يجري العراق مباحثات متواصلة، مع الدول المانحة ودول المنطقة العربية، في إطار البحث عن سبل إعادة تعمير المناطق المدمرة جراء العمليات العسكرية المستمرة، في مختلف مدنه، في وقت تشهد البلاد فيه تدهوراً أمنياً وسياسياً وأزمة اقتصادية خانقة.
ويبحث صندوق إعادة تعمير المناطق المتضررة من العمليات العسكرية الفرص الممكنة لمشاركة عدد من دول المنطقة في تعمير مدن العراق المدمرة، ومنها لبنان التي يتباحث معها الصندوق بهذا الصدد.
وكشف رئيس صندوق إعادة التعمير في العراق، عبد الباسط تركي، بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني في بيروت، أن" دول المنطقة والصديقة للعراق لها دور كبير في مساعدة البلاد في إعادة تعمير مدنها المتضررة والمدمرة ".
وقال تركي في بيان، اليوم، إنه" تم إطلاع رئيس الوزراء اللبناني، تمام سلام، على محاولات العراق إعادة تعمير مدنه المدمرة وفرص مساهمة ومشاركة لبنان في ذلك وقد رحب بهذا الطرح ".
وأضاف تركي أن" هناك فرصاً للدول الإقليمية والصديقة للعراق كذلك في هذا الشأن، لإعادة تعمير المناطق والمدن العراقية المتضررة والمدمرة".
يأتي ذلك في وقت تمكنت فيه القوات العراقية من استعادة عدد من المدن والقرى والبلدات من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، بعد معارك وعمليات عسكرية جوية وبرية أسفرت عن دمار كبير في البنية التحتية والأحياء السكنية لتلك المدن، ومنها مدينتا الرمادي وهيت في الأنبار، غربي العراق.
وتعصف بالعراق أزمة اقتصادية خانقة ما زالت تهدد أكثر من 7 ملايين موظف ومتقاعد، في عموم البلاد، بقطع رواتبهم أو تخفيضها، لعدم قدرة الدولة على دفعها في حال استمرار الأزمة بحسب مسؤولين.
وفي هذا الوقت لا تمتلك الحكومة العراقية قدرات مالية على إعادة تعمير المناطق المدمرة، والتي سيلحقها الدمار خلال العمليات العسكرية والقصف الجوي والبري، مما يعني استمرار تشرد نحو أربعة ملايين عراقي من تلك المناطق إذا لم تتم إعادة بنائها.
ويتطلع العراق إلى الدول المانحة والمشاركات من الدول العربية والإقليمية في تعمير تلك المناطق، بعد استتباب الأمن في البلاد واستعادة باقي المدن التي لا تزال خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، وهذا يعني أن البدء بإعادة التعمير لن يكون قبل استعادة باقي المدن بحسب الخبراء.
وكان صندوق إعادة تعمير المناطق المدمرة في العراق قد أعلن، أول أمس، عن شروع البنك الدولي في دراسة شمول المناطق، التي استعادتها القوات العراقية، في عمليات الإعمار المرتقبة .
وشكل الصندوق في مارس / آذار الماضي أربع لجان متخصصة بهدف دراسة الخطط اللازمة لتعمير تلك المناطق، وطرحها خلال مؤتمر المانحين، الذي كان من المزمع عقده في العاصمة الأردنية عمان والذي تم تأجيله للانعقاد في مايو/ أيار الجاري .
ودعت وزارة الخارجية العراقية سفراء العراق حول العالم للتنسيق مع حكومات البلدان الموفدين إليها، لحثهم نحو حضور المؤتمر بهدف توسيع دائرة المساهمة الفاعلة في إعادة تعمير مدن العراق المدمرة.
لكن الدمار الهائل في المدن، التي استعادتها القوات العراقية، قد يحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة بنائها في ظل استمرار عمليات الكر والفر بين تنظيم الدولة "داعش" والقوات العراقية في تلك المدن .
وساهمت المليشيات المساندة للقوات العراقية في تدمير تلك المدن وتحويلها إلى خرائب متناثرة، وخاصة مدن بيجي وتكريت في صلاح الدين، شمالي بغداد، إضافة إلى عمليات التفخيخ التي اتبعها تنظيم "داعش" وعمليات القصف الجوي والبري للقوات العراقية والتحالف الدولي، فيما وجد أهالي الرمادي العائدون من النزوح أنفسهم في ورطة كبيرة وسط مدينة مدمرة، حيث تنتشر أكوام الركام في كل مكان بعد أن دمرت الأحياء السكنية ومحطات الماء والكهرباء والدوائر والمؤسسات والمدارس والمحال والمجمعات التجارية والأسواق والمراكز الطبية والجسور وأعمدة ومحولات الكهرباء.
ويقول مهندسون وخبراء إن الحديث عن إعادة تعمير المناطق المدمرة في العراق خداع، لأن القوات العراقية لا تتحكم بالأرض بشكل فعلي في كافة المناطق التي دخلتها، وما زالت تتعرض لهجمات نوعية وكبيرة من قبل تنظيم "داعش"، تمنع أية فرصة للبدء بخطط إعادة التعمير، التي تتحدث عنها الحكومة العراقية، وأن هذه الطروحات تأتي من قبل أحزاب سياسية حاكمة في العراق بهدف سرقة أموال طائلة من الدول المانحة، تحت مسمى "إعادة تعمير المناطق المدمرة"، كما حصل سابقاً في العشرات من المشاريع الوهمية في البلاد.