العكرمي لـ"العربي الجديد":لا يمكن محاربة الفساد بتونس بمسؤولين فاسدين

05 أكتوبر 2015
العكرمي قدم استقالته اليوم (فرانس برس)
+ الخط -
قدم لزهر العكرمي، الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب التونسي، اليوم الإثنين، استقالته إلى رئيس الحكومة، الحبيب ‏‏الصيد، وقال إنه لا يستطيع الاستمرار في الحكومة وهو يرى الفساد الذي استشرى في البلاد. وذكر في نص ‏استقالته "أرفض ‏أن أكون جنديّاً يحمل نياشين وأوسمة مغموسة في مذلّة السلطة والمناصب، التي لو دامت لغيرك لما ‏وصلت إليك".‏


وأوضح العكرمي أنه قدم استقالته لأنه لمس أن جهوده في محاربة الفساد ليست كافية، بسبب التجاذبات ‏السياسية الكبيرة في البلاد، ‏مشدداً في المقابل على أنه سيظل وفياً لحزب "نداء تونس".‏

العكرمي، وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أشار إلى أنّ القضية تكمن في شكل إدارة الحكم نفسه، وأن العلة تكمن في النظام برمته، لافتاً ‏إلى أنّه سينشر تفاصيل أسباب الاستقالة المطولة، التي خطها في سبع صفحات كاملة.‏

ورأى أنه منتخب كنائب من قبل عشرات آلاف المواطنين، ولكنه شعر أنه لم يعد باستطاعته تقديم شيء لهم، و‏لذلك اختار الاستقالة من الحكومة والتفرغ للحزب، ولعائلته.‏

مضمون الرسالة، الذي تداولته المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، ذهب في نفس الاتجاه، إذ كتب العكرمي أنه ليس ‏"في ‏حاجة إلى سيارة مرسيدس فاخرة، وإلى امتيازات وإلى راتب وزاري"، وأنه أراد خدمة الشعب انطلاقا من إيمانه بأن ‏إرجاع ‏الاقتصاد وإقامة دولة على أسس ديمقراطية جديدة، لا تكون إلّا بمحاربة الفساد.‏

إلى ذلك، اعتبر أن هناك إقصاء ممنهجاً من كل القرارات، وغياباً تامّاً للمعلومة، ‏ومنعه من أي تصرف حتى صار يتحرك في ‏مساحة زنزانة سياسيّة انفراديّة، يراد منها نزع أية مصداقية عنه وإحالته إلى ‏تقاعد سياسي مبكر.‏

العكرمي قال إن القرارات التي تتخذ والتعيينات التي تمضى والتوجهات التي تصاغ تصلهم عبر وسائل الإعلام، ثمّ يطلبون ‏منهم ‏الدفاع عن الحكومة بحجة أن الفريق الحكومي يجب أن يكون متضامناً، متسائلاً إذا كانت هناك إرادة فعلية للتصدي ‏للفساد، لأنّه لا ‏يمكن محاربة الفساد بمسؤولين فاسدين، ولا يمكن للعقول الاستبدادية أن تقود الديمقراطية،على حدّ تعبيره. ‏

‏كما أشار إلى أنّه نبّه إلى ملفات بعينها وإلى أشخاص متورطين، لا تستحق فقط الطرد بل المحاسبة الفورية والسجن،‏ ولكنه وجد ‏نفسه كمن يصيح في الخلاء أو كمن يجذف في بحيرة لا ماء فيها، في حكومة قيل إنّ أيديها مرتعشة، "وأنا أقول أن ‏لا أيادي لها أصلا ‏لترتعش.‏"

وشدد على أن الفساد هو مؤشر للاستبداد، وما نحن فيه اليوم هو سيطرة الإقطاع السياسي و‏سياسة الفساد ‏في ظل الفوضى المنظمة وليست الديمقراطية.‏

وتأتي استقالة العكرمي في ظل صراعات قوية داخل "نداء تونس" استعدادا للمؤتمر المقبل، وفي ظل تواتر الأخبار حول ‏تعديلات ‏حكومية وشيكة.

بدوره، قال المدير التنفيذي للحزب، بوجمعة الرميلي، إنه فوجئ بالاستقالة ولم يُستشر فيها الحزب، ولم ‏يعلم بها برغم ‏أنه اجتمع يوم الجمعة الماضي، وقال إن الحزب ينتظر توضيحات من العكرمي بخصوص هذه الاستقالة.‏

وعلّق اعضاء في الحزب على هذه الاستقالة، إذ قال بعضهم لـ"العربي الجديد" إنّه لا أهمية لها سياسياً، لأن المنصب في ‏حد ‏ذاته ليس مهما، مشيرين إلى أن الهدف منه هو إرباك الحكومة ورئيسها، الحبيب الصيد، بغاية تحقيق أهداف سياسية ‏أخرى.‏

وفي هذا السياق، لفت المتحدث باسم رئيس الحكومة، ظافر ناجي، في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ رئيس الحكومة لا يعارض هذه الاستقالة، ويرى أنه من ‏حق ‏أي وزير في نظام ديمقراطي أن يستقيل.‏

اقرأ أيضاً: "نداء تونس" على مفترق التوحيد أو التقسيم

المساهمون