10 يناير 2021
العسكر والإخوان... هل يعيد التاريخ نفسه؟
يبدو أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قد سار على خطى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في كيفية التعامل مع الإخوان، وهو ما يبدو ظاهراً في تبنى السيسي سياسات عبدالناصر نفسها تجاه الجماعة، والتي تتمثل في:
- كسر التحالف بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى:
حيث يتم فك الترابط والتضامن بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى، من خلال إيهام القوى السياسية الأخرى بأن هناك تحالفا بين النظام والإخوان (وقد تكون هناك تفاهمات بالفعل)، ثم بعد ذلك ينفرد النظام بالإخوان مستخدماً أشد الإجراءات ضدهم دون أن يكون هناك تعاطف من جانب القوى الأخرى.
حدث ذلك عندما قام مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب السياسية في يناير/ كانون الثاني 1953، باستثناء جماعة الإخوان، ما بعث برسالة قوية إلى القوى السياسية بوجود تحالف بين الإخوان والنظام، ليقوم النظام بعد ذلك بحل الإخوان في 14 فبراير/ شباط 1954، دون أن تتضامن معها القوى السياسية. وهي الفكرة التي ظهرت أيضاً بعد ثورة يناير 2011، فقد تم الحديث عن وجود صفقة بين المجلس العسكري والإخوان، وأن المجلس العسكري قد باع الثورة لهم، وزاد الحديث عن أن الإخوان قد قاموا ببيع الثوار في محمد محمود وماسبيرو، ولذلك عندما تم إقصاء الإخوان في 2013 لم تلق أي تعاطف من جانب القوى السياسية الأخرى.
- اللعب على التناقضات والخلافات داخل الجماعة، ويتم ذلك من خلال وسيلتين:
الأولى: وسيلة سياسية، فقد عمل مجلس قيادة الثورة (ثورة يوليو/ تموز 1952) على إثارة الخلاف بين الإخوان من خلال قبول بعض مرشحي الإخوان لتولي مناصب سياسية في مقابل رفض البعض الآخر، وفي هذه الحالة يتم رفض المرشحين الممثلين بصورة مباشرة للجماعة ككيان في حين يتم قبول المرشحين المعبرين عن توجهاتهم الشخصية بدرجة أكبر من تبنيهم لتوجهات الجماعة.
وتمثل ذلك في قيام الجماعة بترشيح مرشحين لتولي حقائب وزارية في حكومة محمد نجيب التي تشكلت بعد استقالة حكومة علي ماهر في ديسمبر/ كانون الأول 1952، وكان من ضمن هؤلاء المرشحين الشيخ أحمد حسن الباقوري، وعندما قامت الجماعة بسحب مرشحيها، صمم الباقوري على الترشح، فتم فصله من قبل الجماعة. وهي الحادثة المشابهة لما حدث بعد ثورة يناير 2011 عندما ترشح عبدالمنعم أبو الفتوح للرئاسة، فرفضت الجماعة ذلك، وعندما صمم أبو الفتوح على خوض الانتخابات تم فصله، إلا أنه تم السماح من قبل المجلس العسكري الحاكم وقتئذ لأبو الفتوح بخوض الانتخابات فيما تم منع خيرت الشاطر من ذلك.
أما الثانية: فهي وسيلة إعلامية، من خلال فتح المجال الإعلامي أمام المنشقين عن الإخوان لنقد قيادات الجماعة، مثل السماح لمجلة الدعوة التي كان يملكها جناح صالح عشماوي بالعمل، وهي المجلة التي كان يتم فيها توجيه النقد للقيادات الإخوانية بعدم قدرتها على السيطرة على أجنحة الجماعة، ووصلت إلى حد وصف المرشد العام بالديكتاتور، والبعد عن تعاليم الإسلام. وهو ما يتم حالياً من خلال فتح المجال الإعلامي لعدد من القيادات المنشقة عن الجماعة، مثل كمال الهلباوي وثروت الخرباوي.
- إثارة القوى الخارجية ضد الجماعة:
فقد عاد التصادم وبقوة بين عبدالناصر والإخوان بعد قيام الهضيبي - مرشد الجماعة - بنقد اتفاقية الجلاء التي تم توقيعها بين مجلس قيادة الثورة والبريطانيين، فقد أشار الهضيبي إلى أن هذه الاتفاقية تتضمن تنازلات كبيرة من جانب مصر، وهو ما أدى إلى عدم وجود معارضة -وربما دعم - بريطانية لما قام به عبدالناصر من تنكيل بالجماعة في ما بعد.
وهو ما يذكرنا بما حدث بعد فوز الإخوان بالبرلمان، من خلال الترويج لسعيهم إلى إلغاء اتفاقية كامب ديفيد، ما أدى إلى عدم وجود معارضة أميركية في ما بعد لما قام به السيسي ضد الجماعة.
- إيجاد بديل ديني للإخوان:
فبعد تصاعد الصراع بين عبدالناصر والإخوان عقب حادث المنشية في أكتوبر/ تشرين الأول 1954، عمل النظام على اللجوء إلى الأزهر من أجل ملء الفراغ الذي تركه الإخوان، فقد سلك عبد الناصر سياسية دينية تقوم على احتواء الأزهر كمؤسسة دينية حكومية وكبديل لجماعة الإخوان، وذلك من خلال إعداد الأزهر لخطبة مركزية من خلال المساجد في خطب الجمعة لاحتواء بقية خلايا الإخوان. وقد زاد عدد خطباء المساجد خلال هذه الفترة، وكانت خطة النظام تهدف من ذلك إلى توظيف هؤلاء لنشر آراء الحكومة سواء في المساجد التابعة للأوقاف أو في المساجد الأهلية، ولسد الفراغ الذي وجد بعد إبعاد خطباء الجماعة.
وهي السياسة نفسها التي تتم ممارستها الآن من خلال قيام وزارة الأوقاف بتوحيد خطبة الجمعة، وعدم السماح لغير الأزهريين - خاصة المحسوبين على الإخوان - بصعود المنابر.
وهو ما يدفعنا إلى القول إن السيسي كان قارئاً جيداً للسياسة الناصرية في التعامل مع جماعة الإخوان، وقام بتطبيقها بحذافيرها، ويبدو أن هذه السياسة نجحت إلى حد بعيد في تحقيق أهدافها.
- كسر التحالف بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى:
حيث يتم فك الترابط والتضامن بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى، من خلال إيهام القوى السياسية الأخرى بأن هناك تحالفا بين النظام والإخوان (وقد تكون هناك تفاهمات بالفعل)، ثم بعد ذلك ينفرد النظام بالإخوان مستخدماً أشد الإجراءات ضدهم دون أن يكون هناك تعاطف من جانب القوى الأخرى.
حدث ذلك عندما قام مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب السياسية في يناير/ كانون الثاني 1953، باستثناء جماعة الإخوان، ما بعث برسالة قوية إلى القوى السياسية بوجود تحالف بين الإخوان والنظام، ليقوم النظام بعد ذلك بحل الإخوان في 14 فبراير/ شباط 1954، دون أن تتضامن معها القوى السياسية. وهي الفكرة التي ظهرت أيضاً بعد ثورة يناير 2011، فقد تم الحديث عن وجود صفقة بين المجلس العسكري والإخوان، وأن المجلس العسكري قد باع الثورة لهم، وزاد الحديث عن أن الإخوان قد قاموا ببيع الثوار في محمد محمود وماسبيرو، ولذلك عندما تم إقصاء الإخوان في 2013 لم تلق أي تعاطف من جانب القوى السياسية الأخرى.
- اللعب على التناقضات والخلافات داخل الجماعة، ويتم ذلك من خلال وسيلتين:
الأولى: وسيلة سياسية، فقد عمل مجلس قيادة الثورة (ثورة يوليو/ تموز 1952) على إثارة الخلاف بين الإخوان من خلال قبول بعض مرشحي الإخوان لتولي مناصب سياسية في مقابل رفض البعض الآخر، وفي هذه الحالة يتم رفض المرشحين الممثلين بصورة مباشرة للجماعة ككيان في حين يتم قبول المرشحين المعبرين عن توجهاتهم الشخصية بدرجة أكبر من تبنيهم لتوجهات الجماعة.
وتمثل ذلك في قيام الجماعة بترشيح مرشحين لتولي حقائب وزارية في حكومة محمد نجيب التي تشكلت بعد استقالة حكومة علي ماهر في ديسمبر/ كانون الأول 1952، وكان من ضمن هؤلاء المرشحين الشيخ أحمد حسن الباقوري، وعندما قامت الجماعة بسحب مرشحيها، صمم الباقوري على الترشح، فتم فصله من قبل الجماعة. وهي الحادثة المشابهة لما حدث بعد ثورة يناير 2011 عندما ترشح عبدالمنعم أبو الفتوح للرئاسة، فرفضت الجماعة ذلك، وعندما صمم أبو الفتوح على خوض الانتخابات تم فصله، إلا أنه تم السماح من قبل المجلس العسكري الحاكم وقتئذ لأبو الفتوح بخوض الانتخابات فيما تم منع خيرت الشاطر من ذلك.
أما الثانية: فهي وسيلة إعلامية، من خلال فتح المجال الإعلامي أمام المنشقين عن الإخوان لنقد قيادات الجماعة، مثل السماح لمجلة الدعوة التي كان يملكها جناح صالح عشماوي بالعمل، وهي المجلة التي كان يتم فيها توجيه النقد للقيادات الإخوانية بعدم قدرتها على السيطرة على أجنحة الجماعة، ووصلت إلى حد وصف المرشد العام بالديكتاتور، والبعد عن تعاليم الإسلام. وهو ما يتم حالياً من خلال فتح المجال الإعلامي لعدد من القيادات المنشقة عن الجماعة، مثل كمال الهلباوي وثروت الخرباوي.
- إثارة القوى الخارجية ضد الجماعة:
فقد عاد التصادم وبقوة بين عبدالناصر والإخوان بعد قيام الهضيبي - مرشد الجماعة - بنقد اتفاقية الجلاء التي تم توقيعها بين مجلس قيادة الثورة والبريطانيين، فقد أشار الهضيبي إلى أن هذه الاتفاقية تتضمن تنازلات كبيرة من جانب مصر، وهو ما أدى إلى عدم وجود معارضة -وربما دعم - بريطانية لما قام به عبدالناصر من تنكيل بالجماعة في ما بعد.
وهو ما يذكرنا بما حدث بعد فوز الإخوان بالبرلمان، من خلال الترويج لسعيهم إلى إلغاء اتفاقية كامب ديفيد، ما أدى إلى عدم وجود معارضة أميركية في ما بعد لما قام به السيسي ضد الجماعة.
- إيجاد بديل ديني للإخوان:
فبعد تصاعد الصراع بين عبدالناصر والإخوان عقب حادث المنشية في أكتوبر/ تشرين الأول 1954، عمل النظام على اللجوء إلى الأزهر من أجل ملء الفراغ الذي تركه الإخوان، فقد سلك عبد الناصر سياسية دينية تقوم على احتواء الأزهر كمؤسسة دينية حكومية وكبديل لجماعة الإخوان، وذلك من خلال إعداد الأزهر لخطبة مركزية من خلال المساجد في خطب الجمعة لاحتواء بقية خلايا الإخوان. وقد زاد عدد خطباء المساجد خلال هذه الفترة، وكانت خطة النظام تهدف من ذلك إلى توظيف هؤلاء لنشر آراء الحكومة سواء في المساجد التابعة للأوقاف أو في المساجد الأهلية، ولسد الفراغ الذي وجد بعد إبعاد خطباء الجماعة.
وهي السياسة نفسها التي تتم ممارستها الآن من خلال قيام وزارة الأوقاف بتوحيد خطبة الجمعة، وعدم السماح لغير الأزهريين - خاصة المحسوبين على الإخوان - بصعود المنابر.
وهو ما يدفعنا إلى القول إن السيسي كان قارئاً جيداً للسياسة الناصرية في التعامل مع جماعة الإخوان، وقام بتطبيقها بحذافيرها، ويبدو أن هذه السياسة نجحت إلى حد بعيد في تحقيق أهدافها.