسجلة رسميا بوازة الصحة، بين 110 دولارات أميركية و265 دولاراً للجلسة الواحدة التي لا تزيد على ساعة واحدة، بحسب أطباء في عيادتين خاصتين زارهما معد التحقيق.

وبحسب الدكتور المعداوي، والأخصائية سوار، يحتاج مريض الاكتئاب الحاد إلى جلستين أسبوعياً، وهو ما قد يكلفه في المتوسط 372 دولاراً أميركياً، أي أكثر من ربع الراتب في بلد يبلغ فيه متوسط دخل العمالة البحرينية في القطاعين العام والخاص 1358 دولاراً أميركيا.


مدى جودة جلسات العلاج

ووفقا لمقارنات أجراها معد التحقيق بين خمسة مرضى يتعالجون من أنواع مختلفة من الاكتئاب في القطاع الخاص، ومثلهم في المستشفى الحكومي؛ فإن من يتلقون العلاج بالقطاع الخاص تحسنت حالاتهم ومهاراتهم الاجتماعية، وأصبحوا أكثر قدرة على الاندماج في المجتمع والعودة إلى دراستهم أو عملهم.

وتقول الأخصائية سوار إن القطاع الخاص يقدم جلسات منفصلة بين التشخيص والعلاج السلوكي، وهذا يعني دقة أكبر في التشخيص والعلاج وتكلفة أعلى.

ويرجع الدكتور العوفي، ارتفاع نفقات العلاج إلى عدم وجود شركات تأمين تتكفل بمصاريف العلاج النفسي في البحرين بعكس الدول الغربية التي توجد بها شركات تأمين تتكفل بمصاريف العلاج النفسي جزئياً أو كلياً في العيادات الخاصة إلى جانب ما توفره الدول من خدمات.

ووجد معد التحقيق أن جميع شركات التأمين في البحرين، وفروع الشركات الأجنبية وعددها 11، لا توفر تأميناً على الصحة النفسية، سواء في العلاج الأساسي، أو الجلسات النفسية والسلوكية. لذا يبقى المريض بين مستشفى الطب النفسي أو العلاج في العيادات الخاصة على نفقته الخاصة.



القانون النفسي عالق

يفاقم الحال، غياب تشريع في مجال الصحة النفسية ينظم عملية علاج المرضى أو نوع العلاج المناسب، وفي عام 2013 قدّم أعضاء في مجلس النواب البحريني اقتراحاً بقانون لتعزيز خدمات الصحة النفسية وحقوق المرضى، ولكن المقترح والقانون ما زالا على طاولة مجلس النواب دون أن يتم الفصل فيهما.

تنتظر أم فاطمة وغيرها من المرضى انتهاء مجلس النواب من هذا القانون قائلة بصوت خافت: "أبحث عن العلاج منذ 21 عاما، ليس لديهم شيء آخر ليقدموه غير الدواء".
*تم إعداد التحقيق بدعم من شبكة (أريج) "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية"