فاقمت الحرب الطاحنة في اليمن من أزمة المياه التي تهدد السكان بمزيد من العطش في بلد غارق في الصراعات والأزمات. ورغم الإجراءات الاحترازية لوزارة المياه وإصدار الحكومة قانوناً يمنع الحفر العشوائي للآبار الجوفية في محاولة للحد من مخاطر الأمن المائي زادت عمليات حفر الآبار العشوائية لتصل إلى 13500 بئر في حوض صنعاء فقط، حسب تقارير رسمية.
وكان الغرض الرئيسي من حفر هذه الآبار، ري أشجار القات التي تستهلك تقريباً من 80% إلى 90% من المياه، في الوقت الذي يعاني منه اليمنيون من شح الموارد المائية.
وتسعى الحكومة إلى متابعة تنفيذ التشريعات التي تحافظ على الأمن المائي، عبر الأجهزة الأمنية والمجالس المحلية، حيث تلزم المواطنين بالحصول على ترخيص قبل حفر أي بئر جوفية، لكن الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام أدت إلى فوضى في عمليات الحفر وعلى مستوى العديد من المناطق في ظل ضعف الأجهزة الحكومية وانعدام الرقابة.
وكان اليمن قبل الحرب يصنف واحدا من أكثر الدول التي تواجه أزمة في المياه، في ظل تحذيرات مؤسسات دولية من نضوب المياه الجوفية في اليمن بحلول عام 2017، لكن الحرب فاقمت من المشكلة، في إطار الاضطرابات وغياب الدولة وانتشار النزاعات المسلحة، حيث زاد الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، وانهارت مؤسسات المياه الحكومية، ما يهدّد البلاد بكارثة كبرى.
وتبدو مشكلة المياه في اليمن معقدة إلى حد كبير، حيث أن القات هو السلعة الوحيدة التي ظلت تنتعش في ظل الحرب وتحقق عائدات مجزية ولذا اتجه المزارعون إلى حفر الآبار العشوائية لري أشجار القات، الأمر الذي يهدد المياه الجوفية بالنضوب.
وتعاني مؤسسات المياه الحكومية من مخاطر التوقف نتيجة عدم توفر موارد مالية تكفي لتقديم خدماتها وسداد مرتبات موظفيها، وحذرت مؤسسة المياه بصنعاء، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من انهيارها لعدم قدرتها على مواصلة تقديم المياه وخدمات الصرف الصحي لسكان العاصمة بسبب انقطاع الكهرباء وعجز المؤسسة عن توفير الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه ومحطة معالجة الصرف الصحي.
كما حذرت أيضاُ مؤسسة المياه في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوبي البلاد) من توقف خدماتها بسبب ارتفاع المديونية لدى المشتركين من افراد ومؤسسات والتي بلغت أكثر من 10 مليارات ريال (حوالي 65 مليون دولار).
وأدى توقف الكهرباء وانعدام الوقود إلى تعطل مؤسسات المياه المحلية عن ضخ مياه الشرب إلى المنازل، فيما يعاني اليمنيون للحصول على المياه من مصادر بديلة منها الآبار، وشكلت الألواح الشمسية خيارا رئيسيا للسكان بهدف تشغيل الآبار الجوفية الخاصة للحصول على مياه الشرب وللزراعة.
وتقول تقارير حكومية إن الاشتباكات بسبب المياه صارت تقتل الكثير من الناس في السنوات القليلة الماضية، وبلغت ذروتها فيما بين عامي 2011 و2012، وتوضح التقارير، أن 80% من النزاعات في المناطق الداخلية بالبلاد تدور حول المياه، وتتسبب في مقتل نحو 4000 يمني سنويًّا.
وتعد مدينة تعز (جنوبي اليمن) أكثر المناطق معاناة، حيث كانت المياه تصل إلى المنازل كل 40 يوماً، وفاقم الصراع المعاناة وتوقفت مؤسسة المياه الحكومية عن ضخ المياه الى المنازل منذ بداية الحرب.
وحولت أزمة المياه في تعز الأطفال الصغار للعمل في جلب المياه إلى منازلهم، حيث ينتشر مئات الأطفال في شوارع المدينة رغم المواجهات المسلحة، ويذهبون لجلب المياه من المساجد القريبة أومن براميل وضعها فاعلو خير ومنظمات مدنية في الحارات في ما يعرف بـ "مياه السبيل"، ثم يذهبون بها إلى أسرهم.
وقد سقط أطفال قتلى وجرحى برصاص قناصة أو بشظايا قذائف وهم في طريقهم لجلب المياه.
وفي هذا السياق، قالت الطفلة ميرا حزام (10 أعوام) لـ "العربي الجديد"، إنه في ظل توقف الدراسات ترسلني أمي لجلب الماء من مسجد الحي أو من مياه السبيل، أنا أذهب خمس مرات في الصباح ومرتين في المساء.
اقرأ أيضا: خفض الريال اليمني يُشرعن السوق السوداء ويرفع التضخم
وأضافت حزام، أمي تصطحبني أحيانا، وفي بعض الأوقات أذهب بمفردي، وعندما سمعنا بمقتل أطفال ذهبوا لجلب المياه منعتني أمي من الخروج ليومين، لكنها بعد ذلك طلبت مني الخروج بعد نفاد المياه.
وتؤكد تقارير المنظمات الدولية، أن مدينة تعز تعيش أزمة مياه حادة ومزمنة، وهي الآن أكثر حدة مع استمرار المواجهات المسلحة في المدينة.
وقال الناشط في المجال الإنساني ياسين القباطي، لـ "العربي الجديد"، إن تعز ظلت محاصرة لحوالي 10 أشهر، لا وقود يشغل محطات الضخ من آبارها ولا يسمح بدخول ناقلات الماء إلى المدينة، النساء تبكي عندما تشاهد تسلل سيارات نقل المياه إلى الأحياء والأطفال يتسابقون للحصول على قليل من الماء".
وأفاد تقرير لائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز، أن نسبة انعدام خدمتي الكهرباء والمياه، بلغت 100%، وأن 1.6 مليون نسمة يحتاجون إلى إغاثة عاجلة في مياه الشرب.
وبحسب ناشطين محليين، فإن أسعار المياه التي تحضرها الشاحنات ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف، بينما تحتاج الشاحنات إلى أربعة أو خمسة أيام لتوصيل المياه إلى داخل مدينة تعز.
وأكد ناشطون لـ "العربي الجديد"، أن سكان المدينة أصبحوا يعتمدون في مياه الشرب، على المساعدات الإغاثية التي تقدمها منظمات محلية ودولية تقوم بتوزيع المياه في الأحياء عبر صهاريج.
وأكدت منظمة أجيال بلا قات المحلية، أنها بدأت منتصف مارس/آذار الجاري، في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع توزيع المياه الصالحة للشرب لسكان مدينة تعز، وسيعمل المشروع على توزيع 99 ألف لتر من المياه الصالحة للشرب وبشكل يومي لـ 33 منطقة في إطار مديرية القاهرة بمعدل 3 آلاف لتر لكل منطقة، على مدى أربعة اشهر.
ولا تقتصر أزمة المياه على مدينة تعز، إذ تعاني العديد من مناطق اليمن أزمةً حادةً في مياه الشرب والزراعة والاستعمالات الأخرى، وتتفاقم الازمة بشكل مقلق للغاية في وقت تشهد فيه البلاد حرباً طاحنة منذ مارس/آذار 2015.
ويقدر العجز المائي في اليمن سنوياً، وفقاً لتقرير رسمي، بمليار متر مكعب، من جرّاء تناقص منسوب المياه الجوفية وبمعدل سنوي يصل إلى سبعة أمتار في بعض الأحواض المائية، خصوصاً في حوضي "صنعاء وصعدة".
وحسب تقارير دولية، تصنف اليمن ضمن مؤشّرات البلدان الأكثر فقراً عالمياً في حصة الفرد من المياه، والمقدرة سنوياً بـ120 متراً مكعباً، مقارنة بـ7500 متر مكعب في دول العالم و1250 مترا مكعّبا لدول أفريقيا والشرق الأوسط.
اقرأ أيضا: عام من الحرب..الاقتصاد اليمني يتحمل فاتورة باهظة
وكان الغرض الرئيسي من حفر هذه الآبار، ري أشجار القات التي تستهلك تقريباً من 80% إلى 90% من المياه، في الوقت الذي يعاني منه اليمنيون من شح الموارد المائية.
وتسعى الحكومة إلى متابعة تنفيذ التشريعات التي تحافظ على الأمن المائي، عبر الأجهزة الأمنية والمجالس المحلية، حيث تلزم المواطنين بالحصول على ترخيص قبل حفر أي بئر جوفية، لكن الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام أدت إلى فوضى في عمليات الحفر وعلى مستوى العديد من المناطق في ظل ضعف الأجهزة الحكومية وانعدام الرقابة.
وكان اليمن قبل الحرب يصنف واحدا من أكثر الدول التي تواجه أزمة في المياه، في ظل تحذيرات مؤسسات دولية من نضوب المياه الجوفية في اليمن بحلول عام 2017، لكن الحرب فاقمت من المشكلة، في إطار الاضطرابات وغياب الدولة وانتشار النزاعات المسلحة، حيث زاد الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، وانهارت مؤسسات المياه الحكومية، ما يهدّد البلاد بكارثة كبرى.
وتبدو مشكلة المياه في اليمن معقدة إلى حد كبير، حيث أن القات هو السلعة الوحيدة التي ظلت تنتعش في ظل الحرب وتحقق عائدات مجزية ولذا اتجه المزارعون إلى حفر الآبار العشوائية لري أشجار القات، الأمر الذي يهدد المياه الجوفية بالنضوب.
وتعاني مؤسسات المياه الحكومية من مخاطر التوقف نتيجة عدم توفر موارد مالية تكفي لتقديم خدماتها وسداد مرتبات موظفيها، وحذرت مؤسسة المياه بصنعاء، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من انهيارها لعدم قدرتها على مواصلة تقديم المياه وخدمات الصرف الصحي لسكان العاصمة بسبب انقطاع الكهرباء وعجز المؤسسة عن توفير الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه ومحطة معالجة الصرف الصحي.
كما حذرت أيضاُ مؤسسة المياه في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوبي البلاد) من توقف خدماتها بسبب ارتفاع المديونية لدى المشتركين من افراد ومؤسسات والتي بلغت أكثر من 10 مليارات ريال (حوالي 65 مليون دولار).
وأدى توقف الكهرباء وانعدام الوقود إلى تعطل مؤسسات المياه المحلية عن ضخ مياه الشرب إلى المنازل، فيما يعاني اليمنيون للحصول على المياه من مصادر بديلة منها الآبار، وشكلت الألواح الشمسية خيارا رئيسيا للسكان بهدف تشغيل الآبار الجوفية الخاصة للحصول على مياه الشرب وللزراعة.
وتقول تقارير حكومية إن الاشتباكات بسبب المياه صارت تقتل الكثير من الناس في السنوات القليلة الماضية، وبلغت ذروتها فيما بين عامي 2011 و2012، وتوضح التقارير، أن 80% من النزاعات في المناطق الداخلية بالبلاد تدور حول المياه، وتتسبب في مقتل نحو 4000 يمني سنويًّا.
وتعد مدينة تعز (جنوبي اليمن) أكثر المناطق معاناة، حيث كانت المياه تصل إلى المنازل كل 40 يوماً، وفاقم الصراع المعاناة وتوقفت مؤسسة المياه الحكومية عن ضخ المياه الى المنازل منذ بداية الحرب.
وحولت أزمة المياه في تعز الأطفال الصغار للعمل في جلب المياه إلى منازلهم، حيث ينتشر مئات الأطفال في شوارع المدينة رغم المواجهات المسلحة، ويذهبون لجلب المياه من المساجد القريبة أومن براميل وضعها فاعلو خير ومنظمات مدنية في الحارات في ما يعرف بـ "مياه السبيل"، ثم يذهبون بها إلى أسرهم.
وقد سقط أطفال قتلى وجرحى برصاص قناصة أو بشظايا قذائف وهم في طريقهم لجلب المياه.
وفي هذا السياق، قالت الطفلة ميرا حزام (10 أعوام) لـ "العربي الجديد"، إنه في ظل توقف الدراسات ترسلني أمي لجلب الماء من مسجد الحي أو من مياه السبيل، أنا أذهب خمس مرات في الصباح ومرتين في المساء.
اقرأ أيضا: خفض الريال اليمني يُشرعن السوق السوداء ويرفع التضخم
وأضافت حزام، أمي تصطحبني أحيانا، وفي بعض الأوقات أذهب بمفردي، وعندما سمعنا بمقتل أطفال ذهبوا لجلب المياه منعتني أمي من الخروج ليومين، لكنها بعد ذلك طلبت مني الخروج بعد نفاد المياه.
وتؤكد تقارير المنظمات الدولية، أن مدينة تعز تعيش أزمة مياه حادة ومزمنة، وهي الآن أكثر حدة مع استمرار المواجهات المسلحة في المدينة.
وقال الناشط في المجال الإنساني ياسين القباطي، لـ "العربي الجديد"، إن تعز ظلت محاصرة لحوالي 10 أشهر، لا وقود يشغل محطات الضخ من آبارها ولا يسمح بدخول ناقلات الماء إلى المدينة، النساء تبكي عندما تشاهد تسلل سيارات نقل المياه إلى الأحياء والأطفال يتسابقون للحصول على قليل من الماء".
وأفاد تقرير لائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز، أن نسبة انعدام خدمتي الكهرباء والمياه، بلغت 100%، وأن 1.6 مليون نسمة يحتاجون إلى إغاثة عاجلة في مياه الشرب.
وبحسب ناشطين محليين، فإن أسعار المياه التي تحضرها الشاحنات ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف، بينما تحتاج الشاحنات إلى أربعة أو خمسة أيام لتوصيل المياه إلى داخل مدينة تعز.
وأكد ناشطون لـ "العربي الجديد"، أن سكان المدينة أصبحوا يعتمدون في مياه الشرب، على المساعدات الإغاثية التي تقدمها منظمات محلية ودولية تقوم بتوزيع المياه في الأحياء عبر صهاريج.
وأكدت منظمة أجيال بلا قات المحلية، أنها بدأت منتصف مارس/آذار الجاري، في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع توزيع المياه الصالحة للشرب لسكان مدينة تعز، وسيعمل المشروع على توزيع 99 ألف لتر من المياه الصالحة للشرب وبشكل يومي لـ 33 منطقة في إطار مديرية القاهرة بمعدل 3 آلاف لتر لكل منطقة، على مدى أربعة اشهر.
ولا تقتصر أزمة المياه على مدينة تعز، إذ تعاني العديد من مناطق اليمن أزمةً حادةً في مياه الشرب والزراعة والاستعمالات الأخرى، وتتفاقم الازمة بشكل مقلق للغاية في وقت تشهد فيه البلاد حرباً طاحنة منذ مارس/آذار 2015.
ويقدر العجز المائي في اليمن سنوياً، وفقاً لتقرير رسمي، بمليار متر مكعب، من جرّاء تناقص منسوب المياه الجوفية وبمعدل سنوي يصل إلى سبعة أمتار في بعض الأحواض المائية، خصوصاً في حوضي "صنعاء وصعدة".
وحسب تقارير دولية، تصنف اليمن ضمن مؤشّرات البلدان الأكثر فقراً عالمياً في حصة الفرد من المياه، والمقدرة سنوياً بـ120 متراً مكعباً، مقارنة بـ7500 متر مكعب في دول العالم و1250 مترا مكعّبا لدول أفريقيا والشرق الأوسط.
اقرأ أيضا: عام من الحرب..الاقتصاد اليمني يتحمل فاتورة باهظة